لقد يسر الله لي زيارة دولة بورندي في عام 2014 وأقمت في العاصمة بوجمبورا وصليت الجمعة بالمركز الإسلامي بالعاصمة ووجدت معاناة المسلمين هناك من فقر وإهمال صحي ولكن هذا البلد يتمتع بقدر كبير من التسامح  فلديهم وزير للتسامح يدعى محمد روكارا .

 

بوروندي دولة من دول وسط إفريقيا، يحدها من الشمال رواندا، ومن الغـرب الكونغـو، ومن الشرق والجنـوب تنزانيـا. وهي دولة داخلية لا سواحل لها، وتقع ضمن هضبة البحيرات.عدد سكان بوروندي حوالي 10 ملايين نسمة (بحسب إحصائية عام 2007م).

تتوزع الأديان على النحو التالي: 60 % كاثوليك، 10 % مسلمين، 30 % ديانات تقليدية محلية. وترتفع نسبة المسلمين بين الأجانب، ويقدر عدد المسلمين بحوالي (1.288.000 نسمة).

وصل الإسلام بوروندي من شرقي إفريقيا؛ حيث كانت قوافل الدعاة والتجار تتحرك بين الساحل والداخل،( العمانيون بذلوا مجهودا وخاصة حميد المرجبي) وازدهرت الدعوة الإسلامية في بوروندي في عهد سلاطين زنجبار( خاصة عهد السيد سعيد 1806- 1856).

وينتمي السكان إلى ثلاث مجموعات عرقية: الأولى هي الجماعات الزنجية من قبائل الهوتو ويشكلون أكثر من ثلاثة أرباع سكان بوروندي 85 %.

والمجموعة الثانية تتكون من قبائل التوتسي وتنتمي إلى أصول حاميَّة اختلطت بالزنوج، وتشكل حوالي 14 % من جملة السكان. والمجموعة الثالثة من الأقزام ونسبتها ضئيلة 1%، وهناك جماعات تشكل أقلية مهاجرة من مالي والسنغال وغينيا ومن الهند وباكستان وعربية أيضاً.

وتعد السواحلية لغة التجارة في بوروندي ويلم بها معظم السكان، والفرنسية هي اللغة الرسمية. ويعمل معظم أفراد هذه القبائل في الزراعة لتوفير المحاصيل الضرورية لأسرهم، وبعضهم يُعنَى بتربية الأبقار وزراعة البن.

بحلول القرن الخامس عشر الميلادي غزا التوتسي بوروندي من جهة إثيوبيا. وكانوا أكثر قوة من الهوتو الذين وافقوا على زراعة المحاصيل من أجل التوتسي، وبالمقابل وافق التوتسي على حماية الهوتو؛ إلا أن مجموعة صغيرة من طبقة النبلاء تعرَف باسم الجانوا، ظلوا يحكمون بوروندي.

وينحدر الجانوا من سلالة التوتسي غير أنهم لم يعتبَروا من التوتسي أو الهوتو. ولقد حكموا كلاً من التوتسي والهوتو، وحازوا ثراء عريضاً. ولبوروندي ملك يطلق عليه اسم الموامي، غير أن الجانوا يقيِّدون سلطاته. في 1897م احتل الألمان بوروندي ورواندا. وفي عام 1923م أصبحت رواندا وبوروندي إقليماً تحت الانتداب تديره بلجيكا، وفي عام 1946م صوتت بوروندي لتصبح مملكة بوروندي المستقلة.

واقترعت رواندا لتصبح جمهورية رواندا، ثم أصبحتا دولتين مستقلتين في الأول من يوليو 1962م. وكان التوتسي حينئذٍ قد سيطروا على بوروندي. عقب استقلال بوروندي أدى سوء الظن المتبادل بين الهوتو والتوتسي، إلى اضطراب مستمر في المنطقة؛ حيث عارضت الهوتو حكم التوتسي. وفي عام 1965م اغتال متعصبون رئيس الوزراء بيير نجنداندوموي. وفي وقت لاحق من العام نفسه أطلق متمردون من الجيش النار على ليوبولد بيها، خليفة نجنداندوموي.

ثم شُفي ليوبولد، ولكن حل محله مايكل مايكامبيرو قائد الجيش في بوروندي. وفي عام 1966م أطاح مايكامبيرو بالملك وأعلن بوروندي جمهورية، ونصب نفسه رئيساً. وفي عام 1972م أدت ثورة فاشلة قام بها الهوتو ضد التوتسي إلى مقتل حوالي مائة ألف شخص، معظمهم من الهوتو. وفي عام 1976م أصبح العقيد جان باتيستا باجازا رئيساً؛ بعد أن قاد مجموعة من ضباط الجيش ضد الحكومة.

وفي عام 1981م أقر الناخبون دستوراً جديداً للبلاد، نص على قيام مجلس وطني. وفي 1982م انتخب المجلس باعتباره أول هيئة تشريعية في بوروندي منذ عام 1965م. تدهورت العلاقات تحت قيادة باجازا بين حكومة بوروندي والكنيسة الكاثوليكية ذات النفوذ؛ حيث أصبحت إقامة الصلوات تحتاج إذناً من الحكومة. وأدى عدم الرضا في صفوف الجيش، بسبب العلاقات مع الكنيسة، إلى الإطاحة بباجازا في سبتمبر 1987م. خَلَف الرائد بيير بيويوا باجازا وعمل من أجل إتاحة حريات دينية أكبر في بوروندي.

أقرت بوروندي دستوراً ديمقراطياً جديداً في مارس 1992م. وجرت أول انتخابات رئاسية بالبلاد في يونيو 1993م، فاز فيها زعيم الجبهة من أجل الديمقراطية ملتشور نداداي، من الهوتو، وأصبح رئيساً لبوروندي. وفي أكتوبر من العام نفسه اغتاله بعض الجنود التوتسي في محاولة انقلابية. أعقب هذه المحاولة حرب أهلية عرقية واسعة قتل فيها أكثر من نصف مليون شخص وألقيت جثثهم في النيل، وهو ما أدى إلى تلوث مياه النيل بدرجة كبيرة.

أهم مشاكل المسلمين في بوروندي: يعاني المسلمون في بوروندي من الفقر، والجهل، والمرض، والتبشير، وعدم وجود دعاة يعلمونهم أصول دينهم، وعدم وجود مدارس إسلامية فضلاً عن انتشار الأمراض الأكثر فتكاً في إفريقيا مثل الإيدز والملاريا وغيرها من الأمراض.

يحتاج المسلمون إلى كتب تعلمهم شؤون دينهم باللغة السواحلية أو الفرنسية ويحتاجون إلى المساجد والمصاحف والوقوف بحزم أمام حملات التنصير والتبشير التي تتبناها الكنيسة الغربية (أمريكا وأوروبا).

أنشأ المسلمون في بوروندي العديد من المدارس، ففي العاصمة مدرسة التوحيد الأهلية، وهي ابتدائية للبنين والبنات، ولقد أسسها (الشيخ يحيى) إمام المسجد الجامع في العاصمة بوجومبورا، وتهتم هذه المدرسة بتعليم القرآن الكريم واللغة العربية، ومدرسة الحسين الأهلية، ومدرسة الإرشاد، ومدرسة التهذيب والمدرسة السنية، ومدرسة الجمعية العربية الإسلامية.

وقد استولت عليها الحكومة أخيرًا، غير أن هذه المدارس في حاجة إلى تطوير مناهجها ومدها بالمدرسين والكتب الإسلامية المترجمة، وفي عاصمة بوروندي عقدت الدورة الثانية لتثقيف المسلمين الجدد في البلاد تحت إشراف رابطة العالم الإسلامي.

المساجد: بالعاصمة بوجومبورا سبعة مساجد، ويعتبر المسجد الجامع أكبرها، وتنتشر المساجد في مناطق المسلمين بالمدن والقرى وأماكن القبائل الوطنية، وما زال المسلمون في بوروندي يواجهون المشاكل من البعثات التنصيرية التي خصصت لها إمكانات ضخمة، بالإضافة إلى الفقر والجهل والمرض فهم بحاجة لدعم الدول العربية المسلمة لكي تتوفر لهم حياة كريمة .