كثر الكلام في السنوات الأخيرة عن وجود أبواب للسماء لا يمكن الصعود إلا من خلالها، و أن هذا هو سبب اختيار بعض الدول تحديدا لاقامة منصات اطلاق الأقمار الصناعية و المركبات الفضائية، مثل كازاخستان و الأرجنتينن، فهل تلك دراسة علمية أم حقيقة قرآنية؟

أوردت الهيئة العالمية للاعجاز العلمي في القرآن والسنة في مقال نشر على موقعها عبر شبكة الانترنت بعنوان: “لمحات إعجازية عن أبواب السماء وظلمة الفضاء” ما يؤكد وجود أبواب للسماء لا يمكن العروج إلا من خلالها مرفقة ذلك بشرح علمي مفصل أكدت فيه أنه لم يكن أحد يعلم قبل سنوات قليلة أن تلك السماء التي نراها فوق رؤوسنا على اتساعها هذا ليست فراغًا، وانما هي مليئة بالمادة في هيئة رقيقة جدا، وغازات تتركب معظمها من غازي الهيليوم والإيدروجين، إلى جانب نسبة ضئيلة  من بخار الماء وغازات الأوكسيجين، والنيتروجين، والنيون، ومكونات شديدة الندرة من المواد الصلبة، كما ان هناك أشعة كونية منتشرة بشكل هائل في كافة أرجاء الكون.

وكان ملخص كل تلك الاكتشافات والدراسات أن السماء بناء مُحكم  قوامه المادة والطاقة وليس اختراقه بالشيء السهل إلا في أماكن بعينها تسمح بذلك، وهو ما جاء مؤكدا في القران الكريم في أكثر من موضع، منها قوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مّنَ السّمَاء فَظَلّواْ فِيهِ يَعْرُجُون} ( الحجر : 14 )وفي وصف الحركة هنا “يعرجون” إعجاز آخر حيث تؤكد بعض الدراسات أن صعود السماء لا يمكن أن يتم بخط مستقيم وإنما لابد من التعرج، والعروج في اللغة يعني سير الأجسام في خط منعطف ومنحني وذلك يرجع الى انتشار المادة والطاقة في كافة أرجاء الكون وهو ما يجعل الجسم واقع تحت تأثير العديد من المجالات المغناطيسية، وينطبق ذلك على كافة الأجرام السماوية وليس المركبات الفضائية فقط.

وكانت صفحة “راديو مصر نيوز” قامت بنشر ادعاء أبواب السماء والصعود إلى الفضاء على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك بتاريخ 16 أغسطس 2015 ونال على أكثر من 10 آلاف تفاعل.

كيالي: عرج بالنبي من القدس وليس من مكة

وتساءل الفيزيائي السوري المسلم علي كيالي :لماذا عرج بالنبي من القدس وليس من مكة ، ولماذا يصعد المكوك الفضائي الروسي من كازاخستان وليس من روسيا رغم التكلفة العالية جدا ماديا ؟

واستشهد كيالي بأن روسيا عندما تريد اطلاق مكوك فضائي فانها  تطلقه من كازاخستان وليس من روسيا نفسها لهذا السبب رغم فرق التكلفة، كذلك يطلق برنامج الفضاء الأوروبي السفن الفضائية من الارجنتين، وتطلق أمريكا السفن من جزيرة ميريت التي تقع بالمحيط الاطلسي، وأضاف أن أبواب السماء حقيقة مؤكدة وأنها ذات حراسة مشددة كما أخبرنا رب العالمين بحيث لا تسمح بمرور مردة الجن لاستراق السمع وكذلك الشياطين، إلا أن رواد الفضاء يمكنهم الله من الصعود عبرها كي تكن عبرة وعظة لهم ليرو آياته في الآفاق كما جاء بالآية الكريمة.

ووفقًا لدراسات علمية موثقة فإنه يوجد 24 موقعا في العالم فقط لإطلاق المركبات الفضائية ومن أشهر تلك المراكز مركز كاب كانفيرال في فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية وقاعدة بايكونور الروسية في كازاخستان وقاعدة كورو الفرنسية في جويانا وقد بنيت أغلبية تلك القواعد في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تبنى مراكز الإطلاق عادة أقرب مايمكن لخط الاستواء إذ يضمن إطلاق الصواريخ على مقربة من هذا الخط حصولها على سرعة إضافية بسبب دوران الأرض هناك بسرعة 1670 كيلو متر في الساعة.

سلمان بن جبر : فكر محدود الأفق

على الجانب الآخر كان الرد من الفلكي سلمان بن جبر آل ثاني منشور على موقع مركز قطر لعلوم الفضاء والفلك بعنوان: “الرد على ما ذكر في نظرية أبواب السماء”، والذي عبر عن مفاجأته لما جاء في المقالات التي تدعم وجود أبواب للسماء من مغالطات ووصفها بأنها بُنيت على فكر محدود الأفق.

وقد فند بن جبر المعلومات الوارد ذكرها حيث نفى وجود أماكن محددة ثابتة في سماء بعض الدول، وأكد أن ما ورد بشأن منصات اطلاق الصواريخ مليء بالمغالطات، فسبب إطلاق روسيا الصواريخ من كازخستان هو أن لديها منصة هناك بناها الاتحاد السوفيتي، مضيفا أن منصة “فستوجني” الروسية ستبدأ في العمل وبذلك ستطلق روسيا الصواريخ من قلب الدولة.

كذلك أطلقت أمريكا جميع صواريخها من قلب ولاية فلوريدا حيث منصة “كيب كنافرال” ولازالت تطلق منها حتى يومنا هذا، وليست هذه هي المنصة الوحيدة بأميركا وانما هناك غيرها، أما فرنسا فتملك منصة “جويانا”،وأضاف أنه إلى جانب ما ذُكر يوجد عدد غير قليل من منصات اطلاق المركبات الفضائية في أوربا، أي أنه لا حقيقة لوجود أماكن ثابتة وهو ما يهدم نظرية أبواب السماء.

وشرح بن جبر ما قيل في الصعود المتعرج بأن الصاروخ ينطلق رأسيا في بدء الأمر ثم يبدأ بالميل بعد ثواني قليلة لزاوية تمنع تأثير الجاذبية السلبية على رواد الفضاء أثناء مرور الصاروخ عبر الغلاف الأرضي.

وعليه فإن مواقع منصات إطلاق الصواريخ يتم اختيارها تبعا لعدة شروط أهمها:

  • القرب من خط الاستواء : لأنه أنسب مكان للإفلات من الجاذبية الأرضية وكلما ابتعدت المنصة عن خط الاستواء زادت الكلفة المادية.
  • المكان: بحيث يكون بعيداً عن المحيط السكاني كي لايؤذي أحد في حال تعرض لأي خلل. كما يتم الاختيار ايضا لاسباب سياسية.

وهذا ما يؤكد أنه لاعلاقة لاختيار الموقع بوجود أبواب للسّماء.

أما بخصوص تفسير الآية الكريمة (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا) والتي اعتبرها الكيالي دليلا على صحة كلامه فإن سياق الآيات يؤكد أن المقصود بالأبواب التي ستفتح في السماء في يوم القيامة وليس الآن في الدنيا حيث يقول الله تعالى (إنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً {17} يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً {18} وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَاباً {19} وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً)، كما أن مصطلح بوابات الفضاء أو أبواب السماء يراد به مراكز الإطلاق الفضائي، ومنصة الإطلاق الفضائية التي تُستخدم لإطلاق المركبات الفضائية أو الصواريخ الحاملة لها تشكل جزءاً من مراكز الإطلاق أو بوابات فضائية.

وبالتالي فإن المقصود بالقول أن الروس لايوجد فوق أراضيهم باب إلى السماء أي لايوجد مركز إطلاق فضائي أو بوابة فضائية موجود على الأراضي الروسية ولا يقصد به كما ظن الكيالي باب او فتحة في السماء.

لاوتيوس: الطقس السكان وخط الاستواء

أما ما يتعلق بالطقس والرحلات الفضائية، يقول الخبير الأمريكي روجر لاوتيوس عن سبب إطلاق المكوكات الفضائية من مكان يكون فيه الطقس مصدر قلقٍ دائم:” حسنا، هل هناك أي مكان لا يشكل فيه الطقس مشكلة ما؟ يمكنك أن تفعل ذلك في وسط البلاد فتواجه الزوابع أو تفعل ذلك في الجنوب وتحصل على الأعاصير وهكذا، فالمشاكل موجودة دائما”.

لقد تم اختيار فلوريدا لعدة أسباب رئيسية: أحد تلك الأسباب أنها قريبة من خط الاستواء، إذ تعد السرعة الخطية لسطح الأرض أكبر عند خط الاستواء، أن فلوريدا تقع على الساحل الشرقي، فتظير المركبات فوق المحيط وليس فوق أشخاصٍ قد يتعرضون للقتل عندما سقوط أو انفجار الأشياء المتساقطة من المركبة، كما أن الموقع المُنتقى في فلوريدا له علاقة كبيرة بحقيقة أنه موقع ٌخال تماما، فمقاطعة بريفارد في الأربعينيات كانت مجرد مجموعة من البساتين وبالكاد كانت أي شيءٍ آخر.

وحول عمليات الإطلاق من الشرق بدلا من غرب كاليفورنيا على سبيل المثال، يقول إنه عندما تكون عملية الإطلاق باتجاه الشرق، يتم استغلال حركة دوران الأرض من حيث مبدأ التسارع. وبالتالي لا نحتاج إلى قوة هائلة للإطلاق.

ويضيف أن أفضل مكان للإطلاق هو ميناء الفضاء الذي تملكه وكالة الفضاء الأوروبية في غيانا الفرنسية إذ تقع بمقدار خمس درجات شمال خط الاستواء.

ويفسر عدم الإطلاق من منطقة أمريكية أكثر قربا إلى خط الاستواء مثل هاواي أو بورتوريكو، بأن ناسا نظرت إلى “العوامل الأخرى” التي استبعدت تلك المناطق من خياراتها.

لكنه يفسر مسألة إطلاق روسيا في كازاخستان من خط عرض بعيد جدا، بأن “لديهم صاروخ كبير. فيجب توافر معزز عالي الطاقة لإطلاق المركبة في المدار”، كما زعم أنهم – أي الروس – “لا يهتمون بالضرورة بنفس طريقة اهتمامنا تجاه السكان”.

وتؤكد بعض النظريات أن الغلاف الجوي للكرة الأرضية ليس صلبا ولا يحتوي على ثقوب هو مزيج من الغازات التي تقل كثافتها كلما ارتفعنا عن مستوى سطح البحر إلى أن يبدأ بالتلاشي وعند هذه النقطة يبدأ الفضاء الخارجي. فلا توجد بوابة فوق القدس أو فوق أي نقطة آخرى على سطح الكرة الأرضية.

ومن الناحية النظرية من الممكن إرسال صاروخ إلى الفضاء من أيّ نقطة على الكرة الأرضية، فخارطة القواعد الفضائية الأساسية تؤكد أنّها تتوزّع بشكل جيّد في جميع أنحاء العالم، مع ذلك، تبقى بعض الأماكن أكثر مناسبة من غيرها لتركيب قاعدة الإطلاق.