تباينت آراء العلماء حول الأحرف السبعة ،والأرجح أنها لغات ولهجات سبع ،نزل بها القرآن تيسيرًا للعرب ،حتى يسهل عليهم قراءة كتاب الله ،وذلك لاختلاف لهجاتهم ،فلما قرأ الناس القرآن ،ودخل غير العرب الإسلام ،وخشي أن تكون فتنة ،وحد عثمان حرف القراءة ،وجعله واحدًا ،والقراءات السبع هي قراءات للحرف الذي اختاره عثمان وهو لغة قريش .

يقول فضيلة الشيخ الدكتور رياض المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية : حديث الأحرف السبعة من الأحاديث المتواترة تواتراً معنوياً ، وأخرجه الأئمة في مصنفاتهم، ولا يكاد يخلو منه مصنف في الحديث ، وممن أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبو داود ، ومالك في الموطأ وغيرهم .

وقد اختلف العلماء في تبيين المراد من الأحرف السبعة حتى أوصلها السيوطي في الإتقان إلى أربعين قولاً .

والراجح من هذه الأقوال _ والله أعلم _ ما ذهب إليه جمهور العلماء أن الأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد .
وتوضيحه : أنَّ للعرب لغات متنوِّعة، ولهجات متعدّدة للتعبير عن معنى من المعاني ، فمثلاً : كلمة (( تعال )) يُعبَّر عنها بلغة قبيلة أخرى بـ (( هلم )) ، وقبيلة ثالثة بـ (( أقبل )) وهكذا .. فحيث تختلف لغات العرب في التعبير عن معنى من المعاني يأتي القرآن متنزلاً بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد ، وحيث لا يكون هناك اختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد أو أكثر ، ولا يزيد على سبعة .

ويحسن التنبيه على أمرين قد يلتبسان على بعض الناس :

الأول : أن هذه الأحرف السبعة التي كان القرآن يُقرأ بها كانت من باب التيسير على الأمة حين نزول القرآن ، فلما ذلّت به ألسنتهم ، وائتلفوا على قراءته ، جمعهم عثمان –رضي الله عنه- على حرف واحد هو لسان قريش الذي يقرأ به القرآن اليوم .
الثاني : أن الأحرف السبعة ليست القراءات السبع المشهورة اليوم . فهذه القراءات هي قراءات للحرف الذي اجتمعت الأمة على قراءة القرآن به . انتهى

وفي معنى سبعة أحرف أقوال منها ما يقوله الزركشى من أنها سبع لغات لسبع قبائل من العرب. أي نزل القرآن بعضه بلغة قريش، وبعضه بلغه هذيل، وبعضه بلغة تميم، وبعضه بلغة أزد وربيعه، وبعضه بلغة هوازن وسعد بن بكر وهكذا .

وقيل:المراد بالحرف في قوله صلى الله عليه وسلم: “أنزل القرآن على سبعة أحرف” أنه الوجه من أوجه القراءة وبيان هذه الأحرف قد بينها العلماء في ما يلي:

الأول: اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع، وتذكير وتأنيث، ومن ذلك “والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون”. فقد قرئ (لأماناتهم).
الثاني: اختلاف وجوه الأفعال من ماض ومضارع وأمر، ومن ذلك قوله تعالى: “فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا” فقد قرئ “ربنا بعِّد”.
الثالث: اختلاف وجوه الإعراب، ومن ذلك قوله تعالى: “ولا يضار كاتب ولا شهيد”، فقد قرئت بضم الراء في يضار وبفتحها.
الرابع: الاختلاف بالنقص والزيادة ومن ذلك قوله تعالى: “وما خلق الذكر والأنثى”. فقد قرئ والذكر والأنثى.
الخامس: الاختلاف بالتقديم والتأخير ، ومن ذلك قوله تعالى: “وجاءت سكرة الموت بالحق” فقد قرئ وجاءت سكرة الحق بالموت.
السادس: الاختلاف بالإبدال ومن ذلك قوله تعالى: “وانظر إلى العظام كيف ننشزها”. فقد قرئ (ننشرها).
السابع: اختلاف اللهجات كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم، والإظهار والإدغام”.

ومن ذلك قوله تعالى: “بلى قادرين” فقد قرئ أيضًا بالفتح والإمالة في لفظ بلى.
وهذا الوجه الذي ذكرناه هو ما اخترناه من أربعين قولاً ذكرها السيوطي وغيره.

وهو رأي الرازي وابن قتيبة والقاضي ابن الطيب وابن الجزري لا يختلف رأيهم عنه إلا في أنهم جعلوا الستة الأولى مما ذكرت سبعة ، وتركوا الوجه الأخير. وهذه الأحرف انتقلت إلينا عن طريق الصحابة رضوان الله عليهم فقد اشتهر بالإقراء منهم جماعة مثل : أبي وعلي، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعري .انتهى (مختصرًا من كتب علوم القرآن)