أرسل أحد القراء مؤخرا تساؤلا على البريد الإلكتروني : كيف تكون إيجابيا على الدوام؟
فكرت قليلا وقلت : ألم أكتب عن هذا الموضوع من قبل؟ بحثت فيما كتبت ووجدت عدة مقالات عن أهمية امتلاك عقلية إيجابية. لكن بعد ثلاث سنوات ونصف من التدوين، هذه المرة الأولى التي أواجه فيها سؤالا من هذا النوع وفي صميم الموضوع. مثل أي انسان لقد تعرضت لعدد من التحديات لكن لم أستسلم أو أتخلى عن العقلية الإيجابية.
أحيانا تكون نظرتنا للعالم سلبية فقراءة موقع إخباري واحد كفيل أن يجعل الانسان المتزن مكتئبا، في المقابل النظرة الكلية السلبية تعتبر سوء تقدير ونهاية هذه الرؤية هي الإحباط.
أوضح ذلك الفيلسوف إبيكتيتوس قبل ألفي عام “عندما نشعر بالإحباط أو الغضب أو التعاسة، دعونا نحمل أنفسنا المسؤولية عن هذه المشاعر لأنها نتيجة لأحكامنا” .
يجب أن تكون النظرة موضوعية للأمور فإن النظرة السلبية تؤدي إلى أخطاء في التقدير.
يضيف الفيلسوف إبيكتيتوس :”كل انسان مسؤول عن نفسه. عندما تلوم الآخرين على مشاعرك السلبية، فأنت جاهل. عندما تلوم نفسك على مشاعرك السلبية، فإنك تحرز تقدماً، وعندما تتوقف عن لوم نفسك أو الآخرين تصبح حكيما”.
عدم إلقاء اللوم على النفس أو الآخرين هو أحد أهم عناصر التحول للحالة الإيجابية.
هذه أربع نقاط تساعد على التحول الإيجابي وهي :
1 – الامتنان العملي
خصص لنفسك كل يوم لحظات لكتابة بعض النقاط التي شكلت تحولا في حياتك وجعلتك تشعر بالامتنان وساهمت في تغيير وجهة نظرك. ومن الطريف أن أذكر عدم قناعتي بداية بفعالية عادة الامتنان لكن شعرت بأثرها الكبير على حياتي. توقفت بعد فترة عن كتابة ما يجعلني أشعر بالامتنان ولم أشعر بأي اختلاف لكن بعد بضعة أشهر لاحظت ارتفاع حالات الشكوى لدي.
أيضا يمكنك أن تكون ممتنا للأشياء التي لم تمتلكها بعد. المقصد أن تمتن لكل شيء وفي كل الحالات.. السيئة قبل الجيدة.
2 – لا تأخذ الأمور على محمل شخصي
نشعر في كثير من الأحيان بالإزعاج مما يقوله أو يفعله بعض الناس، قد تسمع كلاما لا يعجبك وتقول “يا إلهي كيف يجرؤ على قول مثل هذا الكلام ؟!”
ربما حان الوقت للتخفيف، نحن نبالغ في ردة فعلنا تجاه ما يصدر من آخرين، يجب أن ندرك أن بعض الناس يقومون بأشياء غبية، وليس كل ما يفعله الناس له منحى شخصي.
إذا كنت تريد أن تعيش حياة جيدة عليك إجادة فن التغافل، وجعل أولوية التركيز والاهتمام لأمور مثل الصحة، والأسرة، وحياتك المهنية.
3 – السماح للمشاعر بالرحيل
علينا التعامل مع الحالات الصعبة في حياتنا، ربما زوج / زوجة لا يجيد الإنصات ، زملاء عمل يثيرون غضبك ، مالك المنزل الذي استأجرته ولا يقوم بإصلاح الأعطال، تسكن بجوار جيران مزعجين وصوتهم مرتفع .. الخ.
عليك أن تدرك أنه لا توجد حياة مثالية إطلاقا. لقد اعتقدت بإمكاني تحقيق نوع من السحر في حياتي بحيث تكون خالية من القلق والمسؤوليات المزعجة، ثم اكتشفت بعد نضوجي أن أساس الحياة قائم على تجاوز تحد تلو آخر، ولا يمكن أن نستسلم لهذه التحديات لذلك يجب أن نسمح بالتنفيس عن مشاعرنا.
عليك إخراج كل مشاعر الغضب والإحباط والقلق والخوف من عالمك الخاص، سواء عن طريق التحدث إلى صديق، أو الذهاب إلى العلاج فالخيار متروك لك، لا تكتم أمرا مزعجا داخلك.
4- ركز على التطوير
إذا تأملت الحياة ستجدها ليست جميلة على الدوام وفي ذات الوقت نحن نميل إلى المبالغة أثناء الأوقات السيئة، عندما نعاني من انتكاسة نتركها تكبر في أذهاننا، ونردد جملا مثل “هذا أسوأ أمر يحصل لي على الإطلاق”.
فكر قليلا وتساءل : هل هذا الأمر حقيقي ؟ هل توجد وسيلة من خلالها تحسين ظروف حياتي ؟
هذه هي الطريقة التي أفضلها في المعالجة. حالتك الحالية وضع مؤقت – بغض النظر عن مدى حسن أو سوء ذلك – هذه اللحظة الآنية سوف تمر وتصبح من الماضي. هل تدرك ذلك؟
إذا علمت ذلك ستدرك فرصة التي أمامك بتحسين ظروف حياتك. بالنسبة لي هذا أفضل استثمار للوقت وللموارد.
لا تضيع ثانية واحدة من وقت على مشاعر الأسى والحزن وركز على ما يمكنك القيام به الآن لتحسين حياتك.
علك تبدأ رحلة التغيير هذه من خلال المشي في حديقة أو بداية مشروع جديد.قم بإصلاح شيئاً في منزلك ، دوّن بعض الأفكار. اجعل لك أهدافا واعمل على تحقيقها.
أنا أحب تفسير نابليون هيل، مؤلف كتاب التنمية الذاتية ( Think And Grow Rich ) : “إذا لم تستطع القيام بأمور عظيمة، قم بأمور صغيرة بأفضل صورة .”