قبل التعرف على طريقة تعليم الطفل الاحترام نعلم أنه في حياة كل منا طفل صغير يحتاج كي ينمو إلى الرعاية و العناية والاهتمام كالزرعة الصغيرة التي نرعاها حتى تصبح شجرة كبيرة، وكما يحتاج الطفل إلى الماء و الغذاء الذي يبقيه على قيد الحياة .
عاطفة الطفل وصحته النفسية
والعاطفة إحدى مقومات شخصية الطفل والتي لابد ان نوليها اهتمام كبير؛ كي يتمتع مستقبلا بالصحة النفسية و النضج العاطفي ، فالطفل في سنين حياته الأولى يعتمد على عاطفته في فهمه لذاته و فهمه للحياة من حوله ..فعقله الصغير لم ينم بعد و لم يكتسب من الخبرات ما تؤهله لهذا الفهم ..لذلك نجده يعتمد على مشاعره و أحاسيسه في التعامل مع واقعه.
وإهمال هذه الحقيقة أو الجهل بها تجعلنا نتهاون في احترام احتياجاته العاطفية وحمايته من الأمراض العاطفية؛ والتي من الممكن أن يتعرض لها فضلا عن الاهمال في تنمية و ترقية هذه العواطف.
الحاجة إلى الاحترام
ومن أهم الاحتياجات النفسية التي يحتاجها الطفل و كثيرا ما نهمل في منحها إياه خلال سنين حياته الاولى هي الحاجة إلى الاحترام.
يظن الكثير منا أن الطفل لا يفهم معنى الاحترام و لا يشعر به مما يدفعنا الى سهوله اهانته اللفظية و البدنية ولا نجد أي حرج في ذلك ؛ لأنه طفل لا يفهم ولأننا بنربيه، و مع الإهمال يظهر اثر هذا الاهمال في شخصية لا تحترم الاخرين ولا تحترم مشاعرهم بالايذاء اللفظي و البدني.
فنجد الأم تشتكي من أن ابنها يضرب اخواته أو أصحابه …و يعضهم و يؤذيهم ..يأخذ اشياءهم ..يسبهم …يتعامل بعنف معهم .
وقد تشتكي من انزواء الطفل و ضعفه ..يضربه اصحابه فلا يدافع عن نفسه ..يسبه الآخرون فلا يحرك ساكنا ..ضعيفا بليدا لا مباليا.
وهذه نتائج عدم الاهتمام بمشاعره، و إيذائه المستمر وعدم احترامه فيكون رد فعله شخصية انفعالية منتقمة او شخصية منزوية تفضل الانعزال حتى لا تتعرض لمزيد من الأذى.
الطفل يحتاج إلى الاحترام أكثر مما يحتاجه الكبير …لان الكبير لديه من العقل ما يجعله يتقبل بعض الاهانات البسيطة والتي يعلم أنها غير مقصوده من أحب الناس إليه كوالديه مثلا ..لكن الطفل لايعلم ذلك؛ لان عقله لم ينم بعد و بالتالي وقع الاهانات والأذى النفسي قد تكون أكبر من وقعها على الكبير العاقل البالغ.
يحتاج الطفل إلى الاحترام حتى ينشأ انسانا محترما في ذاته (بفتح الراء ) محترما لغيره (بكسر الراء ) وذلك عن طريق:
– احترم شخصيته و تفرده عن غيره فلا تقارنه بالاخرين من اقرانه ..اصحابه أو أخوته ..فالمقارنة كما هي مؤذية لك فهي تؤذيه أيضا.
– احترم شخصيته بسلبياتها (القبول ) : لا تعايره بعيوبه و اخطائه فهو طفل من حقه أن يخطئ كي يتعلم بالتجربة.
– احترم عقله و فهمه للامور حسب عمره، فلا تسخر من افكاره و كلماته و اسئلته البسيطة .
– احترم مشاعره و احاسيسه و تعامل معها بجدية فلا تتجاهل غضبه و لا تقلل من قيمه مشاعره، و لا تهمل فرحته و سعادته.
– احترم لغته و ألفاظه و طرق التعبير عن ذاته ولا تهزأ بطريقة نطقه للكلمات أو بأسلوب كلامه كالتهتهة مثلا .
– احترم قدراته و امكانياته فلا تكلفه مالا يطيق و لا تقلل من حجم ملكاته ومهاراته .
– احترم اشياءه و ملابسه و لعبه فلا تتعامل معها وكانها ملك عام ؛ بل استأذنه إن احتجت شيئا منها .
– احترم شكله و ملامحه ولا تسخر منها .
– احترم رغباته و حاجياته بان توافقه عليها وتناقشه فيها ولكن لا تسارع إلى تلبية أي رغبة إلا في حدود المعقول والمقبول.
– احترم علاقاته و اصدقاءه فلا تسخرمنهم و لا تكن دائم النقد لهم و العيب فيهم.
– احترم مدرسيه و مدربيه الذين يحبهم، فلا تذكرهم امامه بما يكرهه.
– حاول أن تتعامل مع طفلك كانسان محترم تقدره و تحترمه حتى ينشا كما تريد.
وإليك بعض السلوكيات المدمرة لاحترام الطفل لنفسه و لك و للآخرين:
– النواهي مع التهديد بدون فهم؛ لماذا هذا منهي عنه.
– الأوامر مع التهديد بدون فهم لماذا هذا مامور به .
– النقد الهدام و التركيز على الفشل والأخطاء.
– الإهمال لحديثه و الانشغال المستمر عنه، و عدم منحه الوقت الكافي للحديث معه.
– العبوس في وجهه بشكل مستمر.
– المقاطعة لفترة طويلة.
– السخرية من شكله أو تصرفاته أو بعض صفاته و كلماته.
– اللمز و التغامز عليه.
– التنابز بالالقاب والقاء القاب ساخرة أو معيبة عليه.
– الحديث عن اخطائه امام الناس(الفضيحة ).
– الغيبة و ذكر اخطائه وعيوبه للناس، وتعريفه أنك قلت عنه هذا.
– السب و الشتم و التجريح و التعيير.
– الضرب والصراخ وهو من أبشع الإيذاء النفسي، والذي نتهاون فيهما كثيرا.
التعامل مع الطفل يحتاج قدر كبير من الحساسية للاسف نفتقدها في تعامل الكبار بعضهم مع بعض ..و لكن تأثيرها على الطفل توجد جروحا وندوبا قد تؤثر على التكوين العام لشخصيتة .
وكما ترعى الشجيرة الصغيرة بتغذيتها و حمايتها من الامراض ..لابد أن تعطيها من الفيتامينات و الاملاح التي تساعد على نموها.
تعليم السلوكيات
وإليك سلوكيات تساعد الطفل على احترام ذاته، و تعلمه كيف يحترم الآخرين:
– افصل دوما السلوك عن الشخصية : لاتقل أنت مهمل و لكن قل : أنت لا ترتب حجرتك ..لا تتهم الطفل بصفات عامة حتى لا تترسخ في عقله صورة سلبية عن نفسه.
– الطفل غير مسئول عن تحقيق طموحك و توقعاتك، فلا تكلفه من المذاكرة و الاجتهاد ما لا يطيق .فلكل طفل قدرات .
– اعترف باستقلاله و فرديته، فهو ليس صغيرا و ليس تافها .
– امنح لكل طفل ما يسعده، واحترم الاختلاف بين ابنائك.
– تقبل اقتراحات ابنك و ناقشه فيها : الطفل مبدع يطرح افكار مبدعة.
– تقبل صداقات الطفل .و ناقشه حول المشاكل و الاخطاء التي تقابله معهم .
– قارن بين واقع الطفل و ماضيه ليس بينه و بين الآخرين : درجاتك الشهر الماضي كانت أفضل من درجاتك هذا الشهر
– كلف الطفل ببعض المهمات التي تتناسب مع قدراته و شجعه و علمه. كيفية تنفيذها فان ذلك يعطيه الثقة في نفسه و احترام ذاته.
وأخيرا تعامل مع طفلك كما تعامل انسان كبير في احترامه و تقديره حتى يعاملك بنفس الاحترام و التقدير، فما تزرعه ستحصده بعد حين.
دعاء راجح5>