هذه بعض المسائل المتعلقة بالمرأة والحج، وما يخصها من أحكام؛ نظراً لقرب وقت هذه العبادة المباركة، وهي مسائل تحوي جملةً من الأحكام رأينا عدم البسط فيها، ولكنها في الوقت نفسه أتت على غالب أحكام حج المرأة فيما يخصها دون ما يشاركها فيه الرجل.

فتاوى نسائية

سقوط شعرة دون قصد

ماذا تفعل المرأة المحرمة إذا سقطت من رأسها شعرة رغمًا عنها؟

إذا سقط من رأس المحرم ـ ذكرًا كان أم أنثى ـ شعرات عند مسحه في الوضوء، أو عند غسله، لم يضره ذلك، وهكذا لو سقط من لحية الرجل أو من شاربه أو من أظافره شيء لا يضره إذا لم يتعمده، وإنما المحظور أن يتعمد قطع شيء من شعره أو أظافره وهو محرم، وهكذا المرأة لا تتعمد قطع شيء، أما شيء يسقط بغير تعمد فهذه شعرات ميتة تسقط عند الحركة؛ فلا يضر سقوطها.

النفساء وطواف الحج

المرأة النفساء إذا بدأ نفاسها يوم التروية، وأكملت أركان الحج عدا الطواف والسعي إلا أنها لاحظت أنها طهرت مبدئيًّا بعد عشرة أيام، فهل تتظر وتغتسل وتؤدي الركن الباقي الذي هو طواف الحج؟

نعم إذا نفست في اليوم الثامن مثلا؛ فلها أن تحج وتقف مع الناس في عرفات ومزدلفة، ولها أن تعمل ما يعمل الناس من رمي الجمار والتقصير ونحر الهدي وغير ذلك، ويبقى عليها الطواف والسعي؛ فتؤجله حتى تطهر، فإذا طهرت بعد عشرة أيام أو أكثر أو أقل اغتسلت، وصلَّت، وصامت، وطافت وسعت، وليس لأقل النفاس حد محدود؛ فقد تطهر في عشرة أيام أو أقل من ذلك أو أكثر، لكن نهايته أربعون، فإذا تمت الأربعون ولم ينقطع الدم؛ فإنها تعتبر نفسها في حكم الطاهرات؛ فتغتسل، وتصلي، وتصوم، وتعتبر الدم الذي بقي معها الصحيح دمَ فسادٍ، تصلي معه وتصوم وتحل لزوجها، لكنها تجتهد فى التحفظ منه بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة ولا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، كما أوصى النبي- صلى الله عليه وسلم– حمنة بنت جحش بذلك.

الحائض هل تحرم من غير صلاة؟

كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام؟ وهل يجوز للمرأة ترديد آي الذكر الحكيم في سرها؟

1-الحائض لا تصلي ركعتي الإحرام، بل تحرم من غير صلاة، وركعتا الإحرام سنة عند الجمهور، وبعض أهل العلم لا يستحبها؛ لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص، والجمهور استحبوها؛ لما ورد في بعض الأحاديث أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: “أتاني آتٍ من ربي فقال: صلِّ في هذا الوادى المبارك، وقل: عمرة في حجة” ، أي في وادي العقيق في حجة الوداع ، وجاء عن الصحابة أنه صلى ثم أحرم، فاستحب الجمهور أن يكون الإحرام بعد صلاة إما فريضة وإما نافلة: يتوضأ ويصلى ركعتين، والحائض والنفساء ليستا من أهل الصلاة؛ فتُحرِمان من دون صلاة، ولا يشرع لهما قضاء هاتين الركعتين.

2- يجوز للمرأة الحائض أن تردد القرآن لفظًا على الصحيح، أما في قلبها؛ فهذا عند الجميع، إنما الخلاف هل تتلفظ به أم لا؟

بعض أهل العلم حرم ذلك، وجعل من أحكام الحيض والنفاس تحريم قراءة القرآن ومس المصحف، لا عن ظهر قلب ولا من المصحف؛ حتى تغتسل الحائض والنفساء. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءتها للقرآن عن ظهر قلب لا من المصحف؛ لأن مدتهما تطول؛ ولأنهما لم يرد فيهما نص يمنع ذلك، بخلاف الجنب؛ فإنه ممنوع حتى يغتسل أو يتيمم عند عدم القدرة على الغسل. وهذا هو الأرجح من حيث الدليل.

عودة دم الحيض بعد المناسك

سافرت امرأة إلى الحج وجاءتها العادة الشهرية بعد خمسة أيام من تاريخ سفرها، وبعد وصولها الميقات اغتسلت وعقدت الإحرام وهي لم تطهر من العادة، و حين وصولها إلى مكة المكرمة ظلت خارج الحرم ولم تفعل شيئًا من شعائر الحج أو العمرة، ومكثت يومين في مِنى ثم طهرت واغتسلت وأدت جميع مناسك العمرة وهي طاهرة، ثم عاد الدم إليها وهي في طواف الإفاضة للحج إلا أنها استحَتْ وأكملتْ مناسك الحج، ولم تخبر وليها إلا بعد وصولها إلى بلدهم. فما حكم ذلك؟

إذ كان الواقع هو ما ذكره السائل؛ فعلى المرأة المذكورة أن تتوجه إلى مكة وتطوف بالبيت العتيق سبعة أشواط بنية الطواف عن حجها بدلا من الطواف الذي حاضت فيه، وتصلي بعد الطواف ركعتين خلف المقام أو في أي مكان من الحرم، وبذلك يتم حجها.

وعليها دم يُذبَح في مكة لفقرائها إن كان لها زوج قد جامعها بعد الحج؛ لأن المحرمة لا يحل لزوجها جماعها إلاَّ بعد طواف الإفاضة ورمي الجمرة يوم العيد والتقصير من رأسها.

وعليها السعي بين الصفا والمروة إن كانت لم تسعَ إذا كانت متمتعةً بعمرة قبل الحج، أما إذا كانت قارنة أو مفردة للحج فليس عليها سعي ثانٍ إذا كانت قد سعت من طواف القدوم.

وعليها التوبة إلى الله- سبحانه وتعالى- مما فعلتْ من طوافها حين الحيض، ومن خروجها من مكة قبل الطواف إن كان قد وقع، ومن تأخيرها الطواف هذه المدة الطويلة نسأل الله أن يتوب عليها.