إن مخ الأطفال الصغار أكثر استعدادًا لتقبل واستيعاب مفاهيم المنطق والرياضيات؛ ولذا من المفيد اغتنام الفرصة لشرح هذه المفاهيم من خلال الألعاب المشوقة. ولكن ينبغي أن نعلم أن التفكير المجرد هو روح الرياضيات، وهذا التفكير يعتمد على الحواس المختلفة لتوصيل الفكرة الرياضية. كما أوضحت عدد من الدراسات أن مفهوم العدد مفهوم مركَّب، وتعلمه ليس بالشيء السهل؛ ولذلك يجب التمهيد له باستيعاب ما يعتمد عليه من مفاهيم رياضية أولية.
كيف يمكن تعليم الطفل الصغير الرياضيات و العمليات الحسابية عن طريق اللعب ؟
عالم الطفل عالم هندسي قبل أن يكون كمي أو عددي؛ ولذلك يجب البدء بتنمية الحس الهندسي بالمجسمات مثل (هرم – كرة – مخروط…)، وكذلك العلاقات المكانية والزمانية، مثل: (فوق – تحت – أعلى – أسفل – قبل – بعد)، فالمقارنات مسألة مهمة في الرياضيات، وسنعرض هذه المفاهيم الرياضية حتى يتسنى لنا وضع الألعاب التي تنمي كل منها، ونترك لك إبداع المزيد، وموافاتنا به ليكون عونًا لمن يسيرون على الدرب بعدك إن شاء الله تعالى.
وهذه المفاهيم الرياضية هي::
1 – المفاهيم الهندسية، وتشمل:
-الأشكال الهندسية.
-الاتجاهات: أعلى/ أسفل – يمين/ يسار.
-الأشكال المقفولة والمفتوحة/ داخل وخارج.
-التحوير الهندسي ويعرض ذلك من خلال المرايا بحيث يشاهد الطفل نفسه من خلال مرايا محدبة أو مقعرة أو مكبرة أو مصغرة، وملاحظة الاختلاف عن الأصل.
-والصورة من حيث (السمنة – النحافة – الاستطالة – الانبعاج).
2- العلاقات المكانية مثل:فوق – تحت – قمة – قاع – أسفل – أعلى – قريب من – بعيد عن – خلف – أمام.
3 – علاقة الترتيب، ويعني التنظيم في مجموعات لها نقطة بداية واتجاه، كترتيب الأطوال من الأطول إلى الأقصر وهكذا…، وهذا الترتيب يشمل ترتيبًا زمانيًّا، مثل: أسرع – أبطأ. وترتيبا كميا، مثل: أكثر وأقل، وترتيبا مكانيا، مثل: قبل وبعد.
ويشمل ذلك أيضًا التعرف على الأنماط (كأن ينظم حبات الخرز أو المكرونة في سلك برتيب (أحمر – أخضر – أزرق، ثم أحمر – أخضر – أزرق، وهكذا…).
4 – مفاهيم المجموعات: وهي أحد المفاهيم الأساسية والهامة في الرياضيات ويشمل:
– مفهوم الانتماء وعدم الانتماء: مثل جمع مجموعة البلي أو الخرز الأحمر في كوب معين، ويفضل منافسته في هذه الألعاب لإضفاء جو المرح أثناء اللعب، وعدم إشعاره بأنها موجهة ومقصودة، أو أن تضع أدوات المائدة متماثلة في الشكل والحكم، وبينهم واحدة غير مماثلة، واطلب منه أن يرفعها بسرعة.- مفهوم التناظر: كجمع طبق لفنجان، أو فرشة أسنان للمعجون أو البطة الكبيرة لصغارها… وهكذا.
5-حل المشكلات: القدرة على حل المشكلات الرياضية أحد العوامل المكونة للابتكار، فضلاً عن أنها وسيلة هامة لتنمية التفكير الرياضي، ومن أمثلة هذه المشكلات:
-ألعاب المتاهة.
-التمييز بين شكلين مختلفين اختلافًا طفيفًا.
-الرسوم النمطية والتي تعتمد على إدراك العلاقة بين الأشكال.
6- مفهوم التكافؤ ( أي تساوي مجموعتين) : وهو ما يؤدي إلى استيعاب مفهوم الجمع والطرح.
لا أريد أن أطيل عليك، ولكنها ضرورة فهم الأساس الذي تُبنى عليه الألعاب التي سأذكرها لك، حتى يتسنى لك استعمال كافة المواقف في توصيل المفاهيم الرياضية، كذلك ابتكار عدد من الألعاب.
والآن اترك التدريبات والبطاقات فهذا شأن المعلمة، ودعنا نمزج الحساب في جزئيات حياة أخيك وذلك من خلال الخطوات التالية:
1-دع أخاك يجهز المائدة، ويعدّ ويصنف الأطباق التي يحتاج إليها أفراد الأسرة (كبيرة، صغيرة، عميقة، مسطحة..)، وإذا كان هناك ضيوف فدعه يشاركك التفكير، واسأله (كم سيزيد عدد الأطباق، وترى من أي مجموعة سنضعها)، اسأله أي الأطباق أكبر طبق الأرز أم طبق الفاكهة، وأيهم أطول الشوكة أم السكين؟ وهكذا…
2-اجعله يصنف الملابس التي تحتاج لغسيل، فيفصل الملوَّن في مجموعة والأبيض في مجموعة.
3-اجعله يشارك في إعداد وصفة طعام (ضع نصف كوب كذا على كوب ونصف كذا.. ضع قليلاً من السكر وكثيرا من…).
4- العب معه ألعاب التركيب التي يعرف من خلالها الجزء والكل. اجعله يقسم برتقالة بينه وبين صديق، وبرتقالة أخرى بينه وبين صديقين ليدرك النصف، الربع، الثلث…
5-العب معه بألعاب المكعبات وأخبره مثلاً أن بناء الحائط يلزمه (كذا مكعب)، وابدأ في العد معه، ثم اطلب منه أن يبني حائطًا مساويا له؛ ليتعلم الجمع والطرح.
6- اجعله يعدّ الأيام المتبقية على يوم ميلاده، أو أي مناسبة ينتظرها، ودعه يقلب يومًا بيوم في النتيجة(روزنامة التقويم الميلادي أو الهجري).
7- تحدّ ذهنه ليفكر بالأشياء ويحصل على إجابة فمثلاً، اسأله كم طبقًا تخمن أننا سنخرجه من هذا الصندوق، ما الوقت الذي تظنه مناسبًا لتنتهي من وضع هذه اللعب في أماكنها. (فذلك يساعده على تأكيد مفهوم الزمن).
8- ابتكر نمطًا من الأوامر مثلاً: ارفع رأسك، المس ركبتك، صفق 3 مرات، واجعله يكرر هذه الجملة 3 مرات.
9- دعه يساعدك في عمل لوحة أو أي شيء مستخدمًا الورق والأقلام أو قصاصات الورق، على أن تقطع مثلثات ومربعات ومستطيلات؛ لتعيد تركيبها بطريقة جديدة مبتكرة.
10- اطلب منه قياس الأشياء بطريقة غير تقليدية مثلاً: دعنا نر كم بصمة قدم تساوي المسافة حتى نصل لهذا الباب. ولماذا تظنها كثيرة بالنسبة لك وقليلة بالنسبة لي. مثال آخر: هذه المنضدة كم مرة تبلغ قدر هذه العروسة…وهكذا
11-اجعل أخاك يقارن بين الأشياء من حيث الثقل مثلاً: أيهما أثقل رقيقة الشيبسي أم بسكوتة؟ من تظنه أطول أمك أم أبوك؟
12-اطرح أمامه مشكلة، وحفِّزه ليفكر في حلها كأن يكون معك أربع برتقالات، وأنت تريد أن تعطي أخيك وأختك كم ستعطي كل واحد منهم أو لو زارنا 6 أطفال في مناسبة، وأعطيت لك منهم بالونتين هدية كم تحتاج من البالونات حتى أشتريها لك (دعه يفكر في أشياء، ونماذج في حياته حقًّا).
13-الفت نظره وحدثه دائمًا كيف تُستخدم الرياضيات في كل حياتنا من الشراء والبيع، وتنظيم الميزانية، وشراء الهدايا، وإيداع النقود… إلخ.
14-اجعله يدبر مصروفاته الخاصة، وساعده ليدخر جزءاً من ماله.
15-وقت المشتريات وقت رائع لتعلم المزيد فاستغل هذه المناسبة، اجعله يراقب معك أفضل العروض ليقرر أي السلع ستشترون، كم سيتكلف كل شيء، كيف نشتري ما نريد بما معنا من نقود؟ واجعله يشعر بجديتك في سماع مقترحاته. هل يوفر هذا أم ذاك؟ هل يقلل من شراء هذا الصنف أم تلك، وهكذا…
16-إذا قابلت شيئًا يريد شراءه اسأله كم ثمنه؟ كم يومًا تحتاج لتدخره من مصروفه؟ وإذا ما شاركت معه فكم يحتاج بعد هذه المشاركة منك.
17-دعه يفكر معك في حلول لتذكروا أنفسكم بإعادة الكتب للمكتبة خلال أسبوعين، ومجيء موعد يوم ميلاد أحد أفراد الأسرة مثلاً وغيرها من التواريخ.
18-اجعله يؤمن أن تكرار التجربة وتكرار المحاولة يؤدي لنتائج طيبة.
19-ولعله من المفيد أن أذكِّر لك ما طرح في دراسة للدكتور “نادر فرجاني”، بعنوان “خرافة المخ الصغير”.
يقول د. نادر فرجاني: “من المفيد استماع الموسيقى، حيث بات معروفًا أن هناك صلة وثيقة بين تركيبات المخ التي ينشطها الاستماع للموسيقى وتلك التي تتخصص في مفاهيم الرياضيات، فالموسيقى في الأساس تقوم على علاقة رياضية منطقية”.
وأخيرًا.. أؤكد على الصبر وعدم الإلحاح عليه حتى لا يمل، وحتى لا يترسخ في ذهنه أنه ضعيف حقًّا، وهو ما يعيقه عن محاولات بذل الجهد، وربما يكون الخطأ في الأمر لدى المدرسة؛ ولذا فيجب مراجعتها حتى تقف على المشكلة الحقيقية لدى أخيك .
20-كما أنه لا مانع من زرع الأساسيات الأولية، وإن بدا لك أنه فات أوانها فإن ذلك من شأنه تلافي الضعف في هذه المادة في المستقبل، فضلاً عن ضعف المهارة الرياضية ذاتها والتي تساعده في كثير من الأمور والتي ربما كانت نواة لعلاقة غير طيبة مع التعليم بوجه عام.
21-ضع حافزًا دائمًا لتعلمه هذه المادة، ولا حافزًا أكثر قدرة من إشعاره بحاجته للتمكن من الحساب، والعدّ، وغيرها من المهارات الرياضية، فأدمجه مع أصدقاء يلعبون لعبًا تتطلب هذه المهارات دون إشعاره بالنقص أو العيب.
22- التشجيع المستمر وإشعاره ببساطة الأمر، وأخيرًا الاستعانة بالله سبحانه وتعالى في كل أمرك.