يبدو أن نظرة المجتمع الغربي تتغير لما يُعرف بتجربة ما قبل الزواج، ويقصد بتجربة ما قبل الزواج: قيام علاقة متكاملة بين رجل وامرأة بدون زواج موثق لفترة من الوقت تُسمى بفترة الاختبار، وهي قد تطول أو تقصر حسب رغبة الطرفين، ثم يقومان باتخاذ القرار إما بإنهاء مثل هذه العلاقة على الرغم مما قد يترتب عليها من إنجاب للأطفال، أو باستمرار هذه العلاقة، ولكن في صورة شرعية أي يتم توثيق الزواج.
ففي دراسة أجريت في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، التي تضمنت دراسة 92 حالة زواج حديث لأشخاص سبق وأن مروا بتجربة ما قبل الزواج، وجد أن هناك قصورًا في الاتصال النفسي والوجداني بين الطرفين، انعكس على مقدرتهم في حل المشاكل الزوجية أو حتى الشخصية مقارنة بأشخاص متزوجين لم يمروا بمثل هذه التجربة.
وتقول الدكتورة/ كاترين كوهان أستاذة مساعدة في علم التطور الإنساني والدراسات الأسرية: “هذه النتائج تشير إلى أن هؤلاء الذين يريدون أن يخوضوا تجربة ما قبل الزواج يجب عليهم العمل على تنمية وسائل الاتصال النفسي والوجداني للتغلب على مشاكل الطلاق، ولكن هذه النتائج تُعَدُّ نتائج أولية للحكم على مثل هذه الدراسات، خاصة وأن هذه الدراسة تعد الأولى من نوعها.
وقد أعلنت نتائج هذه الدراسة في أواخر يونيو الماضي أثناء انعقاد المؤتمر الدولي عن العلاقات الشخصية في بريسبان بأستراليا.
وتُعَدُّ دراسة كوهان هي الأولى من نوعها؛ حيث قام الباحثون بزيارة هؤلاء الذين شملتهم الدراسة في منازلهم، وقاموا بالتحدث مع كل من الزوج والزوجة على حِدَة وأثناء الحديث قام الباحثون بطرح مجموعة من المشاكل الزوجية التقليدية، على أن يقوم الشخص باختيار أكثر المشاكل التي صادفها أثناء الزواج، ومن هذه المشاكل تلك المتعلقة بالجنس، والناحية الاقتصادية، الديانة، قرار إنجاب الأطفال ومتى، اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل والوظيفة. وبعد هذه المحادثة الهادئة، يجلس كل من الزوج والزوجة في المنزل أمام كاميرا فيديو لمدة 15 دقيقة في محاولة جادة لحل إحدى المشاكل التي اختارها أحدهم كواحدة من أهم المشاكل التي يعاني منها زواجهم، وعادة ما يتم تسجيل محادثتين بين الزوجين، إحداهما تتعلق بحل مشكلة طرحها الزوج، والثانية تتعلق بمشكلة طرحتها الزوجة.
وبتحليل شرائط الفيديو، وجد الباحثون أن الأشخاص المتزوجين بعد ممارسة تجربة ما قبل الزواج حتى لمدة قصيرة (شهرًا مثلاً) كانوا أقل كفاءة في حل مشاكلهم الزوجية مقارنة بغيرهم ممن لم يمروا بمثل هذه التجربة، فقد وجد أن الزوجات – مثلاً – اللائي مارسن العلاقات قبل الزواج كن أكثر عنفًا في سلوكياتهم مقارنة بمن لم يمروا بتجربة ما قبل الزواج.
واستكمالاً لهذه الدراسة، قام الباحثون بتوجيه الزوجين لاختيار إحدى المشاكل الشخصية من مجموعة منتقاة من المشاكل، مثل محاولة الإقلاع عن التدخين، أو إنقاص الوزن أو ممارسة هواية معينة أو زيادة الروابط العائلية مع أحد أفراد الأسرة، ثم يقوم الزوجان بمناقشة هذه المشكلة كما سبق أمام كاميرا الفيديو بالمنزل، وبالمثل وجد الباحثون أن نتائج تحليل الفيديو أكدت ما سبق أن أكدته النتائج السابقة بأن تجربة ما قبل الزواج تنعكس بآثار سلبية على الزوجين.
وتشير أحدث الإحصائيات من الولايات المتحدة، أن نصف عدد الزيجات التي مرت بتجربة ما قبل الزواج تنتهي عادة بالطلاق، وترى كوهان أن مثل هذه الحقيقة تستدعي إجراء أبحاث أخرى في هذا الشأن، وأن نتائج مثل هذه الدراسة مع غيرها من الدراسات التي أجريت في هذا الشأن تشير إلى علاقة وطيدة بين تجربة ما قبل الزواج وارتفاع معدلات الطلاق، وتضيف كوهان أن الخطوة القادمة هي وجوب متابعة المتزوجين حديثًا، سواء هؤلاء الذين عاشوا معًا قبل الزواج أم لا، لمدة زمنية تتراوح بين 4 إلى 5 سنوات؛ لمعرفة ما إذا كانت هناك مشاكل تتعلق بتوافق الزوجين النفسي والعاطفي، وما إذا كانت هذه المشاكل لها علاقة بتجربة ما قبل الزواج وارتفاع معدلات الطلاق أم لا؟
د. حسام عرفة