خالد يونس
يعتبر تلوث البيئة من أخطر مصادر وأسباب إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض الخطيرة،ويعد تلوث الهواء الناتج عن عوادم المصانع الكيماوية،ومعامل تكرير البترول والمحاجر ومصانع الأسمنت وغيرها حيث تتسبب الأتربة والغازات السامة التي تحتويها تلك العوادم في الإصابة بأمراض صدرية خطيرة مثل سرطان الرئة والربو الشعبي وغيرها، ويعاني الكثير من سكان المناطق الصناعية في مصر والعالم العربي من ارتفاع معدلات الأمراض الناتجة عن المعدلات العالية لتلوث الهواء بها.
ولأن الحاجة هي أم الاختراع –كما يقولون- فقد ابتكر مواطن مصري مرشحاً معدنيًّا لمنع تلوث الهواء من عوادم المصانع بمختلف أنواعها من خلال حجب الغازات السامة وامتصاصها قبل طردها من خطوط الإنتاج إلى طبقات الجو العليا.
وقد استوحى المواطن فكرة اختراعه أثناء عمله في مصنعه في الأشغال الحديدية والكريتال (الألومنيوم)، والذي حصل على براءة اختراع مسجلة بأكاديمية البحث العلمي المصرية،ويشرح عبد الرحمن بدر – 47 عام وحاصل على شهادة إتمام المرحلة الإعدادية فقط وعضو مجلس إدارة جمعية المخترعين المصريين، فكرة اختراعه قائلاً:إن المصانع الكيماوية والمحاجر والمسابك المعدنية لم تكن تستخدم أية مرشحات لتنقية مخلفاتها وعوادمها قبل طردها إلى طبقات الجو العليا حيث كانت تستخدم المداخن وهي عبارة عن مواسير عمودية ضخمة تقوم بتجميع عوادم الإنتاج.
أما فكرة المرشح الذي ابتكره والتطوير الذي قام به فهو إلغاء هذه المداخن من خلال تركيب المرشح في نهايات خطوط الإنتاج حيث يتم تجميع العوادم في جزء من المرشح يسمى غرفة التهدئة والتكثيف، ثم يتم سحبها إلى المرحلة الأولى من مراحل المعالجة حيث يتم ترسيب الأتربة والمواد الصلبة العالقة بالغازات وتخفيض درجة حرارتها.
وفي المرحلة الثانية يتم سحب الغازات إلى غرفة معالجة تضم عدة أقسام وفي كل منها مادة كيميائية معينة لامتصاص أحد الغازات السامة كل على حدة لتخليص الهواء من هذه الغازات
أما المرحلة الثالثة فيتم فيها استخدام المياه لتكرير الهواء المتبقي بعد التخلص من الغازات وتخفيض درجة حرارته قبل خروجه إلى الجو.
ويشير المخترع عبد الرحمن بدر إلى قيامه بعمل تعديل للمرشح العام قبل الماضي بتركيب مؤشر لقاس درجة حرارة الهواء بحيث تستمر عملية تخفيضها حتى تماثل درجة حرارة الجو العادية،ويضيف أن حجم المرشح ككل يتوقف على حجم العوادم الناتجة عن المصنع،وأنه قد تم تركيبه في عدة مصانع حكومية ومسابك معدنية ومصانع جلود وسماد وكاوتش وفي المحاجر أيضا،وأن نسبة كفاءة المرشح في تنقية العوادم من الغازات كانت في التجارب الأولى حوالي 70%، وبعد التعديلات التي أجريت على المرشح زادت كفاءته إلى نسبة 90%، حيث تم تقسيم الجزء الخاص بحجب الغازات وامتصاصها إلى عدد من غرف المعالجة حسب عدد الغازات الناتجة من المنشأة أو المصنع،بالإضافة إلى مؤشر حرارة الهواء المتبقي من العوادم.
وإن الجهات العلمية تقوم بتقييم أداء المرشح، ففور تركيبه في أي مصنع يتم استدعاء جهة علمية مثل جامعة عين شمس أو معهد التبين للكيماويات؛ لأخذ عينات من العوادم بعد تشغيل المرشح وتحليلها معمليًّا واعتماد نتائجها في تقارير لتقديمها إلى الجهات المعنية بشئون البيئة والصناعة.
ويقول المخترع عبد الرحمن بدر: إن نتائج التحليل الأخيرة قد أثبتت أن غاز ثاني أكسيد الكربون كانت نسبته في العوادم 700 مليجرام في المتر المكعب، وبعد تشغيل المرشح وصلت إلى 80 مليجرام، وقانون البيئة يسمح بنسبة 500 مليجرام في المتر المكعب.
أما المواد الصلبة فكانت قبل تشغيل المرشح 299 مليجرام وبعد التشغيل أصبحت 31 مليجرام في المتر المكعب، وقانون البيئة يسمح بـ 250 مليجرام، أما أكسيد الكبريت فكان 8 آلاف مليجرام وبعد تشغيل المرشح أصبح ألفين مليجرام وقانون البيئة يسمح بأربعة آلاف مليجرام في المتر المكعب، وكانت النتيجة النهائية للتحليل الذي أجرته جامعة عين شمس أن كفاءة المرشح بلغت 97%.
وفي النهاية يشير عبد الرحمن بدر إلى أن خامات المرشح كلها خامات محلية، ويتراوح سعره من 20 ألف جنيه إلى مائة ألف جنيه، بينما يصل سعر المرشح المستورد إلى مليوني جنيه،بل إن المستورد يحجب الأتربة والأجسام الصلبة وغازات قليلة فقط وليس كل الغازات.
كما أن شركة باير الألمانية التي تشرف على مصنع بوتاجازات الاتحاد الصناعي قد أثنت على المرشح عند زيارة مهندسيها للمصنع ورؤيتهم لكفاءة المرشح في تخليص العوادم من الغازات والمواد الملوثة للبيئة.
اقرأ في نفس الباب:
فحص الحامض النووي بالذهب!!
هل تعلم أن…؟