أصدر عدد من علماء كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر بيانا حول الأحكام المتعلقة بمن يتوفى بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) من تجهيز وصلاة ودفن.
وأوضح البيان والذي نشر على حساب كلية الشريعة بموقع تويتر: ” أن هذه الحالة نازلة جديدة، وأن الحكم الشرعي في النازلة يجب أن يتأسس على تصور صحيح لها، بناء على القاعدة الأصولية والمنطقية المتفق عليها “الحكم على الشيء فرع عن تصوره”؛ قمنابسؤالأهلالاختصاصالثقاتواستفصالالوضع عن مدى خطورة انتقال العدوى ، فأطلعونا على ضرورة التعامل الحذر مع الجثة، الذي يقتضي أن تدرج في كيس بلاستيكي محكم الغلق بعد الوفاة مباشرة وقبل خروجها من غرفة العناية، ثم ترسل للمشرحة لإكمال إجراءات الوفاة، وألا يفتح هذا الكيس حتى تدفن الجثة تجنبا لانتقال العدوى.
و أضاف البيان “بناءً على هذا التصور، وفي ضوء مقاصد شريعتنا السمحة، وقواعدها المتفق عليها، ونصوص القرآن الكريم والسنة المحكمة كقول الله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن: 16]، وقوله تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة: 286]، وقول الرسول ﷺ (فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [رواه مسلم].
فإنهيتبينلناالآتي:
أولا:تجهيزالميت
يجب أن يتولى تجهيز الميت بهذا الوباء وتكفينه ونقله ودفنه الجهات المسؤولة، ولا يوكل ذلك لأهله لما فيه من خطورة انتقال العدوى .
ثانيا: غسلالميت
بما أن غسل الميت فرض كفاية، فإن أمكن بأي طريقة لا ضرر فيها وجب الغسل في هذه الحالة وإلا سقط الفرض؛ وإذا أمكن أن يُيمم الميت بأمان من انتقال العدوى قبل وضعه في الكيس البلاستيكي فيُيمم في حال تعذر الغسل الآمن، وإلا سقط التيمم أيضا دفعا للضرر.
ثالثا:تكفينالميت
لما كان من ضمن إجراءات الوفاة في هذه الحالة إدراج الجثمان في كيس بلاستيكي ولا يسمح بفتح هذا الكيس حتى يدفن الميت، ولما لم يكن مانع من تكفين الجثة من فوق الكيس البلاستيكي؛ فإننا نرى أن يكفن من فوق الكيس من غير فتحه مع اتباع إرشادات الجهة الصحية عند التكفين .
رابعا: الصلاةوالدفن
الصلاة على الميت فرض كفاية لا تسقط، فإن أمكن أداؤها بأمان في هذه الحالة قبل الدفن أديت، وعلى أهل الميت أن يقتصرو ا في حضورهم للجنازة على ما تنصح به الجهة الصحية المسؤولة، حيث إن صلاة الجنازة تصح ولو بفرد، فإن أداها سقط وجوبها عن الآخرين، وإن لم يكن أداء الصلاة قبل الدفن مأموناً فإنه يصلى عليه بعد الدفن، ويجوز لمن شاء من أهل الميت ومعارفه أن يصلي عليه صلاة الغائب ببيته .
وينبغي أن يتم الدفن وفقا للإجراءات الصحية التي تراها الجهات المسؤولة؛ حيث تراعي احترازات وتدابير تضمن عدم انتقال العدوى بإذن الله.
وينبغي أن ننبه هنا أن المتوفى بالوباء إذا دفن بهذه الطريقة فقد استوفى ما يلزم فعله شرعا في هذه الحالة، وعليه فإن نبش قبره لإعادة غسله وتكفينه محرم شرعا لما فيه من اعتداء على حرمة المتوفى ونشر ضرر العدوى بين الناس.
وختاما؛ فإننا نذكر عباد الله الذين اصطفاهم الله لابتلائه بفقد حبيب بهذا الوباء بأن منيموتبهذاالوباءشهيدبإذنالله وهو في درجة عالية عند ربه، كمابشرالصادقالمصدوقﷺ حيث قال في الحديث المتفق عليه: (الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ)
والمطعون هو من مات بالطاعون أي بمرض وبائي، فلا يحزنوا وليطمئنوا برحمة الله.
كما نذكرهم بجزيل الأجر الذي أعد للصابرين على هذا البلاء فلهم أجر المجاهدين المرابطين إن شاء الله، ولهم أيضا أجر المحافظة على المجتمع والتعاون على عدم انتشار العدوى فيه.
ونوصي الجميع بضرورة التقيد بالتوجيهات الصحية للحد من انتشار هذا الوباء، مع التضرع إلى الله والإلحاح في دعائه بأن يعيذنا منه أجمعين.
رحم الله أموات المسلمين أجمعين. وكتب لمن مات بهذا الوباء أجر الشهداء ولأهله أجر المجاهدين المرابطين، وجزى الله خيرا من هم في الصف الأول في مكافحة انتشار هذا الوباء، ونسأله سبحانه أن يرفع عن الأمة هذا الوباء وعن البشرية جمعاء إنه رحمن رحيم كريم مجيب قريب .[1]
[1] الموقعونعلىهذاالبيانمنكليةالشريعةوالدراساتالإسلاميةبجامعةقطر،السبتبتاريخ 4 شعبان 1441 هـ/ 28 مارس 2020 م:
د. إبراهيمبنعبداللهالأنصاري (عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية)؛ د. محمدأبوبكرالمصلح (العميد المساعد للشؤون الأكاديمية)؛ أ.د. محمدالمجالي (العميد المساعد لشؤون الدراسات العليا)؛ أ.د. صالحالزنكي (رئيس قسم الفقه وأصوله بالكلية)؛ أ.د. عبدالقادربخوش (رئيس قسم القرآن والسنة بالكلية)؛ أ.د. عبدالجبارسعيد (رئيس قسم العقيدة والدعوة بالكلية)؛ أ.د. نورالدينالخادمي (رئيس وحدة البحوث بالكلية)، والسادة العلماء المدرسون بالكلية: أ.د. عبدالحكيمالسعدي؛ أ.د. أحمدالريسوني؛ د. سلطانالهاشمي؛ د. سعيدالبديوي؛ د. محمدعياشالكبيسي؛ د. أحمدالعون؛ أ.د. أيمنصالح؛ د. تركيعبيدالمري؛ د. فضلمراد؛ د. مرادبوضاية؛ د. محمدأحمين .