كثير من الآباء والأمهات والمربين يسيئون استخدام العقاب بالرغم من أنه ليس شرًا إلا إذا تم استخدامه بصورة مبالغ فيها أو بعنف وليس من أجل التقويم، فالعقاب منهج رباني قويم، ومبدأ تربوي مطلوب ولكنه يكون خطيرًا عندما يأتي من أجل تنفيس غضب مكتوم بالصدر نتيجة أشياء أخري، وعلى الجاهل الذى يمارسه ويتباهي بأنه طلّع غضبه من أمور أخري لعقاب أطفاله يكفي أن يدرك أنه ينشئ أبناء محبين للعنف ومستعدين للانتقام من الآخرين الذين لا ذنب لهم وهم لا يشعرون، ومن أجل تنشئة جيل جديد بعيد عن التطرف والسلوكيات الخاطئة ينبغي الانتباه جيدًا لتربية الأطفال، فكل تصرف يقوم به المجرم له أصل وجذر في تربيته يظهر عندما يكبر وعندما تتحين فرص ظهوره، فكل السلوكيات غير السوية التي يمارسها الكبار كانت بسبب أخطاء ظاهرة وخفية في التربية من أهلهم ومربيهم..
عاقبوا أولادكم بلا مبالغة أو ظلم، ولا تقولوا نحن تربينا هكذا فالبيئة والزمن مختلف فالإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والتقدم وتغيّر الثقافات والأفهام تؤثر في ذلك، ومن خلال تجربتي كمدرب تنمية بشرية في تعديل السلوكيات الخاطئة للشباب يمكن التنبيه على أكثر من 20 خطأ متعلق بالعقاب وهي:
1 – عدم الاهتمام أو الطلب من الأطفال إصلاح وعلاج ما يمكن إصلاحه، بل يجب إشراكهم في إزالة الخطأ حتى ولو بشكل غير تام كجمع أدوات اللعب المبعثرة أو إزالة الكتابة على الجدران.
2 – عدم إزالة العوامل التي تساعده على الخطأ من حوله، كترك أدوات المكياج التي يرسم بها على الحوائط أو ترك الأقلام أو الكراسي بالقرب من النوافذ، فيجب إبعاد كل ما يعينه على الخطأ ويعرضه للعقاب.
3 – حرمان الطفل من احتياجاته الأساسية عند العقاب كحرمانه من الأكل ودخول الحمام وهذا خطأ قاتل، بل حرمانه من الأشياء المحببه له والتي هي من الكماليات.
4 – ترك إقناع الطفل للاعتذار من الخطأ أو للشخص الذي أخطأ في حقه.
5 – تجاهل الطفل في حالات خطأه وندمه واعتذاره وهذه مشكلة كبيرة، بل التجاهل يكون في حالات الزن مثلًا، أو تمثيل البكاء.
6 – المبالغة في ضرب الأطفال وبقسوة اعتقادًا أن هذا هو الحل للتأديب فالعقوبات الجسدية تترسخ في ذاكرة الإنسان، وتولد لديه إحساساً بانعدام الثقة في نفسه وفي الآخرين وتراكم مشاعر الخوف لديهم من العقاب دون أن يدركوا فداحة تصرفاتهم. فوظيفة العقاب لا تتمثل في إيذاء الطفل أو تخويفه أو إرباكه، بل ترتكز بالأساس على الدور التأديبي.
7 – حصر كل أشكال عقاب الأطفال في الضرب فقط؛ فيكون قد اعتاد جسده على الضرب فلم يعد يهتم.
8 – ضرب الأطفال وإحراجه أمام من يحب فهذا يسبب إهانة له، ولا تتخيل بعدم وجود مشاعر له أو أحاسيس.
9 – قيام الوالدين والمربين بضرب الأطفال أثناء الغضب الشديد والانفعال أثناء الضرب.
10 – عدم نسيان الذنب بعد الضرب وتذكير الطفل به حتى ولو قرر الامتناع عن فعله مرة أخرى
11 – استخدام اللوم المتكرر والمعايرة والتعنيف اللفظي مما يعزز عند الطفل الاستهانة بالقبائح وبالتالي يقلل دقة الملاحظة وروح الحياء عند الطفل طبقًا لمبدأ “كثرة المساس تفقد الإحساس”.
12 – قيام الوالدين والمربين بالضرب بعد الوعد بعدم الضرب وهذا يفقد ثقة الأطفال في الوالدين والمربين.
13 – عدم مراعاة حالة الطفل المخطئ وسبب الخطأ فقد يكون غير متعمد.
14 – ضرب الطفل على أمر صعب التحقيق.
15 – عدم إعطاء الفرصة إذا كان الخطأ للمرة الأولى.
16 – أمر الطفل بعدم البكاء أثناء التوبيخ والضرب، وهذا يعمل علي كبت المشاعر والأحاسيس.
17 – تشبيه الطفل بالحيوانات والمجرمين، بل نبهه بأن مصير المجرمين والفاشلين كان أساسه التصرفات الخاطئة التي لم تصحح.
18 – عدم إشعار الطفل بأن العقاب كان لمصلحته، وعدم الابتسام في وجهه حتى إذا قرر ألا يكرر الخطأ.
19 – عدم الجلوس مع الطفل بعد فعله الخطأ أو هجره فترة طويلة لأسباب بسيطة أوعدم الطلب منه أن يشرح أسباب العقوبة حتى يتم التأكد من فهمه لسبب العقوبة.
20 – التدليل الزائد قد يكون من أسباب اللجوء للضرب لأن الطفل يكون قد تعود على طلب أشياء وعند منعها يمارس التمرد وبالتالي يتعرض للضرب، ولذا التدليل يجب أن يكون بضوابط واعتدال.
21 – عدم تشجيع الطفل إذا أحسن، وعدم الثناء على تصرفاته الجيدة.
وأخيرًا فلنتذكر جميعًا الضرب للتأديب كالملح في الطعام أى أن الكثير يفسد والقليل يكفي، ولنعلم جميعًا أن أخطاء العقاب من أسباب غلظة بعض الشباب.
ويارب احفظ أولادنا وبارك فيهم ونجهم من كل سوء…