أقامت دار التقويم القطري، مساء الاثنين 12 ربيع الأول 1443 الموافق لـ 18أكتوبر 2021 ، احتفالية خاصة بمناسبة مرور سبعين عاما على تأسيس الدار التي أنشئت عام 1951، وتعتبر حاليا أحد معالم قطر الحضارية، وشاهدٌ تراثي يؤكد أصالة الشعب القطري وعظمة طموحاته.
خلال هذا الحفل الذي حضره سعادة السيد صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة ومجلس إدارة الدار، ولفيف من الضيوف والشخصيات في قطر، ألقى الدكتور إبراهيم بن عبدالله الأنصاري، نائب رئيس مجلس الإدارة بـ مجمع الشيخ عبدالله الأنصاري للقرآن وعلومه، كلمة دار التقويم القطري أكد خلالها أن الاحتفال بمرور سبعين عاما على تأسيس الدار يأتي تتويجا لجهود أجيال متعاقبة، وأن التقويم تطور من صورته الأولى قبل سبعين عاما مخطوطا باليد بنسخ محدودة، مرورا بالطباعة والتوزيع الواسعين حتى وصل حاليا إلى تطبيق إلكتروني يستفيد منه أكثر من ستين ألف شخص.
نجم يضيء سماء الوطن
وأشار الدكتور ابراهيم الأنصاري أن هذا التطور يرجع لدعم الدولة وقيادتها باستمرار، مؤكدا بقوله :”نعاهد وطننا أميرا وحكومة وشعبا على أن يبقى هذا الجهد نجما يضيء سماء الوطن ويحمل اسمه طاعة لربنا وولاء لأميرنا وخدمة لوطننا ونسأل الله تعالى أن يعيننا على حمل هذه المسؤولية والقيام بحقها”. كما أعرب عن شكره لمؤسسة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني للرعاية الاجتماعية على دعمها المتواصل في التطوير الفني والتقني للتقويم وفي البرامج والفعاليات التي يستفيد منها جميع أفراد المجتمع، مؤكدا أن دار التقويم القطري ستواصل جهودها في خدمة الوطن.
وأشار الدكتور ابراهيم الأنصاري في كلمته إلى اهتمام الدين الإسلامي الحنيف بالحسابات الفلكية، مستدلا بقوله تعالى “وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا”. وبين كيف أولى المسلمون علم الفلك أهمية كبرى وجعلوه من العلوم الخادمة للشريعة فضبطوا به اتجاهات القبلة وحساب مواقيت الصلوات ومواعيد دخول وخروج الشهور الهجرية القمرية، ولم يتعاملوا معه على أنه علم يناقض الشرع أو يخالف السنة.
خدمة علم الفلك بمنظور حضاري شرعي
كما تحدث الدكتور عن اهتمام المسلمين بعلم الفلك باعتباره من العلوم التي تخدم الشريعة، حيث ضبطوا به اتجاهات القبلة، وحساب مواقيت الصلوات ومواعيد دخول وخروج الشهور الهجرية القمرية، ولم يتعاملوا معه على أنه علم يناقض الشرع أو يخالف السنة.. منوها بإسهامات علماء المسلمين في هذا العلم، سواء في حجم المعلومات الفلكية المكتشفة أو في الآلات والأدوات والنظريات الحسابية التي ابتدعتها العقول المسلمة على مر القرون.
وقال الدكتور إبراهيم الأنصاري أن دار التقويم القطري دأبت منذ نشأتها على خدمة علم الفلك بهذا المنظور الحضاري الشرعي الديني الذي يربط الحياة بالدين. وأضاف قائلا: “لقد ورثت هذه الدار إرث سنوات ممتدة منذ حياة الجد الشيخ إبراهيم بن عبدالله الأنصاري قاضي الخور رحمه الله، مرورا بمنشئ التقويم القطري ومؤلفه ورافع اسمه الشيخ عبدالله بن إبراهيم الأنصاري رحمه الله، وانتهاء بجهد دار التقويم القطري، ذلك الجهد المؤسسي الذي حول هذا الإرث إلى مؤسسة عابرة للأجيال والحدود، والتي يرجع الفضل في تأسيسها لأبناء الشيخ عبدالله الأنصاري حيث تحولت الدار إلى مؤسسة وطنية تخدم هذا التراث ولا تهدف للربح”.
تخريج 21 راصدا فلكيا
من جهته، تحدث المهندس فيصل محمد عبدالله الأنصاري المدير التنفيذي لمجمع الشيخ عبدالله الأنصاري حول استراتيجية دار التقويم القطري خلال الفترة المقبلة، وقال في تصريحات صحفية: “إننا نقف على أرضية ثابتة وعلى تاريخ طويل من الإنجازات في هذا المجال، ونعتزم إكمال المسيرة وبنوعية أفضل من الأداء الذي يواكب العصر”، مشيرا إلى أن الدار بصدد تطوير إصداراتها سواء المطبوعة أو الإلكترونية أو التطبيقات الخاصة بالهواتف الذكية.
وأضاف: “لقد بدأنا منذ سنوات بخطة وطنية لنشر الثقافة الفلكية عبر استخدام مختلف الأدوات الإعلامية والثقافية، كما تم تنظيم دورات فلكية مجانية لكل فئات المجتمع، وتم تخريج 21 راصدا فلكيا مؤخرا”.
تدشين وحدة الرصد الفلكي
وعن تطوير الأدوات التي تواكب التطور العلمي في مجال الفلك، قال المهندس إبراهيم الأنصاري، إن دار التقويم القطري تسعى لمواكبة الجديد باستمرار وقد دشنت منذ أسبوعين وحدة الرصد الفلكي، وباشرت دورها لتوفير نقطة رصد في الأماكن العامة بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتوفر فرصة للجمهور للاحتكاك بالكواكب والنجوم وهذا يصب في الهدف الأساسي لتطوير الثقافة الفلكية.
معلم تراثي وشاهد حضاري
وتعتبر دار التقويم القطري معلم من معالم قطر، وشاهدٌ تراثي يؤكد أصالة هذا الشعب وعظمة طموحه الحضاري، وصرح يحكي همة رجال هذا البلد قديماً وحديثاً. وهي مؤسسة خاضعة لأحكام القانون أسست لغرض إعداد التقويم القطري، والإشراف عليه، ومنح حقوق الطبع والنشر والتوزيع للغير.
وتصدر الدارُ التقويم في صور مختلفة تناسب كل الأحوال، فتخرج التقويم الدفتري لمدينة الدوحة، كما تشرف على إصدار تقويم دفتري أيضا لكل من مدينة الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة كما تخرج بتوقيت الدوحة التقويم الجداري، والتقويم المكتبي بتوقيت الحرمين الشريفين وعواصم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأجندة دار التقويم القطري.
دليل المسلم طوال العام
ويمثل التقويم القطري الدفتري، الذي تميزت به دولة قطر، منذ زمن بعيد، أهم وأبرز الأعمال التي تضطلع بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في مطلع كل عام هجري جديد، ويحظى التقويم بقبولٍ كبير عند مواطني قطر وأبناء البلاد الخليجية المجاورة، حيث تتزايد الطلبات عليه عاماً بعد عام.
ويعود الفضل في إعداد هذا التقويم، تاريخياً، إلى فضيلة الشيخ عبدالله بن إبراهيم الأنصاري، رحمه الله، فهو يعتبر أول من اجتهد، على مستوى قطر، في وضع مواقيته وموافقاته، وكان لإدارة البحوث والدراسات الإسلامية الدور الأهم في تطويره وإغنائه والارتقاء بمادته العلمية، إلى جانب إتقان جداوله وحسن إخراجه حتى يأتي متوافقاً مع ما يماثله من تقاويم في الدول المجاورة، مثل تقويم أم القرى.. وتتولى دار التقويم القطري، حاليا، متابعة ما بدأه الشيخ الأنصاري، فتضطلع بمهمة إعداد جداول التقويم.
تكريم الداعمين
وفيما شهد الحفل عرض مقطع فيديو يلقي الضوء على أهم محطات دار التقويم القطري. قام في ختام الحفل، كل من سعادة السيد صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة والدكتور إبراهيم بن عبدالله الأنصاري نائب رئيس مجلس الإدارة بمجمع الشيخ عبدالله الأنصاري للقرآن الكريم وعلومه، بتكريم عدد من الذين أسهموا في دعم دار التقويم وأهدافها، حيث تم تكريم طلاب نادي عبدالله الأنصاري للفلك بمدرسة ابن تيمية الثانوية للبنين، وهم حاملو لقب أولمبياد الفلك المدرسي لعام 2020، تسلمه الأستاذ محمد مصطفى أحمد.
كما تم تكريم فريق “عون قطر”، كونه الأكثر تميزا في العمل التطوعي ، وتسلم التكريم نيابة عن الفريق السيد عبدالرحمن العمادي، إلى جانب تكريم علي بن راشد المهندي باعتباره الأكثر خدمة للتقويم القطري من بين مؤثري التواصل الاجتماعي، إلى جانب إهداء خاص إلى قبة الثريا الفلكية في المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا)، وإلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، فيما تم إهداء الشخصية الفلكية الأولى في قطر إلى سعادة الشيخ سلمان بن جبر آل ثاني رئيس مركز قطر لعلوم الفضاء والفلك وتسلمها نجله الشيخ علي بن سلمان بن جبر آل ثاني نيابة عن والده، فيما ذهب إهداء الداعم الأول إلى مؤسسة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني للرعاية الاجتماعية وتسلمها سعادة السيد صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة ومدير عام المؤسسة.
إقرأ أيضا : 5>