تسعى التخصصات المختلفة للعمل على تقليل الآثار السلبية الناجمة عما يتعرض له الأفراد حين يمرون بأزمات أو كوارث من قبيل الحروب أو الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين وغيرها… ومن بين هذه التخصصات أو على رأسها يأتي مجال الخدمة النفسية، والذي يهتم بسلامة الفرد النفسية، ومساعدته على إعادة القدرة على التأقلم مع الأوضاع التي يمر بها أو مرت به.
وتبلور ذلك من خلال ما عرف “بالمساندة النفسية” التي تعني في أبسط تعريف لها إمداد الفرد الذي وقع تحت ضغط أزمة ما سواء كانت عامة أو خاصة بالدعم النفسي، وإحساسه بالمشاركة، ومساعدته على التنفيس عما يجول بخاطره، ومساعدته كذلك على إعادة تنظيم أفكاره، من خلال استبصاره بالخبرة التي مر بها؛ وهو ما يمكنه من التخلص التدريجي من آثارها، وتقليل أو علاج ما خلفته من اضطرابات أو تشويهات فكرية أو انفعالية.
هذا.. ويقوم بدور المساندة النفسية غالبا أخصائي نفسي مدرب؛ حتى يتمكن من التعامل مع ضغوط الأفراد بطريقة حرفية ومهنية سليمة، فمن المفترض أنه يقوم بتشخيص الحالة، ثم علاج ما يمكنه في حدود خبرته وتأهيله العلمي، أو التحويل للمختص لو كان هناك ما يخرج عن قدرته على التعامل معه كالتحويل للطبيب النفسي.
وتتفق معظم الكتابات التي تتناول فرق المساندة النفسية على ضرورة أن يشتمل الفريق على أخصائي نفسي مدرب، بالإضافة إلى طبيب نفسي، كذلك يشتمل الفريق على أخصائي اجتماعي.
بالإضافة إلى المتطوعين من غير الدارسين الذين يتم تدريبهم بحيث يمكنهم المساعدة في مثل ذلك. ويتم التدريب على عدة مهارات للفريق الذي يقدم المساندة النفسية للمتضررين في الأزمات المختلفة منها:
1- التدريب على أساليب التواصل الفعال.
2- التدريب على تشخيص الاضطرابات المختلفة التي يشيع ظهورها في مثل هذه الحالات، كالقلق، والمخاوف، والاكتئاب.
إلى غير ذلك من الاضطرابات مع الإلمام بأعراض كل منها لتشخيصه. وما يجب التنويه إليه إلى أن المساندة النفسية على الرغم من كونها اصطلاحا عاما يصلح للمواقف المختلفة، إلا أن هناك فروقا نوعية يجب أخذها في الاعتبار، مثل: المساندة النفسية للأطفال والتي تحتاج لخبرة في التعامل مع الأطفال، فالطفل قد يصعب عليه التعبير عما أصابه في صورة كلمات، كما يصعب علينا توصيل ما نريده له بنفس الطريقة، وهنا يجب أن نكون على دراية بالوسائل الأخرى والتي تشمل: الرسم، واللعب، والسيكودراما.
أولا- دليل المساندة النفسية للراشدين والمراهقين
ثانيا – دليل المساندة النفسية للأطفال
ثالثا – المراجع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولا : دليل المساندة النفسية لمتضرري الحروب والكوارث من الأطفال 2006
التعامل مع الأطفال من متضرري الحروب والكوارث
يختلف التعامل مع الأطفال المتضررين من الحروب والكوارث عن التعامل مع المتضررين، وذلك من حيث الأعراض التي تظهر عليهم وكذلك من حيث الطريقة التي يجب علينا اتباعها في التعامل مع ما يظهر عليهم من أعراض…
ويرجع اختلاف طريقة التعامل مع الأطفال عن الكبار إلى عدة أسباب منها:
1ـ انخفاض قدرة الطفل على التعبير، بمعنى أنه لا يعرف كيف يعبر عن آلامه وما يعانيه في صورة كلمات أو ألفاظ لغوية.
2 ـأن ما يظهره الطفل من علامات ومؤشرات ظاهرة (كالبكاء أو ما يظهر عليه من علامات للتعبير عن الخوف).
يمكن تفسيره في أكثر من فئة، بمعنى أن البكاء ربما يعبر به عن القلق النفسي أو عن الحاجات الفسيولوجية كالجوع مثلا… أو قد يعبر به عن رغبته في أن يلفت نظر الآخرين له.
3 ـإن مساعدة الطفل في التخلص من معاناته لا يصلح معها أيضا الكلام المباشر، وذلك لانخفاض قدرته على إدراك ما يقع خلف الكلمة من محاولة للتخفيف؛ فمن الصعب على الطفل فهم المحاولات الكلامية المباشرة لتعديل أفكاره وجعله يتقبل ما يتعرض له.
4 ـإن الطفل بوجه عام وفي الظروف الطبيعية يحتاج لطريقة خاصة في التواصل والتفاعل معه؛ فالتعامل معه يحتاج لمهارة من الفرد الذي يرغب في إقامة علاقة معه.
وهي تلك المهارة التي سوف نتحدث عنها بالتفصيل على النحو التالي:
-كيفية تكوين علاقة مع الطفل والتواصل معه
-ماذا نعني هنا بالفرز النفسي الأول
-مهارة جمع المعلومات عن الأطفال
-التشخيص:
أأعراض ما بعد الصدمة لدى صغار الأطفال:
بالأطفال في المرحلة الابتدائية
– وسائل التشخيص:
أولا: الرسم
ثانيا: اللعب
ثالثا:السيكودراما
ما المقصود بالتفريغ النفسي؟
كيفية تكوين علاقة مع الطفل والتواصل معه
ما نعنيه من كلمة تواصل هو وجود طريقة للتفاعل أو التعامل يمكنك من خلالها كراشد أو شخص كبير الدخول مع الطفل في علاقة أخذ وعطاء في حالة من التفاعل المتصل.
الهدف من التواصل:
نهدف من تواصلك مع الطفل أولا إلى إقامة علاقة معه بحيث يستطيع أن يتفاعل معك ويأمنك فتتمكن من تقديم العون له.
وفي حالة رغبتك في تكوين علاقة مع الطفل يجب عليك أخذ ما يلي في الاعتبار:
1ـ إن الطفل يفهم ويشعر بمدى رغبتك في مساعدته واستعدادك لتقبله مهما كانت حالته.
وعلى هذا فيجب أن تكون لديك رغبة صادقة في التفاعل مع الأطفال واستعداد لبذل جهد لتحقيق ذلك؛ لأنك مهما تحاول اصطناع ذلك دون وجود رغبة حقيقة فسوف يكتشفها الطفل، مما يعوقك عن تكوين علاقة به.
2 ـابتعد عن اقتحام الطفل بصورة مباشرة في اللحظات الأولى للقاء.
فالأطفال في الظروف الطبيعية يخشون الاحتكاك بالكبار من اللحظات الأولى؛ فما بالك بهؤلاء الأطفال الذين ربما فقدوا ذويهم أو فقدوا منازلهم أو …
ومعنى هذا.. ألا تحاول حمل الطفل مباشرة قبل محاولة اجتذابه؛ لأن ذلك يزيد من قلقه ونفوره ويطيل من وقت تكوين العلاقة معه.
3 ـ حاول أن تجذب الطفل من على بعد.
ولا مانع من استخدام بعض الأشياء المحببة للأطفال في بداية الأمر لجذب انتباهه لك، كالحلوى وبعض الألعاب التي من الضروري وجودها معك.
4 ـ لا تكتفي بجذب طفل واحد لك، بل حاول واجتهد في اجتذاب آخرين، وذلك بأن تحاول أنت والأول إحداث بعض الأصوات التي تصدر عن لعبة كلامية أو أن ترفع صوتك بأنك سوف تروي حدوتة أو حكاية عن أرنوب أو…. (اختر ما يحلو لك من حكايات منتشرة في بلدك يميل لها مع الأطفال).ولا مانع إذا كنت في خيمة أو مكان به أطفال عدة من أن تقوم بإجراء حوار بصوت مرتفع مع الطفل الأول، أو أن تروي الحكاية وكأنك تقولها لكل الأطفال، على أن تكون الرواية شيقة، ثم اخفض صوتك عند جزئية معينة لها أهميتها حتى يحاول البعض أن يقرب منك ليعرف ماذا حدث….
5 ـعند تواصلك مع الأطفال حاول أن تبالغ قليلا في صوتك وانفعالاتك، بحيث تعبر ملامح وجهك بأكملها عند الفرح مثلا في حالة تحدثك عن شيء مفرح في إحدى القصص التي ترويها.
فهذا الشيء يسعدهم، كما أنه ينشط حواسهم لك، ليس ذلك فقط، بل يخرجهم من الحالة التي تؤثر عليهم.
6 ـ لا مانع من لمس الطفل في أثناء الرواية أو اللعبة التي تمارسها معهم وذلك بهدوء وبدون افتعال أو قصد، إلا أن للمس أهمية كبيرة في إحساس الطفل بالأمان والقرب.
7 ـحاول أن تساعد الطفل في قضاء حاجاته الفسيولوجية إذا استطعت، فساعده في دخول الحمام إن هو طلب ذلك، أو ساعده في تناول طعامه في حالة رغبته؛ فقضاء الحاجة الخاصة بالطفل يساوي من وجهة نظره الحب، ويشعره بالتقارب.
8 ـاسمح للطفل بالتحدث حتى لو كان حديثه يبدو غير متماسك، فليس هدفك في هذه المرحلة هو تشخيصه أو فحصه؛ فالمطلوب فقط هنا هو بناء علاقة.
وفي ذلك حاول أن تظهر انتباهك واهتمامك ورغبتك في أن يكمل ما لديه.
ويمكنك في ذلك استخدام إيماءات تعبر عن رغبتك في الاستماع، وذلك بأن تهز رأسك، أو تستخدم كلمات مثل… وبعدين…. هاه….
كل ما سبق يمكنك من إقامة علاقة جيدة بالطفل تسمح لك بالتعرف على ما يعانيه الطفل، كما تسمح لك أيضا بالتدخل لمساندته.
ـ وعلى الرغم من عمومية ما سبق أنه يصلح كخطة للتعامل مع معظم الأطفال، فإن ذلك لا ينفي أن تأخذ في اعتبارك خصوصية كل طفل.
فإذا كان معظم الأطفال يميلون للحلوى، فهناك أطفال قد لا يجذبهم ذلك بقدر ما يجذبهم أن يروا مدى تقبلك لهم.
وفي أثناء إقامتك لهذه العلاقة التي نتحدث عنها سوف تتمكن من تحقيق عملية الفرز الأولية لهؤلاء الأطفال.
ماذا نعني هنا بالفرز النفسي الأول:
ـ المقصود بالفرز النفسي هو تحديدك المبدئي لفئتين إحداهما فئة الأطفال الذين خلفت الكارثة لديهم نوعا من الاضطراب الظاهر، كالبكاء المستمر أو مظاهر الخوف الشديدة أو غيرها من العلامات الظاهرة التي تجعلك تقرر إن هذا الطفل يجب التدخل معه لمساعدته فورا، وهذا لا يعني أنك ستهمل الآخر الذي سوف تضعه في الفئة الثانية (فئة غير المضطرين)، هؤلاء الذين يتفاعلون ويظهر عليهم عدم التأثر الشديد، ولكن الفارق الوحيد بين الفئتين هو:
أن تدخلك سيكون أسرع للأطفال في الفئة الأولى الذين تظهر لديهم الأعراض أو يشكو ذووهم أو المشرفون على الخيام التي يسكنونها منهم.
ملحوظة مهمة:
لاحظ أن هذا الفرز هو عملية مبدئية، فربما تثبت لك المعلومات بعد ذلك أن الطفل الذي يبدو وكأنه غير متأثر بدرجة شديدة هو أكثر الأطفال احتياجا لمساعدتك، ولكنه يقاوم أو لا يملك التعبير عن معاناته أو أن هذا التأثير سوف يظهر عليه لاحقا.
وهنا مكمن أهمية المعلومات التي يجب أن تجمعها عن الطفل.
مهارة جمع المعلومات عن الأطفال:
على الرغم من أن هذه المهارة تأتي في تسلسل كتاباتنا في رقم (3) فإن ذلك لا يعني أنها مرحلة تالية على إقامة العلاقة والفرز النفسي، بل هي مهارة ومرحلة أساسية في كل المراحل أو المهارات السابقة واللاحقة عليها.
فلكي تقيم علاقة جيدة مع الطفل فيمكن أن تساعدك المعلومات التي تجمعها عنه في تحقيق ذلك بسهولة قد تعرف من المعلومات أنه يحب الحكايات أو يميل للعبة كذا أو……
فإن هذا سيختصر لك محاولاتك للتقرب منه.
ـ كذلك فإن المعلومات عن الطفل سوف تساعدك في عملية الفرز المبدئي، بل وربما تجعلك تغير رأيك في حالة ما مثال:
طفل يبكي بكاءً مستمرا وتبدو عليه علامات الضيق وعدم الرغبة في الكلام مع أي فرد
ـ ربما تعتقد هنا أن ما يظهر يرجع إلى ما تعرض له وما يعانيه وأنه أحد الحالات التي يجب التدخل الفوري لمساندتها….
ولكن حينما تعرف من أمه أو المسئول عنه أن ما يظهر عليه هو طبيعته حتى قبل الأزمة، وأن له شروطا ما في الحصول على رضاه وتوقفه عن البكاء فسوف تتغير وجهة نظرك بالتأكيد!.
وحيث إن الطفل كما سبق أن أشرنا من الصعب عليه أن يعبر عن أزمته وما يعانيه فعليك أن تهتم بتعدد مصادر جمع البيانات عن الطفل والتي تشمل:
1 ـ ملاحظتك للطفل بنفسك، وذلك من خلال رؤيتك له عن بعد وملاحظتك لطريقة تفاعله وتحركه و………..
2 ـجمع المعلومات عن الطفل من خلال سؤال أفراد أسرته أو من يشرف عليه في المكان الذي يعيش فيه أو الراشد المسئول عنه………
وهناك طريقتان أساسيتان لجمع المعلومات من المسئولين عن الطفل، وهما:
1 ـالسؤال العام عن الطفل وترك المتحدث يذكر كل معلوماته عن الطفل دون مقاطعته، ويتم ذلك في صورة حكاية أو مقتطفات عن سلوكيات الطفل، ويحتاج الأمر منك بعض التدخل في طلب بعض المعلومات أو الاستزادة حول نقطة ما.
2 ـوتعتمد الطريقة الثانية على سؤالك أنت عن بعض الأمور المحددة والتي تفيدك في التعرف على اضطراب الطفل.
وربما تكون هذه الطريقة أكثر فاعلية في الحصول على ما تحتاجه من معلومات؛ ففي الطريقة الأولى (حكاية المسئول عن الطفل) ربما يغفل دون قصد منه معلومة في غاية الأهمية لتحديد حالة الطفل فيعتبرها قليلة الأهمية مثل أن الطفل يستيقظ أكثر من المعتاد لعدة مرات في أثناء الليل دون بكاء ولكنه فقط يستيقظ ثم ينام بعد دقائق.
إذا كان الأمر كذلك، فما هي الأسئلة أو الموضوعات التي ينبغي عليك أن تضعها في اعتبارك عند السؤال عن طفل:
1 ـ اسأل عن طبيعة الطفل قبل الأزمة وهل هناك اختلاف؟ اطلب من المسئول عن الطفل أن يحدد هذه الاختلافات؟.
مثال:
كان الطفل ينام لمدة ساعات (6 أو 7 أو….) دون استيقاظ في أثناء الليل، وبعد الأزمة أصبح يستيقظ في صراخ في أثناء الليل مرتين على الأقل…..
2 ـ اسأل عن الطريقة التي عبر بها الطفل عما شاهده، وكيف فسرت له أسرته أو من حوله ما حدث، وكيف استقبل ذلك.
3 ـاسأل عن استجاباته الأولى، هل ظهرت عليه علامات قلق أو خوف أو تبلد أو…..
4 ـ اسأل عن نوم الطفل، طعامه، قضائه لحاجاته.
5 ـ اسأل عن لغة الطفل هل حدث فيها تغير، هل ظهرت عليه مشكلات كان قد تخلص منها كالتبول اللاإرادي مثلا.
6 ـ اسأل عن الأشياء المحببة للطفل فإن ذلك سوف يعينك عند التدخل لمساندته والتقرب له.
ومن خلال التكامل بين ملاحظتك الشخصية للطفل ومعلوماتك من أسرته سوف تكون صورة كاملة عن الطفل مما يساعدك على تحديد أولوية التدخل بالمساندة المطلوبة للحالات الأكثر إلحاحا ولكن.. ما المقصود بتحديد الأولوية في التعامل مع الأطفال؟.
ويعني تحديد أكثر الحالات شدة والتي يجب التعامل معها فورا ويتم ذلك من خلال تقييمك للمعلومات التي حصلت عليها عن الأطفال وحسب شدة الأعراض التي تظهر على الطفل، وفي كل الأحوال هناك حالات يجب عليك اعتبارها على رأس القائمة، وتشمل:
1 ـالطفل الذي لا يتحدث ولا يظهر أي تأثر، بل يبدو غير مبال أو لا تظهر عليه أي استجابة لا سلبية ولا إيجابية.
2 ـالطفل الذي توقف عن بعض الأمور الفسيولوجية الأساسية أو حدث اضطراب فيها كالأكل أو قضاء الحاجة (دخول التواليت).
3 ـ هذا بالإضافة إلى باقي الأطفال الذين يظهرون الأعراض المرضية.
ولتحديد الأعراض المرضية يجب عليك أولا الإلمام بها للتدخل حين ظهورها.
التشخيص
سوف تقابل بعض المظاهر أو الأعراض التي يمكن من خلالها تحديد معاناة الطفل وغالبا ما سوف تظهر لك الأعراض في الصورة التالية:
تأعراض ما بعد الصدمة لدى صغار الأطفال:
تظهر الأعراض المرضية لدى أطفال ما قبل المدرسة في عدد من الأعراض المحدودة والتي يمكنك بسهولة التعرف عليها ورصدها، وتشمل:
1 ـ الخوف الشديد بل وربما الرعب والهلع والذي يظهر في:
-الخوف من الآخرين خاصة الغرباء، فتجده منزويا بعيدًا لا يأمن وجود الأغراب وربما يصرخ إذا حاول أحد الغرباء الاقتراب منه.
-يظهر في صورة فزع وصراخ عند ابتعاد أحد أقاربه عنه (وهو ما يسمى بقلق الانفصال) فهو يخشى أن يترك بمفرده.
-يظهر في اضطراب النوم والتي تشمل الفرغ في أثناء الليل أو زيادة عدد ساعات النوم عن المعدل الطبيعي أو ظهور الكوابيس التي تجعله يستيقظ في حالة صراخ مستمر.
)لاحظ سؤال أسرة الطفل عن ذلك؛ حيث إنه قد لا يتسنى لك معرفة ذلك أو متابعته نظرا لحدوثه ليل).
2 ـ تكرار رموز أو ألعاب ترمز للحادث المأساوي وذلك بأن يكرر ضرب النار مثلا باستخدام يديه أو عصا أو أي شيء يتوفر له، وربما يكرر ما سمعه دون تفسير وذلك في صورة لعب.
•ولكي يتميز هذا النوع المرضي من اللعب عن اللعب الطبيعي، وستجد الفرق في علامتين مميزتين لهذا النوع من اللعب، وهما:
أ – أن هذا اللعب يمارسه الطفل دون شعور بالسعادة أو المتعة، حيث يمارسه وكأنه مجبر على تكراره، ولكن دون أي شعور بالبهجة التي غالبا ما ترتبط بحالة اللعب لدى الأطفال في الظروف العادية.
ب- إن هذا اللعب يأخذ شكلا واحدا دون تنوع هذا التنوع الذي يميز لعب الأطفال في الظروف العادية، فنجدهم يكررون نفس اللعبة دون تغيير.
3 ـ الارتداد لممارسات سابقة، فيعاود الطفل أشكال من السلوك أو الممارسات كان قد أقلع عنها بحكم النمو، والتي تشمل:
– مص الأصابع، فنجد الطفل يعاود ممارسة ذلك الفعل بعد أن توقف عنه، وهو ما يعبر به عن قلقه وتوتره.
– عدم السيطرة على علمية الإخراج، فنجد الطفل بدأ يتقهقر أو يرجع إلى التبول اللاإرادي أو التبرز اللاإرادي في بعض الأحيان بعد أن كان قد سيطر عليهما.
وربما تظهر سلسلة أخرى من الأعراض بصورة نوعية تختلف من طفل لطفل، فقد يظهر على بعض الأطفال ما يلي:
-حالة من الشرود أو السرحان وكأنه ينظر لشيء ما فهو هنا ربما يعاود مشاهدة الموقف مرة أخرى أو يتذكره وكأنه يشاهده على شاشة أمامه.
-حالة من الحركة المستمرة غير الهادفة، بمعنى يتحرك بدون هدف واضح للحركة، وهو يعبر من خلال هذه الحركة إلى توتره، وعدم قدرته على ضبطه.
ثالأطفال في المرحلة الابتدائية
وتأخذ الاضطرابات اللاحقة على الصدمة لدى الأطفال الأكبر سنا عدة أشكال تشمل:
1 ـالاسترجاع البصري للأحداث، والمقصود به أن يعيد الطفل الأحداث التي تعرض لها في شكل صور يحدثك عن تفاصيلها أو يعبر عنها في صورة رسوم أو ألعاب يحددها هو.
2 ـ نسيان أو خلل في ترتيب الأحداث فترى الطفل يروي لك ما حدث ولكن دون ترتيب دقيق كما تجد أن هناك جزءا من الأحداث مفقودا فلم يعد يتذكره، وهي محاولة منه (غير واعية) للتخلص من بعض المشاهد أو الأفكار أو الأحداث التي لا يحتملها أو لا يرغب في الاحتفاظ بها.
3 ـزيادة الخوف والتوتر:
وفيه يبدو الطفل وكأنه في حالة توقع لحدوث مكروه، فهو يتوقع دائما أنه سوف يتعرض لخطر كالذي مر به، فيحدث له نوع من الحركات اللاإرادية، كما يخشى النوم بمفرده حتى لو كان قد سبق أن تدرب عليه ومارسه، فيخشي أن يكون بمفرده في أثناء النوم.
وينسحب الخوف على أي نشاط يمكن أن يفعله بمفرده وقد يصل الأمر في حالة الخوف الشديد إلى عدم قدرته على دخول الحمام بمفرده أو حتى التحرك لعدة خطوات بعيدًا عن أسرته.
-ودائما ما يلفت الطفل المحيطين به إلى أنه يشعر بأن هنا أو مكروها سوف يقع كالذي حدث ويربط بين ما حدث قبل الأزمة وما يراه الآن، بمعنى أنه إذا كان القصف حدث في أثناء تناول الطعام مع الأسرة، ففي كل مرة يبدأ في تناول الطعام يؤكد أن القصف ربما يحدث الآن، أو يعبر عن ذلك في صورة قلق يظهر من خلال ملامح وجهه أو رعشة يديه أو حتى في مشكلات البلع أو رفض تناول الطعام.
4 ـ تراجع في السلوك: أو الارتداء لممارسة كان الطفل قد تخلص منها، وتشمل:
– الخوف من الظلام: فنجده يصرخ من الظلام أو يعبر عن ضيقه الشديد منه.
– الالتصاق بالوالدين أو من يمثلهم فيربط حركته بحركتهم ولا يستطيع نهائيا الانفصال عنهم.
– مص الأصابع وفقدان التحكم في الإخراج بنفس الطريقة التي تحدثنا عنها لدى الأطفال الأصغر سنا.
5 ـ انخفاض القدرة على التركيز وبعض القدرات المتعلقة بالتحصيل الدراسي:
فنجد الطفل لا يستطيع التركيز أو الانتباه لشيء معين لبضع دقائق، ويظهر ذلك في تواصله مع المحيطين به، فقد تحدثه في موضوع ويدخل على موضوع آخر، أو تتحدث له وعند سؤاله يظهر أنه كان مهتما بأمر آخر، فيشرد فيه بذهنه.
6 ـ زيادة الغضب والعنف السلوكي واللفظي، والإحباط وربما تظهر سلوكيات غير مقبولة سواء موجهة للآخرين أو موجهة لنفسه خاصة لدى المراهقين فنجد الطفل يدخل في ثورات غضب قد يتلعثم فيها؛ فهو يثور لأتفه الأسباب أو حتى دون سبب، أما العنف فيظهر في سلوكيات من خلال كسر ما يقع تحت يده من أشياء أو قذفها، وضرب أقرانه من الأطفال، وأحيانا ضرب بعض أفراد أسرته كذلك يظهر العنف اللفظي في صورة سب الأشخاص أو الأشياء، والذي يعبر من خلاله عن حالة السخط التي تعم شخصيته، ويظهر العنف نحو الذات في صورة تعمد إصابتها فيؤذي نفسه.
7 ـ ويظهر لديه الإحباط في صورة عدم رغبة في المشاركة أو غياب الاندماج مع الآخرين والتعبير عن عدم جدوى أو فائدة أي تصرف يفعله له الآخرون.
8 ـ رفض الحدث وإنكاره:
وفي الحقيقة تعد هذه العلامة من المؤشرات المهمة على مدى الضرر الذي يستشعره الطفل، فهو لا يحتمل مجرد تصديق أن هذا الحدث قد تم بالفعل فينكر ذلك تماما، ولا يصدقه.
وهذا الطفل تحديدًا يحتاج لمضاعفة المجهود معه حتى نصل به إلى مجرد الاعتراف بأن الموقف حدث بالفعل…
إذا كانت هذه هي الأعراض التي تظهر في البداية كاستجابة تظهر على الطفل فإن هناك العديد من الاضطرابات المرضية الأخرى التي قد تظهر لدى الطفل، ربما في وقت متأخر من حدوث الكارثة، فنجد أن الطفل يدخل مثلا في حالة من الاكتئاب مثله مثل الكبار والتي تظهر في صورة الأعراض التالية:
1 ـ عدم القدرة على الاستمتاع بأي شيء.
2 ـ توقع مكروه بصورة دائمة.
3 ـ عدم الرغبة في التحدث أو التواجد مع الآخرين.
4 ـ عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية.
5 ـ عدم الرغبة في التعبير عما يعانيه أو الدخول في تواصل.
6 ـ نقص الطاقة، فنجده خاملا لا يحرك ساكنا ولا يرغب في أي نشاط.
وفي مثل هذه الحالة ومع شدة ما يظهر عليه من أعراض، ربما يحتاج الأمر منك كمساند إلى التوصية لتحويله لطبيب نفسي أو معالج نفسي متخصص ليتمكن من مساعدته على الخروج من ذلك بأقل الخسائر ممكنة أو التخلص منه نهائيا.
ولكن كيف لك أن تصل إلى هذا التشخيص أو ذاك خاصة في حالة الأطفال الذين تكمن مشكلة تشخيصهم في كونهم لا يستطيعون التعبير عن معاناتهم بصورة لفظية؟.
وسائل التشخيص
سيتم ذلك من خلال وسيلتين أساسيتين هما:
1 ـ الرسم.
2 ـ اللعب.
وسوف نتحدث عن كل واحدة منهما بالتفصيل على النحو التالي:
أولا: الرسم:
يعتبر الرسم إحدى الوسائل المهمة في تشخيص ما لدى الطفل من مشكلات أو أفكار لا يملك التعبير عنها في صورة كلمات.
ولتحقيق الفائدة المطلوبة من الرسم اتبع ما يلي:
1 ـ أعط الطفل ورقة وعدة أقلام ودعه ليختار القلم الذي يرغب في استعماله، شريطة أن تكون الأقلام مبراة بدرجات مختلفة، فنضع قلما ذات سمك كبير، وقلما آخر ذات سن رفيع، وقلم آخر بينهما.. لماذا؟
فاختيار الطفل لسمك القلم يعبر عن بعض الأمور النفسية لديه، فمثلا استخدام قلم *** وضيع وعدم الضغط عليه بحيث تظهر الخطوط باهتة، يعبر عن انخفاض الطاقة لدى الطفل وعدم شعوره بالأمان أو قلة الرغبة في التعبير عن الذات.
2 ـ حاول أن ترقب الطفل وهو يرسم، دون أن يلتفت لذلك، ما أهمية ذلك؟ سوف يظهر على وجه الطفل بعض العلامات عند رسم بعض الموضوعات ربما تعطيك فكرة عما يفكر فيه مثلا تردد الطفل في رسم الذراعين أو توقفه عند رسمهما أو انزعاجه عند رسمهما، فقد يعبر ذلك عن مشهد رآه لشخص مبتور الذراعين أو أصيب في إحدى ذراعيه، وهو ما يخشى أن يرسمه.
3 ـ حاول في نهاية الرسم السؤال عما رسمه الطفل فقد يرسم الطفل بعض الموضوعات التي لا تفهمها أو تراها تحتاج إلى تفسير، فلا مانع من سؤاله عن ذلك، فقد يرسم طفلا دون رأس، وعند سؤاله يقول إن هذا هو حال الطفل بعد القصف وهو ما يشير إلى مدى تركيز الصور التي رآها في ذهنه أو حتى تخيلها إن لم يكن رآها.
– وقد يكون من المفيد أن تطلب منه أن يحكي قصة عن الأشخاص والموضوعات في رسمه فهذا قد يساعدك أكثر في الفهم، كما يساعده على التعبير اللفظي عما رأى، وربما يظهر لك بعض الخلط في أفكاره التي يعرضها تعليقا على رسمه.
أمثلة عملية
لكي يتيسر لك تفسير رسم الطفل وتفهمه، والتعرف على مدى أهميته، إليك بعض النماذج لرسومات أطفال في أثناء تأثرهم بصدمة تعرضوا لها أو كارثة:
النموذج الأول:
رسم طفلة فلسطينية عاصرت قصف مدينتها والمنازل المجاورة لها:
رسمت الطفلة عدة أشجار متدرجة في الطول الشجرة الأولى قصيرة ولكنها مثمرة بدرجة كبيرة وأوراقها كاملة ثم شجرة أطول ولكنها ذات إثمار ضعيف، ثم شجرة أكثر طولا ولكنها ذات إثمار ضعيف جدا وأوراق معدودة، ثم شجرة أخرى أطول ولكنها خاوية تماما من الأوراق والفروع وتبدو ساقا فقط.
-وعند سؤالها عبرت أن هناك ريحا تأتي لتأخذ من الشجرة أوراقها وثمارها كلما كبرت، بحيث لا يستطيع أهل الشجرة وأصحابها الاستفادة من أوراقها في إطعام أطفالهم.
-وكانت تعبيراتها اللفظية كالتالي:
” الريح الشريرة ترفض أن يأكل الأهالي من ثمار زرعهم….”
وبالطبع ترمز الريح الشريرة للعدو الصهيوني الذي يقتلع كل شيء حتى لا يستفيد به أهل البلد.
النموذج الثاني
رسم الطفل “محمد” الذي نجا من العبارة السلام “98” رسم فيه ما يلي:
رسم سمكة كبيرة تأكل سمكة صغيرة، وهنا استخدم محمد الأسماك كرموز.. فالسمكة الصغيرة هي أهله الذين غرقوا في البحر، مما يكشف عن شدة قلقه، رغم عدم قدرته على التعبير.
والسمكة الكبيرة ترمز للبحر الذي أكل الناس بالفعل.
النموذج الثالث
رسم طفلة (آية) تبلغ من العمر 6 سنوات، وقد فقدت في زلزال مصر 1992 أسرتها ومنزلها فقد عبرت فيه كما يلي:
رسمت منازل، وأشخاصا وكتبا وأدوات منزلية تطير في السماء وبعضها يغيب وراء السحاب المنتشرة في السماء….
وفي هذا الرسم تعبر “آية” عن فقدان منزلها وأسرتها، وعلقت على ذلك “كل حاجة راحت عند ربنا، وماما خدت المطبخ معاها عشان تعمل لبابا أكل هناك لحسن ربنا تكون عنده الأنبوبة فاضية وبابا بيجي جعان… ولما ماما تخلص الأكل هاتنده عليا عشان أطلع آكل…
فقد عبرت آية عن شعورها بفقدهم، وعن رغبتها في اللحاق بهم للحياة وسطهم.
وقد يرمز الطعام هنا للحب، والاحتياج العاطفي.
النموذج الرابع
رسم طفل 5 سنوات في حالة انهيار منزلهم:
رسم فيه عددا كبيرا من الأفراد في صورة عائلات أم وأب وأطفال في مكان كبير يقفون كالمعلقين لا هم على الأرض ولا هم في السماء، وكل منهم يمارس نشاطه، فهناك من يخلع ملابسه، ومن يسرح شعره…، وقال معلقا:
“كلهم هايقعوا عشان الأرض بعيدة وهمه عبيطين مش عارفين وبيسرحوا، همه هايقعوا أنا عارف…”
وفيها عبّر الطفل عن غياب الشعور بالأمان، وإحساسه بأن الموقف سوف يتكرر ثانية، وعليه فينبغي على الأفراد الحذر، وعدم ممارسة حياتهم بشكل طبيعي تحسبا لوقوع هذا الحادث مرة ثانية.
وهناك العديد من النماذج التي يمكن أن ننقلها يعبر فيها الأطفال عما يدور بداخلهم، ويمكنك الاستفادة منها في الفهم والتشخيص.
فالرسم وسيلة جيدة لتحقيق ذلك خاصة أنك لم تقم بتقييد الطفل برسوم معينة… ولكن!!
عند استخدامك للرسم في التفسير والفهم احذر ما يلي:
1 ـ أن تعتمد على الرسم وحده كوسيلة لفهم حالة الطفل والتعرف على معاناته، فعلى الرغم من أهمية وسيلة الرسم كوسيلة لفهم حالة الطفل والتعرف على ما يجول بخاطره فإنها وحدها ليست كافية، كما أنه لا بد من التحدث معه حول رسمه لأن ذلك يشعره بالاهتمام كما أنه يمكن أن يساعدك في التفسير.
2 ـ لا تتسرع في تفسير رسومات الطفل بما تفهمه أنت، فربما يكون تفسيرك هو ما تشعر به أنت وليس ما يقصد الطفل توصيله؛ لذا فإن سؤاله عما رسم أمر في غاية الأهمية.
3 ـ حاول الحفاظ على رسومات الطفل في كل المراحل؛ حيث إن اختلاف رسوماته، وتوجهاتها يساعدك في التعرف على تطور الحالة، ومدى نجاح ما تقوم به من تدخل في تحسين الحالة النفسية للطفل وهو ما سوف ينعكس على رسومه، فتجده يرسم رسوما أكثر تنظيما، وتشعر فيها بالأمان أكثر.4 ـ حافظ على هدوئك؛ فلا تظهر أي تعبيرات لا لفظية ولا غير لفظية في أثناء رسم الطفل حتى يجعل من رسمه مجالا حرا ينفس فيه عما بداخله هو دون تدخل، مهما بدا الرسم غريبا.
ثانيا :اللعب كوسيلة من وسائل التشخيص:
اللعب أحد المجالات المهمة في حياة الطفل بوجه عام ليس في إدخال المرح والسرور على حالته النفسية فقط، بل إن اللعب وسيلة لتعلم الطفل بعض الأدوار التي سوف يقوم بها.. كالطفلة التي تهتم بدميتها كما تقوم أمها بذلك نحوها….
وللعب دور كبير في تنفيس الطفل عن نفسه، فنجد الطفل يضرب عروسته أو دميته ليعلمها الأدب كما تفعل معه أمه ووالده.
ولهذا يمكن أن نستخدمه في التشخيص والفهم كما يمكن أن نستخدمه في العلاج كوسيلة لتفريغ الطفل للشحنات التي تقع داخله، سواء كانت شحنات غضب أو عدوان أو قلق أو ….
كيف يظهر اللعب الحالة النفسية للطفل؟
يلجأ الطفل للعب للتعبير عن حالته بصورة مختلفة، فقد يلعب الطفل لعبة يخبر بها عما رآه أو ما تعرض له في صورة قهرية أو رغما عنه، فنجده يكرر الحدث في صورة لعبة فيمسك الأشياء ويقذفها أو يضرب الأشخاص أو يصيح بالكلمات التي سمعها في أثناء المشهد الذي تعرض له.
ومن أمثلة ذلك:
النموذج الأول:
طفل في الخامسة من عمره تعرض والده للاعتقال بصورة وحشية أمامه، فأتى بعض أفراد السلطة لأخذه من منزله أمام أطفاله، فظل هذا الطفل يكرر تلك اللعبة مع الأطفال معه في الحي، فيلعب دور الضابط الذي يقبض على الناس، وذات مرة ظل يضرب الطفل الآخر (المفترض أنه المتهم أو المعتقل) حتى أصابه فأدمى جسمه.
على الرغم من أن ذلك لم يحدث مع والده بهذه الدرجة، فإنه أراد أن يعبر عن عدوانه بهذه الطريقة.
النموذج الثاني:
طفلة أخرى تعرض منزلها للهدم في حملات الاجتياح الإسرائيلية على منازل الفلسطينيين أخذت تمارس لعبة فردية وهي أن تقوم بتجهيز وتركيب القطع المكونة لمنزل وتحرص على إتمامه بصورة دقيقة ووضع كل شيء في مكانه، ثم لا تلبث أن توقعه بطريقة عنيفة حتى لتتطاير القطع وتظل تبكي وتبكي حتى تدخل في حالة من الإغماء وحين منعها من ذلك تظل تحاول وتجاهد حتى تفعل، وحينما منعت من قطع المنزل استعاضت عنه بالورق لكي تفعل نفس الشيء.
– وكانت لعبة الطفلة رمزا لما تعرضت له أو بالأحرى كانت تكرارا له، وإظهارا للتعبير الذي لم تظهره وقت وقوع الحدث، حيث لم تبك الطفلة وقت الهدم الحقيقي لمنزلها.
ومن خلال الأمثلة السابقة يتضح لنا أهمية اللعب في فهم الحالة والتعرف على اضطراباتها أو معاناتها.
وما سبق أن ذكرناه على الرسم يستقيم على اللعب حيث يجب عليك توفير جو مناسب للطفل ليلعب كيفما يشاء ولتحقيق ذلك لا بد من تحقيق ما يلي:
1 ـ اترك للطفل بعض الأدوات التي تعينه على اللعب كلما أمكن ذلك، ويمكن أن تكون هذه الأدوات في غاية البساطة وغير مكلفة، كالدمى أو العرائس والصلصال وبعض النماذج البلاستيكية للبعض الأسلحة وكرة و…..
2 ـ دع الطفل ليختار منها ما يشاء دون توجيهه فيختار أن يلعب بصورة فردية أو جماعية أو ما هي اللعبة التي سوف يختارها، على الأقل في بداية الأمر، إلى أن يمكنك الفهم ثم تكوين فريق منهم للعبة ما بحسب اختيارهم.
3ـ لاحظ الطفل جيدًا، ولو أتيحت لك الفرصة حاول أن تدون سريعا بعض الملاحظات عن الأطفال الذين ترى في لعبهم بعض الاضطراب أو بعض الغرابة كاستحواذ الطفل على عدد من اللعب ثم لا يستخدمها وذلك بمجرد الاستحواذ عليها أو الامتناع عن الاقتراب من الألعاب نهائيا والاكتفاء بالنظر لها فقط.
ثالثا :السيكودراما كوسيلة في التشخيص:
وهي إمكانية ربما لا تتوفر في الظروف التي تعمل بها إلا أنها إحدى الوسائل التي ربما تصلح في فهم حالة الأطفال.
والمقصود بالسيكودراما هو مساعدة الأطفال على عمل مسرحية تمثيلية يعبرون من خلالها عما يشاءون وتصلح للأطفال من عمر المدرسة، فيطلب منهم تجهيز المسرحية من حيث التأليف وتحديد الأدوار كذلك القيام بتمثيلها، دون التقيد بأي شيء لا في الموضوع ولا في طريقة التقديم…وسوف ترى من خلال اختيارهم أكثر الموضوعات إلحاحا على مجموعة الأطفال، حيث تطلب منهم أن الموضوع الذي سيقدمونه يتفق عليه معظم الأفراد بحيث يحصل على أغلبية منهم.
ثم اجعلهم يختارون فيما بينهم الأدوار الأكثر مناسبة لكل طفل منهم.
وحتى لو كانت المسرحية أو العمل الفني لا يسمح لكل طفل بأخذ الدور الذي يرغب فيه، بمعنى أن الدور الواحد طلب أكثر من طفل أداءه، فلا مانع من ذلك فيعاد عرضها أو تقديمها عدة مرات ليلعب كل طفل الدور الذي يرغب فيه، لأن ذلك سوف يجعله يعبر من خلال الدور (الذي يرى فيه نفسه) عن حاجاته ومعاناته، ويضيف له بشكل ربما يبدو مختلفا من طفل لآخر.
ومن خلال كل ما سبق يمكنك التوصل لتشخيص دقيق لحالة الطفل.
ولا يتوقف دور الأدوات السابقة (الرسم – اللعب – السيكودراما) عند حد تشخيص حالة الطفل، بل يتعدى دورها ذلك، فتصبح وسائل للتفريغ النفسي الذي يعد أولى خطوات المساندة والتدخل العلاجي (إن جاز التعبير)….
ما المقصود بالتفريغ النفسي؟
المقصود به مساعدة الطفل على التعبير عما بداخله من معاناة وإخراجها خارج نطاق ذاته حتى لا تظل حبيسة لديه تهدم في حالته النفسية وفي قدراته على التوافق أو الاندماج مرة أخرى في الحياة الجديدة…
ويمكن في ذلك استخدام الرسم للتعبير عن الحالة الراهنة، كما يمكنك استخدامه في صورة تعليمية لتغيير أفكار الأطفال (بعد أن يعبروا عن نفسهم) فتعلمهم وضع رسومات أكثر تفاؤلا، أو أكثر إيجابية، فبدلا من رسوم الأرض الخاوية من الزرع، علمهم في صورة مجموعات كيف يرسمون عليها بعض الزهور أو وضع زرع؛ فعلى الرغم من أنه رسم فإنه اتضح ما لذلك من تأثير إيجابي على نفسية الطفل.
كذلك رسوم البناء بدلا من الهدم وهكذا.. فمن ناحية سوف تشغلهم فكرة التعلم لشيء جديد ومن ناحية أخرى سوف تجعلهم يعملون في مجموعات وهو يخلق نوع من التفاعل يخرج الطفل من أزمته الذاتية ويشعر بأنه ليس وحده، بل هناك أطفال آخرون مثله، فيشعر بأن الهم واحد ومقسم على المجموعة.
ومن ناحية ثالثة كما سبق أن ذكرنا ما للرسوم الجديدة من تأثير إيجابي على الحالة النفسية للطفل.
نفس الأمر بالنسبة للعب، فيمكنك وضع الأطفال في مجموعات وتعليمهم ألعابا جديدة أكثر اعتمادًا على المجموعة (أكرر أن يتم ذلك بعد أن ينفس هو عما بداخله باختياره للعبة التي يراها ويمارسها وحده) دربهم على تقسيم الأدوار، والهدف من ذلك أن يتفاعل مع الآخرين، ويعاود الاندماج، ويري أن له دورا، وأن هناك حياة مرة أخرى يمكن أن يشارك فيها بدور ما.
ويأتي ضمن الألعاب أن يروي كل طفل قصة أو حكاية أخرى بها نجاح أو انتصار، أعطهم مثلا على ذلك، بحيث تتداخل قصة النجاح والانتصار مع القصة أو المشاهد التي تعرض لها، فتقلل من حدتها وتأثيرها على حالته النفسية.
بعد ما سبق عرضه حول ما يمكنك فعله مع الأطفال، فسوف يظهر لك نتيجة تدخلك ومساندتك، فسوف تجد تغيرا في رسوم الأطفال وفي ألعابهم، وربما تتحسن حالتهم الفسيولوجية أو الانفعالية، فيقل استيقاظهم في أثناء الليل، ويقل بكاؤهم، كما يمكن إرشاد الأسرة لمساعدة الطفل في التخلص مما قد لحق به مثلا: فكرة عدم السيطرة على التبول يمكنك وضع برنامج للطفل يشمل تهدئة الطفل قبل النوم بساعتين – كذلك إيقاظ الطفل كل ساعتين لدخول الحمام – تشجيعه كلما استيقظ جافا وعدم عقابه أو إذلاله إن قام مبتلا.
لاحظ في كل الأحوال أن تدخلك ونجاح مساندتك للطفل ومساعدته على التخلص من أعراضه ومواجهتها بصورة إيجابية وسرعة التوافق مع الظروف الجديدة.. كل هذا رهن بشعور الطفل بالأمان.
فاجتهد في تحقيق ذلك، فهو لم يعد يثق في أن هناك من يمكنه مساعدته، ويكون جهدك الأكبر هو في الوصول لذلك من خلال مساعدته، وعدم التخلي عنه، الاجتهاد في توصيل كلمات وتعبيرات وإشارات تبلغه بها أنك تتقبله وأنك جئت لأجله، وأنك على استعداد لفعل أي شيء (في حدود إمكانياتك) من أجل أن تساعده.
بقي أن أذكرك أن دورك لا يتوقف أيضا عند ذلك ولكن هناك دورا آخر لا يقل أهمية عما فعلته، والذي أشرنا له خلال عرضنا السابق وهو (التحويل) أو (التوصيل بالتحويل).
والذي يعني أن تقوم بتحويل الطفل الذي لا ترى أنه يمكنك مساعدته، أو أن كل محاولاتك للتدخل لا تفيده إلى طبيب نفسي أو معالج مختص.
بل وهناك بعض الحالات التي يجب عليك سرعة تحويلها اختصارا للوقت وإنقاذا للطفل من مزيد من التدهور وذلك مثلا عندما ترى طفلا يرفض التحدث رغم كل اجتهاداتك، مع استمراره في البكاء ورفضه للطعام أو التحدث، كل ذلك نذير بسوء حالة الطفل خاصة مع معرفتك باستمرار الحالة لعدة أيام…
وقبل النهاية أذكرك بمعلومة مهمة، وهي:
لا تخشى من بكاء الطفل وتعبيره عن تألمه وتكرار رواية ما شاهده، ولا تطلب منه في أول الأمر التوقف عن ذلك، بل إنك لو لاحظت طفلا لا يظهر أي علامات حزن أو انفعال بما حدث ساعده على البكاء والتحرر مما بداخله؛ فالبكاء منفس، والرواية منفس، والحركة منفس، فلا تحرمه منها قدر الإمكان.
فالخوف حق طبيعي للطفل وللراشد، ولا يمكن منعه على الأقل في المراحل الأولى التي تعقب التهديد الشديد الذي تعرض له الطفل.
كذلك الشعور بعدم الأمان، وربما رفض ما حدث، كذلك ثورات الغضب، كلها حقوق إنسانية يعبر بها الطفل عما إصابة من ضرر.
ونهاية أبلغك وأؤكد عليك أهمية دورك، فإذا كان هناك جنود على ساحة القتال يحمون الأفراد والممتلكات، فدورك لا يقل أهمية عنهم؛ فهؤلاء الناجون، هم ناجون بأجسامهم فقط ولكن نفوسهم حزينة نتيجة لما تعرضوا له، ويكون دورك -بعد الله- في تحسين تلك الحالة وإعادتهم بناة جددا للبنان وفلسطين مرة وثانية وثالثة، فهؤلاء الأطفال هم من يعقد عليهم البناء، ودورك هو إعادة بنائهم، فهل أنت مستعدة؟؟.
أحسبك مستعدا، ومناضلا من أجل تحقيق ذلك أعانك الله، وأعاننا، وأكرر على مسامعك ومسامعي أن نصر الله قريب قريب، ونحن في انتظاره وكل منا يقوم بدوره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيا:
التعامل مع المتضررين من الراشدين والمراهقين
نحن في العالم العربي لا نهتم اهتماما كبيرا بالرعاية النفسية للناس، ولا بالوسائل المطلوبة لاحتواء تأثير الكروب والصدمات عليهم رغم أن:
•الآثار النفسية التي تتركها الكوارث تكون في كثير من الأحيان أشد من الآثار العضوية.
•كل من يشهد الكارثة يتأثر بها نفسيا.
•الدعم النفسي يقلل من الآثار النفسية طويلة المدى للحرب.
يعني “الدعم النفسي” مساعدة الأفراد على فهم الحدث الضاغط بشكل أفضل وإمدادهم بالمصادر وأساليب التكيف مع هذه الضغوط، وقد يكون الدعم بمشاركتهم وجدانيا ومساعدتهم على التنفيس الانفعالي أو بتقديم المعلومات ومساعدتهم على إعادة تنظيم أفكارهم؛ وهو ما يمكنهم من التخفيف التدريجي من الآثار السلبية للحرب، وتقليل ما خلفته من أعراض نفسية سواء من الناحية الفكرية أو الوجدانية أو الجسمية.
الرسالة: من المهم أن نحسن النوايا قبل البدء في العمل وأن تكون رسالتنا “من فرّج على مسلم كربة فرّج الله عليه في الدنيا والآخرة”.
أهداف الدليل: يهدف هذا الدليل إلى إفادة الناشطين والمتطوعين في هيئات ومؤسسات أهلية من غير المتخصصين في تقديم العون النفسي لمتضرري حرب لبنان 2006، وعلى الرغم أنه من المفترض أن يُقدم هذا النوع من العون فريق التعامل النفسي الذي يشمل طبيبا نفسيا وأخصائيا نفسيا وممرضة نفسية، فإننا سنحاول تقديمه بصورة مبسطة وسهلة بحيث يمكن للمتطوعين استخدامه.
1. كيفية التواصل وتكوين علاقة مع الحالات
2.لآثار النفسية الفورية للكوارث
3.أنواع الاضطرابات النفسية لدى المراهقين والراشدين.
4.التغير المتوقع في أعراض اضطراب ما بعد الصدمة
5.كيف تشجع المريض للتحدث عن معاناته النفسية؟
6.الدعم النفسي
7.الدعم النفسي اللاحق
8.كيف نتعامل مع الضغوط؟
9.المحافظة على الصحة النفسية لفريق العمل
10. نقاط هامة بالنسبة للمتطوع
11. استمارة تسجيل حالة
12.كيفية التأقلم مع الكارثة
كيفية التواصل وتكوين علاقة مع الحالات
•من الضروري -من الناحية الإنسانية- أن أقدم نفسي لهم وأشرح لهم سبب وجودي هنا، فأذكر لهم اسمي ومهنتي وأني أتيت لأطمئن عليهم وأقف بجانبهم.
•من الضروري أن أسأل الضحايا عن أسمائهم، وأن أستخدم أسماءهم عند الحديث معهم (أو عنهم) فأقول مثلا: “شو اللي حصل يا أحمد، أنا بدي أسمعك…”.
•من المهم أن أنصت جيدا، وأن تكون لغة جسمي وملامح وجهي تعبر عن تفهم من تحدثه، وأن أشعر الناجي بأني أستمع وغير متعجل، وأني بسيط وغير متكلف، وأن تكون المسافة الشخصية بيني وبينه مسافة غير بعيدة ولا قريبة، وأهتم به بين الزيارات؛ أي بين جلسة وأخرى.
•اقرأ لغة الجسد، فإذا بدأت الحديث مع إحدى النازحات ووجدت أنها “مربعة يديها” وتضع رجليها بعكس بعض، فهذا قد يُشير أنها ترفض الحديث أو أنها منزعجة جدا بدرجة كبيرة.
•أكون على استعداد نفسي للاستماع إلى المصائب وللتعامل مع المصابين الذين لديهم حالة طبية مستقرة نوعا ما، ومع أفرد لا يعانون من إصابات بدنية على الإطلاق بل إصابات نفسية فقط.
الآثار النفسية الفورية للكوارث
مهارة الفرز النفسي:
ليس عليك أن تقدم الدعم النفسي لكل الناس، بل دورك مشابه لما يقوم به العاملون بالصليب/الهلال الأحمر، ودورهم هو مساعدة الأشخاص الذين يحتاجون إلى التدخل الطبي الفوري لإنقاذ حياتهم، لذا اعتبر نفسك في فريق “الطوارئ النفسية”، ما عليك فعله هو القيام بالفرز النفسي؛ أي التعرف على الأشخاص الذين يحتاجون إلى دعم نفسي، وكي تقوم بهذه المهمة عليك أن تجمع المعلومات من الشخص نفسه ومن ملاحظتك له والحوار معه ومع المحيطين به؛ إذ إنه ليس من المنطقي أن ننتظر من الناجين أن يأتوا إلينا طالبين الدعم النفسي؛ بل من الضروري أن نذهب إلى الناجين ونتحدث معهم.
– يمكنك ملاحظة الأعراض التي في حالة ظهورها يحتاج الشخص إلى دعم نفسي:
• الكلام غير المترابط وصعوبة التواصل الفكري.
• عدم الراحة والهياج.
• هلع وذعر وهروب صعب التحكم فيه، وفي بعض الأحيان الجري مباشرة نحو مصدر الخطر، فتجد من يجري في اتجاه الحريق أو القصف بدلا من النزول إلى الملجأ مثلا.
• في أثناء الكارثة تجد شخصا يقف مكانه، غير قادر أو غير راغب في التحرك، ولا يريد أن يفعل أي شيء وانفعالاته مشوشة.
• صعوبة في النوم.
• سهولة الاستثارة أو “النرفزة”.
• الإفراط في تناول المهدئات.
• اللامبالاة والكف عن العمل.
• اضطرابات الهضم والصداع.
• قلة الرؤية والسمع.
• أعراض البرد أو الإنفلوانزا.
• صعوبة التركيز.
• الحزن والإحباط.
• الكسل وعدم الخروج من المنزل.
• الإحساس بفقدان الأمل.
• تغير المزاج والبكاء بسهولة.
الآثار النفسية اللاحقة للكوارث:
ينجم عن الكوارث علامات وأعراض نفسية بعدة ساعات أو أيام من بداية الحرب، وينتهي معظمها قبل أن تتحول إلى مرض نفسي معين، ومن الأعراض والعلامات العضوية: العرق الزائد ونوبات الدوار والتنفس السريع. ومن الأعراض والعلامات الانفعالية: الغضب والأسى والاكتئاب والصدمة الانفعالية. ومن الناحية الفكرية: يحدث خلط في التفكير، وانخفاض القدرة على الانتباه والتركيز. ومن الأعراض السلوكية: الانسحاب من الآخرين والصمت الطويل، وهناك أنواع معينة من الاضطرابات النفسية الأخرى التي تظهر في أثناء وجود تفجيرات أو قصف ومعارك، أو بعد التعرض لهذا القصف أو تلك الأزمة بفترات قد تطول وقد تقصر.
أنواع الاضطرابات النفسية لدى المراهقين والراشدين:
هناك عدد كبير من الاضطرابات أو الأمراض النفسية التي يمكن أن تظهر على الإنسان نتيجة التعرض للصدمات والضغوط الشديدة، ولكن سنعرض أكثر الاضطرابات ظهورا والتي تتطلب دعما نفسيا أسرع، وفيما يلي هذه الاضطرابات:
§التفاعل الحاد للكرب.
§اضطراب ما بعد الصدمة.
§الاكتئاب.
1- التفاعل الحاد للكرب:
1-Acute Stress Reaction:
أحد الاضطرابات النفسية التي يمكن أن يُصاب بها الإنسان هو اضطراب يعرف باسم التفاعل الحاد للكرب، ويعرف في الطب النفسي بأنه (اضطراب عابر على درجة كبيرة من الشدة يحدث للشخص، ويتلاشى عادة خلال ساعات أو أيام). ومُسبب الكرب قد يكون تعرض الشخص نفسه أو أحد أعضاء أسرته أو جيرانه المقربين أو منزله للخطر أو الإصابة أو الموت، مثلا وفيات متعددة أو حريق في المنزل، كما أن احتمال الإصابة بهذا الاضطراب يزيد إذا تواكب مع إجهاد جسدي أو عوامل عضوية.
الأعراض المرضية:
تختلف أعراض التفاعل للكرب الحاد اختلافا شديدا من شخص لآخر، لكن الأعراض النموذجية تشمل:
– حالة من التبلد، مع بعض الانكماش في مساحة الوعي والانتباه، إضافة إلى عدم القدرة على فهم ما يدور حوله والتوهان، وقد يلي هذه الحالة إما انسحاب متزايد من الموقف المحيط ربما يصل إلى حد الذهول الانشقاقي، وكأنه أصبح شخصا آخر نسي ما حدث له، وإما تهيج وزيادة في النشاط فيجري أو يهرب.
– أعراض اضطراب وظائف الجهاز العصبي المستقل (الأوتونومي)، مثل اختلال سرعة دقات القلب وسرعة أو معدل التنفس، وربما العرق والرعشة وجفاف الحلق وكثرة التبول.. إلى آخره.
– تظهر هذه الأعراض خلال دقائق من حدوث الكارثة (إن لم تكن فورية)، وتختفي خلال يومين أو ثلاثة (وغالبا خلال ساعات)، وقد يحدث فقدان ذاكرة كلي أو جزئي بالنسبة للنوبة، فينسى كل شيء أو ينسى مثلا فترة القصف.
على أية حال علينا ملاحظة أن الاستعداد الشخصي للتأثر والقدرة الشخصية على الصمود يلعبان دورا كبيرا في ظهور وشدة أعراض التفاعلات الحادة للكرب، فليس كل من يتعرض لنفس المؤثر يُصاب بهذا التفاعل.
كما يُلاحظ في وصف التفاعل للكرب الحاد، فإن السياق يتحدث عن كارثة واحدة مهما كانت شدتها، وفي الحالات التي يستمر فيها الكرب فإن الأعراض السالفة الذكر تبدأ عادة في النقصان بعد يوم أو يومين رغم استمرار القصف والكوارث الناتجة عنه؛ أي إن الإنسان يكتسب ما نستطيع تسميته بالصلابة في المواجهة، فإذا أضفنا ما يقوم به الإيمان بالله وبقدرته ومشيئته إلى هذه الصورة، فإن النتائج لن تظل سلبية بالتأكيد.
2- الضغوط التالية للصدمة:
2-Posttraumatic Stress Disorder
وهو نوع آخر من الاضطرابات التي تم اكتشافها مع الحروب العالمية، وتحدث فقط نتيجة مواجهة الكوارث، ويختلف اضطراب ما بعد الصدمة عن التفاعل الحاد للكرب في أنه يحدث متأخرا بعض الشيء، والسمة الأساسية في هذا الاضطراب هي الذاكرة الصدمية، وهذا ينعكس على هيئة أعراض نفسية محددة سنوردها مع مثال لأحد الناجين من تفجيرات مدينة “دهب” بمصر كما يأتي:
في الانفجار الثاني اترمينا على الأرض، وبحثت عن أمي فوجدتها ملقاة على الأرض وثلاث أرباع رجلها غير موجودة، وحماتي أصيبت وابنتي، وأنا نفسي عندي شظايا في جسمي.
أ) تعرض الشخص لحادث صدمي (كارثة)، وحدث التالي:
1-مر الشخص بخبرة أو شاهد أو واجه حدثا أو أحداثا تضمنت موتا أو تهديدا بالموت أو إصابة بالغة أو تهديدا شديدا لسلامة الشخص أو الآخرين.
2-شعر الشخص بخوف شديد مع إحساس بالعجز والرعب.
شفت حالات كتيرة وإصابات كتيرة في العمليات، ولازم أتخيل المناظر دي.
ب) تتم إعادة معايشة الحدث الصدمي بطريقة أو بأخرى من الطرق التالية:
3-تذكر الحدث بشكل متكرر ومقتحم وضاغط وذلك يتضمن صورا ذهنية أو أفكارا أو مدركات.
أنام بشكل غير منتظم وأقوم مفزوعا، وأصبحت أكره النوم.
4-استعادة الحدث بشكل متكرر وضاغط في الأحلام.
“خائف إني أذهب إلى أي مكان فيه زحمة؛ لأن التفجير كان في السوق المزدحمة”
5-التصرف أو الشعور وكأن الحدث الصدمي (القصف مثلا) عائد.
ولما بافتكر اللي حصل باتعب جدا.
6-انضغاط نفسي شديد عند التعرض لمثيرات داخلية أو خارجية ترمز إلى أو تشبه بعض جوانب الحدث الصدمي.
7-استجابات فسيولوجية تحدث عند التعرض للمثيرات سابقة الذكر.
وزيارة أهلي بالمستشفى ثقيلة عليّ
ج) التفادي المستمر لأي مثيرات مرتبطة بالحدث، فنجده يتجنب ذكر الحادث أو زيارة المكان، كما ينفصل المصاب عن الأحداث الاجتماعية المحيطة والعلاقات الشخصية، وبالذات ما له علاقة تماس بالحادث، إضافة إلى خدر عام في الاستجابات؛ أي الشعور بالانفصال عن الآخرين وكل ما حوله، واللامبالاة وفقد الحس (بعد الحادثة جه لي ذهول مش متخيل اللي حصل).
حاسس إني مش مرتاح، ودقات قلبي بتزيد لو حصل شيء شدّ أعصابي، وباتنرفز بسرعة.
د) أعراض زيادة الاستثارة بشكل دائم: وتحدث هذه الأعراض كاستمرار لحالة التوتر الشديدة في أثناء التعرض للخطر؛ حيث ينتفض الشخص عند سماع صوت دقة على الباب مثلا أو صوت كلام أحد المحيطين به. وتشمل الأعراض الأرق ونوبات من الغضب وفزعا مبالغا فيه وحذرا شديدا، وقد يصاحب هذه الأعراض صداع وإسهال وتعب ورجفة.
بعد الحادثة بشوية زادت الأعراض، وأنا أعاني منذ أكثر من 3 أسابيع.
هـ الأعراض مستمرة لمدة شهر على الأقل (أما إذا كانت أقل من شهر فيطلق عليها اضطراب الكرب الحاد).
مش قادر أمارس أي نشاط أو أذهب إلى العمل، مش قادر أثق في الناس ولا أتعامل إلا مع اللي أعرفهم.
و) يسبب هذا الاضطراب انضغاطا نفسيا واضحا أو يؤدي إلى تدهور في الأنشطة الاجتماعية أو الوظيفية أو جوانب أخرى هامة.
ويختلف هذا الاضطراب عن التفاعل الحاد للكرب في كونه لا يُشترط أن تكون بداية أعراضه مرتبطة ارتباطا زمنيا مباشرا بالحادث المأساوي، فيمكن أن تحدث الأعراض لأول مرة بعد فترة طويلة من ذلك الحدث ربما تصل إلى السنة الكاملة وربما أكثر، وقد تكون ذكرى مرور عام مثلا على الحدث هي اللحظة التي يبدأ عندها ظهور الأعراض، وإن كان الأغلب هو أن تكون العلاقة الزمنية أوضح من ذلك وأقرب.
وتبدأ هذه الحالة بعد الصدمة بأعراض بسيطة قد تتراوح بين بضعة أسابيع وشهور (ولكنها نادرا ما تتجاوز ستة أشهر)، واضطراب ما بعد الصدمة قد يظهر على السطح بعد شهور أو أعوام من الحدث.
-العوامل المؤثرة في ظهور اضطراب ما بعد الصدمة:
1- العوامل المتعلقة بالشخص: وُجد أن الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية سابقة مثل الاكتئاب يصبحون أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب، وقد اختلفت الأبحاث حول تأثير السن ومعظمها لم تجد علاقة بين السن ومعدل حدوث الإصابة، أما بالنسبة لجنس المصاب فقد أكدت بعض الأبحاث أن النساء أكثر تعرضا من الرجال.
2- عوامل متعلقة بالحدث: وجد أن شدة الحدث ومدى قربه أو بعده عن الشخص يلعب دورا مهما في تحديد توابعه، وتعرض الشخص لصدمات ضعيفة، ولكن متكررة يجعله أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب عند تعرضه لصدمة أخرى ضعيفة، وكأن الصدمات المتكررة مهما ضعفت شدتها فإنها تدفع الشخص نحو الحافة أو إلى الحد الذي لا يستطيع معه أن يتكيف مع أي أحداث مؤلمة جديدة.
3- المساندة الاجتماعية: المتاحة للشخص والوقوف بجانب المصاب وتفهم حالته، فهذه المساندة تمتص جزءا هاما من الصدمات وتساعد على مواجهة آثارها.
التغير المتوقع في أعراض اضطراب ما بعد الصدمة:
في بعض الأحيان يأخذ اضطراب ما بعد الصدمة بعض الوقت كي تظهر أعراضه، وهذا الوقت يتفاوت فيقصر في بعض الحالات إلى أسبوع ويطول في حالات أخرى ليصل إلى سنوات طويلة؛ أي لا يظهر هذا الاضطراب النفسي إلا بعد شهور أو سنوات!! وتتفاوت شدة الأعراض من وقت لآخر ولكنها تبلغ ذروتها في أوقات الانضغاط النفسي.
وهناك علامات تشير إلى توقع تحسن الحالة منها: ظهور الأعراض بعد وقت قصير من وقوع الحدث، قصر مدة الأعراض (أقل من ستة أشهر)، كفاءة أداء الشخصية قبل المرض، وجود تدعيم اجتماعي جيد، وأخيرا عدم وجود اضطرابات نفسية أخرى مصاحبة للحالة.
3- الاكتئاب: Depression
من الآثار النفسية للحروب والكوارث الإصابة بمرض “الاكتئاب”، ولا بد من وجود خمسة من الأعراض الآتية في مدة لا تزيد عن أسبوعين حتى يتم التشخيص:
(أ) اكتئاب وشعور بالحزن أغلب اليوم وكل يوم تقريبا، أو يلاحظ الآخرون أنه يبدو باكيا.
(ب) ضعف التركيز والاهتمام.
(ج ) نقص الاهتمامات، وفقد الاستمتاع بأغلب الأنشطة اليومية.
(د ) فقد أو زيادة في الوزن أو تغير الشهية بالزيادة أو النقصان.
( هـ ) أرق أو زيادة النوم تقريبا كل يوم.
( و ) يلاحظ الآخرون عدم الاستقرار والحركة أو التبلد ونقص النشاط كل يوم تقريبا.
( ز ) الإجهاد وفقد الطاقة والشعور بالتعب الشديد حتى بعد أقل مجهود كل يوم تقريبا.
(ح) انخفاض احترام الذات والثقة بالنفس، والإحساس بالذنب الزائد وغير المناسب كل يوم تقريبا.
(ي) نقص القدرة على التفكير أو التركيز أو أخذ القرار.
(ك) تكرار فكرة الموت (وليس الخوف من الموت) أو تكرار فكرة الانتحار.
-الأعراض تسبب انزعاجا شديدا أو خللا في الأداء الاجتماعي أو الوظيفي.
-الأعراض السابقة لا ترجع إلى فقد شخص عزيز إلا إذا استمرت أكثر من شهرين.
* كيف تشجع المريض للتحدث عن معاناته النفسية؟
•لغة الجسم هامة من حيث قربك من الناجي بدرجة مناسبة، ونغمة صوتك الباعثة على الاطمئنان من العوامل التي تساعد الآخرين على الكلام معك.
•الاستماع الفعال: أنت تحاول استخراج ما بداخل الشخص فيما يخص الصدمة، وهنا يأتي دور الاستماع الفعّال؛ يعني أن تعطي من هو أمامك الفرصة كي يعبر عن رأيه، وعليك أن تقاطعه في حالة أنه يكرر ما قاله أو يتحدث في أمور خارج موضوع النقاش، وحين يتوقف الشخص عن الحديث استشعر هل انتهى من حديثه بالفعل أم أن لديه مشاعر وانفعالات عميقة من الصعب أن يتحدث عنها، وهنا اصمت أنت أيضا وإن لم يبادر بالحديث كرر آخر جملة قالها كي تحفزه على الاستمرار، وتشعره أنك تريد أن تستمع إليه.
•مقابلتك للناجين تعتبر فرصة لاستخراج الصدمات الدفينة والحزن المبكر، ضع في اعتبارك أن أمثالنا العربية تقول “اللي فات مات”، وقد تجد الأهل يحاولون معه لينسى ما حدث، لذا ضع في اعتبارك أن حوارك قد يكون هو الفرصة الوحيدة كي يعبر الناجي عن آلامه، وقد يسترجع ذكريات مؤلمة مر بها قبل الكارثة بفترات قد تطول أو تقصر، وقد يسترجع خبرات لم تكن مؤلمة لكنه يشعر بها الآن على أنها خبرات صعبة.
•بعض الأشخاص يكونون في حالة نفسية مزرية تجعله مُستثارا وعصبيا، وقد يشتم ويقول لك إنه في غنى عن خدماتك، ودورك هنا أن تستمع إليه حتى ينهي كلامه دون أن تأخذ الموضوع بشكل شخصي، ولا تسأله أو تصر على أن تخفف عنه فاستماعك وتفهمك لحالته وتحملك غضبه هو أفضل دعم نفسي في هذه اللحظة، وأخبره أنك ستأتي في يوم آخر لتطمئن عليه، ومن المهم أن تزوره بالفعل، وهنا سيكون الحديث والتشخيص أكثر يسرا.
•حينما تستمع إلى من تحاول تشخيص حالته، فقد لا تكون جميع الأعراض ظاهرة أمامك من خلال الملاحظة أو حتى من خلال كلامه معك، وقد تجد مجموعة أعراض من أنواع مختلفة؛ أي تجد مثلا مشاعر حزن (أعراض اكتئاب) مع تذكر متكرر لصوت الصواريخ (أحد أعراض اضطراب ما بعد الصدمة)، وهذا أمر طبيعي. اسأل نفسك ما هي الأعراض التي تتعبه أكثر؟ فإن كانت مشاعر الحزن فاسأله عن باقي أعراض الاكتئاب.
الدعم النفسي
أولوية التعامل مع الحالات: يجب التعامل النفسي مع الكارثة طبقا لعاملين:
أولا: بالنسبة للتعامل طبقا للمنطقة:
عليك أن تتعامل أولا مع الأشخاص الأقرب لمنطقة الكارثة على النحو التالي:
منطقة وقع الكارثة (مبنى سكني دُمر مثلا)
منطقة الدمار الكامل (الشارع الذي به المبنى)
منطقة محيطة بالموقع (الحي)
منطقة خارجية (الأحياء المجاورة)
ثانيا: طبقا للحالة النفسية:
اعتبر أن من حددت أن لديهم بعض التصرفات السالفة الذكر هم من يحتاجون إلى دعم نفسي قبل غيرهم.
* الدعم النفسي الفوري:
وجدنا الطريقة التي تُهدئ الناس وتجعلهم يشعرون بالأمان من خلال المبادئ الستة:
1-اجعل الخبرة الأولى شخصية:
قدم نفسك لهم واذكر لهم سبب وجودك هنا، اذكر لهم اسمك ومهنتك وأنك أتيت لتطمئن عليهم وتقف بجانبهم، وخاطب كل شخص باسمه.
2- طمئن الضحية واجعله يشعر بالأمان.
• بعض الضحايا يشعر باليأس ويبحث عن الاطمئنان، فمثلا قد يشعر أنه سيموت أو أن إصابته خطيرة… إلخ، فأكد له أن الإسعافات الأولية موجودة وأنه نجا بالفعل. وإذا وجدت سيدة مثلا تخاف من تكرار القصف لنفس المكان، فهنا عليك إخبارها أن الملجأ مكان آمن، أو أن القصف إذا ما تكرر فسيكون على مناطق أخرى وليس على منطقتنا التي قصفت بالفعل، وبأن الدفاع المدني على وشك الوصول، وأنك موجود قريب منها.
• للصدمة تأثير مدمر؛ حيث تخلق شرخا في البناء النفسي، وعلى الأخصائي النفسي (أو المتطوع) أن يتفهم أولا ويدرك صعوبة وقع الكارثة على المصاب، ويساعد الضحية على احتواء الألم النفسي في المرة الأولى، فمجرد النظر إلى الضحية بشيء من التعاطف (وليس الشفقة) والإحساس بآلامه قبل أن يتكلم، وعليه أيضا أن يساعده على التعبير عن ألمه النفسي في المرة الثانية.
3- اشملهم بالعناية الكاملة: يحتاج الضحية إلى الدفء والشراب والأكل، ومن المهم توفير الحاجات الأساسية له، في بعض الأحيان تكون هذه الاحتياجات الأولية هي الشيء الوحيد الذي يُقدم للناجين، فتسارع مؤسسات المجتمع المدني وربما الأهالي بتقديم الأغطية والطعام والشراب، وفي أحوال أخرى لا تُقدم هذه الاحتياجات إلا بعد فترة طويلة. وعلى كل الأحوال من المفترض ألا تقوم بتقديم هذه المساعدات المادية إلا من خلال المؤسسات المختصة كنوع من أنواع تنظيم التوزيع والاستفادة من كم المساعدات الموجودة، وإن كنت ستذهب كمتطوع فيمكنك أن تأخذ معك احتياجك من الماء والطعام؛ لأنك لا تدري كم الوقت الذي ستمضيه هناك ولا تعرف مدى توفر الطعام والماء بالنسبة لك.
• المساندة عن قرب تساعد الضحايا الذين واجهوا الموت أو الأذى النفسي والإصابة البدنية، ومن المهم توفير الدعم النفسي لهم.
• من المهم توفير حاجاتهم الاجتماعية؛ فقد يطلب أحدهم الاتصال بشخص آخر، فمن المناسب أن نوفر للناجين هواتف محمولة للاتصال أو لإرسال رسالة عبر المحمول، للاتصال بذويهم وطمأنتهم أو لكي يقدموا إلى المستشفى أو مجرد حتى لطمأنتهم أنه لا يزال على قيد الحياة.
• اهتم بالحاجات المعرفية (العقلية) وأجب عن أسئلتهم.
• اشرح لهم ما حدث بالفعل وما يحدث الآن، بمعنى أن عليك أن تشرح لهم ما حدث من حيث نوع الكارثة وتوافر الإسعافات الأولية وسيارات الإسعاف، فالإنسان حين تحدث كارثة قد لا يفهم ما الذي يحدث من حوله بل وقد يفقد ذاكرته مؤقتا فينسى ما حدث، فكلما توافرت المعلومات من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كان ذلك مفيدا.
4-اهتم بهم وأبعدهم عن مصدر الخطر.
• الضحايا في حالة صدمة وعلينا أن نبعدهم عن كل مناخ عدواني. يُصاب كثير من الناس أثناء القصف بحالة غضب واستثارة وربما هياج، فعليك أن تدرك بوادر الشجار أو العنف -سواء من المصابين أو المسئولين عن التعامل مع الكارثة-، وهنا عليك أن تبعدهم عن هذا العدوان وتلطف الأمور بقدر الإمكان.
•من المهم أن نحميهم من إزعاج الإعلاميين والشرطة، في بعض الأحيان يصل الإعلاميون إلى مكان الكارثة قبل العاملين بالدفاع المدني وغيرهم من المسئولين عن التعامل مع الكوارث، ويحاول الإعلاميون والصحفيون تحقيق سبق صحفي فيبدءون بالحوار مع الناجين من الكارثة، وهؤلاء الناجين لا يكونون في حالة نفسية تسمح لهم بالمزيد من الضغط النفسي عليهم. هنا تصرف بشيء من الحزم في إبعاد الصحفيين عن المصابين. ومن المفروض أن يُخصص مكان معين للإعلاميين ويلتقي بهم شخص متخصص كل ساعة لإعطائهم معلومات عما يجري، وبعد انتهاء عمليات الإنقاذ يتم إلقاء خطاب صحفي يعلن فيه عن الحادث ومكانه وزمانه وعدد الجرحى وما إلى ذلك.
•في بعض الأحيان من المفيد إبعاد الضحية عن أسرته حتى تتم الإسعافات الأولية، فحين تشاهد الأم ابنها ينزف دما من المتوقع أن تصرخ مثلا “يا حبيبي يا ابني…”؛ وهو ما يجعل الابن يشعر أنه في حالة سيئة أو أنه على وشك الموت، وفي أوقات أخرى يصر الأهالي على احتضان المصاب وربما حمله بطريقة خاطئة لا تتناسب مع إصابته، أو يحيطون بالمصاب بطريقة تمنع المسعفين من أداء دورهم، فتكدسهم حول المصاب بنوبة قلبية مثلا تقلل من وصول الأكسجين اللازم لإسعافه.
5- المناقشة الجماعية.
•لا تعتمد المناقشة على أن تُلقي أنت خطبة أو تقول كلاما معينا، بل دع الضحايا يتحدثون معا إذا شعرت أن ذلك مناسبا، أي كلما شعرت أنهم في حاجة إلى التنفيس عما بهم، وأحسن الاستماع إليهم.
-إذا كانت المناقشة الجماعية تتم بينك وبين أسرة أصيب كل أو معظم أفرادها، فإن الدعم النفسي قصير المدى يجب أن يركز على القدرة على تكيفهم وتأقلمهم مع الحياة من جديد.
-المناقشة بين الأفراد الناجين قد يخلق شعورا داخل كل منهم بالانتماء للمجتمع الإنساني، وأن هناك من يشاركهم الإصابة والألم، فتواجد الناس في مكان واحد (خيمة أو ملجأ أو فصل بمدرسة…) يجعلهم يشعرون أنهم أصبحوا ما يشبه الأسرة الواحدة فيخافون على بعضهم، وعلى الأطفال الموجودين معهم بنفس المكان، حتى إن لم يكونوا أطفالهم.
•المناقشة الجماعية تسهل التعامل مع الآلام الناتجة من الصراع حول الوجود الإنساني، وإلا قد يستحيل العودة إلى الحياة الطبيعية.
•من الممكن أن نتوقع حدوث شجار بين أشخاص لا يعرفون بعضهم تم إجلاؤهم إلى مخيمات، ولكن المناقشة الجماعية بين أفراد الخيمة يقلل من الصراعات المتوقعة وتقلل العنف المحتمل.
6- أعطهم مؤشرا للتدعيم النفسي.
عليك أن تلاحظ الأعراض المرضية والتصرفات المختلفة، وإذا لاحظت مثلا عرضين من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة كتذكر الحدث بشكل متكرر ومقتحم (انظر اضطراب ما بعد الصدمة)، واستطعت تحديد هذه الأعراض المرضية لدى أحد الناجين فعليك أن تشير إلى أنه في حاجة إلى الدعم النفسي اللاحق، فنجد أن الخوف والهلع والإحساس بالذنب كلها تُعبر عن وجود صدمة نفسية، دوّن أسماء هؤلاء الأشخاص ومكانهم حتى تقدم لهم مزيدا من الدعم النفسي فيما بعد.
الدعم النفسي اللاحق:
لمن تقدم هذه الخدمة؟
-للضحايا والنازحين.
-المسعفون.
-المتخصصون (أطباء – ممرضون – عمال – ….)
أين ومتى؟
-أنسب وقت أن يتم بعد يومين إلى عشرين يوما من حدوث الكارثة.
-يمكن إجراؤه بعد انتهاء الحرب بإذن الله، ويمكن إجراؤه في أثنائها.
-في مكان آمن وهادئ ومغلق، وإن كان المكان هو مستشفى أو مدرسة، فضع في اعتبارك أنك قد تُفاجأ بعدد كبير من أسر الضحايا وأقاربهم وأصدقائهم وغيرهم، فعليك أن تتصرف بحكمة ولباقة، وأن تتحدث مع الجميع كأنها جلسة عائلية.
أنواع الدعم النفسي اللاحق:
1- المناقشة الجماعية:
•تجري للأشخاص الذين واجهوا أحداثا حرجة ويحتاجون للمقابلة للتحدث عن تجاربهم.
•للأطفال في المدارس، كالأطفال الذين تُقصف مدارسهم أو أماكن قريبة من مكان تجمعهم.
•لمجموعة من الناجين.
أهداف المناقشة الجماعية:
إعادة تقويم الخبرة الصدمية في ضوء المكاسب والأهداف، ومحاولة تكوين معنى لما جرى، هناك دوما دروس مستفادة من الأحداث الضاغطة، منها أن يصبح الإنسان أكثر صبرا وجلدا وعاطفية واهتماما بالآخرين، “فما لا يقتلني يقويني”، الحمد لله أن الأمور كان يمكن أن تكون أسوأ.
مميزات المناقشة الجماعية:
* تعطى التفاعلات الناتجة عن تجارب المشاركين مصادر وقوة غير متوقعة داخل المجموعة، فحين ترى الأم التي فقدت ابنا واحدا، أما أخرى صامدة قد فقدت خمسا من أبنائها، تصبح أكثر صبرا.
* إن المشاركة في مجموعة تخلق داخل المشاركين شعورا بأنهم ينتمون إلى المجتمع الإنساني، وتزيد من الترابط الاجتماعي.
* مقارنة النفس بالآخرين تيسر التعامل مع بقايا الألم، وبدونها قد يصعب استئناف الحياة العادية.
2- التفريغ النفسي:
ما هو؟ هو نوع من أنواع الدعم النفسي الذي يساعد على التخفيف والوقاية من الكرب المصاحب للأحداث لدى الأشخاص العاديين الذين مروا بظروف ضاغطة غير طبيعية، وهدفه هو الوقاية من الدخول في حالة نفسية مزمنة، ويتم عن طريق مساعدة الناس على إعادة التفكير في الأحداث الصدمية من منظور آخر، ومن ثم تتغير انفعالاتهم ومشاعرهم المترتبة على تغيير أفكارهم.
يعتمد التفريغ على ثلاثة مكونات علاجية:
•التنفيس عما بداخل الإنسان في ظل وجود مجموعة تسانده وتدعمه.
•جعل الاستجابات طبيعية.
•تعلم ردود الفعل النفسية في فترة ما بعد الحدث.
يتكون هذا الأسلوب من مراجعة الحدث الصدمي، وتشجيع التعبير عن الانفعالات، رؤية الأحداث من منظور آخر جديد، وعادة ما يتم على شكل جلسة جماعية واحدة وممتدة (غير محددة الزمن).
هذا النوع من التدخلات يجرى للمتخصصين الذين يعملون معا في جو متشابه بعد حدوث الكارثة مثل:
-المسعفون العائدون من الموقع.
-مجموعة أشخاص واجهوا الكارثة.
-المتطوعون لتوزيع المساعدات الذين واجهوا أخطارا حقيقية في أثناء عملهم.
-الأطباء الذين شاركوا في تصنيف المرضى.
-العمال الذين تعاملوا مع جثث الموتى.
خطوات التفريغ النفسي:
•يبدأ الأخصائي النفسي أو مدير الجلسة (الميسر) بمقدمة عبارة عن وصف مختصر لهدف هذه الجلسة الجماعية.
•يُطلب من الحاضرين أن يشركوا الآخرين في خبراتهم المتعلقة بالحدث الصدمي، بدءا من وصف أين كانوا حين سمعوا لأول مرة عن الكارثة، ويستمرون في الحديث عن خبرتهم. وعلى ميسِّر الجلسة أن يشجع الحاضرين على وصف خبرتهم من ناحية:
أ) الأفكار التي خطرت ببالهم. ب) الانفعالات التي شعروا بها.
ج) أفعالهم تجاه ما حدث أي تصرفاتهم.
د) ويمكن أن نشجعهم أيضا على وصف أكثر اللحظات المخيفة أو المؤثرة.
ويعبر المُيسر على تقديره لشدة الخبرة، وفي الوقت نفسه يؤكد على تشابه ردود الفعل ويعيد صياغة الفشل الذي يشعرون به على أنه شيء متوقع عند حدوث الحروب والأزمات.
• يقوم كل منهم بشرح الأعراض التي ما زال يعانى منها: (جسدية – وجدانية- معرفية). ونجد أن بعض المشاركين قد يشعرون بالندم أو العار، ومن المهم أن يعبروا عن ذلك، فهي اللحظة التي تساعد كلا منهم على أن يتعرف عمن لديه تجربة صدمية ويحتاج إلى نوع آخر من المساعدة النفسية (علاج نفسي).
•يشرح كل منهم كيف يتصور المستقبل وحجم التغير الذي طرأ في حياته، ويمكن للمُيسر أن يقدم لهم نصائح تتعلق بالانفعالات المتوقعة، وقيمة المشاركة في هذه الخبرة، وأهمية الرجوع إلى مزاولة الأنشطة السابقة بسرعة؛ أي القيام بالأنشطة التي كان يمارسها كل منهم قبل حدوث الكارثة؛ كي نقلل من التجنب الرهابي (أي تجنبها للخوف منها).
•الخلاصة: يقوم عضوان من المجموعة بتلخيص ما فهموه من عملية التفريغ.
•من الخطوات السابقة يمكن التعبير عن رؤية الحاضر والماضي والمستقبل.
كثيرا ما يشعر بعض الناس بالذنب والخجل بعد أن أصبحوا ضحايا، فمثلا نحن نتحدث عن إحساس أحد الناجين بالذنب كما نتحدث عن خجل شخص تعرض لسوء المعاملة، نبدأ من داخل الشخص (شعور وأفكار) لنصل إلى الخارج (سلوك).
يمكن أن يُستخدم التفريغ النفسي فرديا بنفس طريقة استخدامه أو جماعيا، ولكن الدراسات أجمعت على أن الجلسات الفردية يمكن أن تؤدي إلى ظهور الأعراض النفسية بعد فترة بدرجة أكبر من الجلسات الجماعية، وميزة الجلسة الجماعية أنها توفر الوقت والجهد ولكنها تقدم بيئة تشبه (حضن الأم)؛ حيث تصبح المجموعة محل التواصل والثقة والإحساس بالأمان.
بعد الجلسة الجماعية يحضر أعضاء المجموعة محاضرة حول الشفاء بعد الكوارث؛ حيث نقدم معلومات عن ردود الأفعال الطبيعية للأزمات وكيفية التعامل معها (مذكورة بالأسفل).
المساندة المستمرة:
دورك الذي تقوم به سينتهي في فترة قصيرة، وعليك أن تحتفظ باسم وعنوان الشخص الناجي، وكذا طرق الاتصال به وقم بالاتصال به كل فترة حتى تطمئن على حالته، كما عليك أن تؤكد على دور الأشخاص المحيطين بالناجي فتنشيط شبكة الدعم الاجتماعي (أو ما تبقى منها) بدءًا بالأسرة (أو بعض أفرادها الموجودين) والمسجد أو الكنيسة وجمعيات المساندة الأهلية؛ فللرموز والقيادات الدينية دور في مساعدة الصغار والكبار على استيعاب الأحداث الدامية والتعامل معها بشكل تكيفي من خلال إعطاء المعنى الإيجابي لها من وجهة نظر دينية أعمق، إضافة إلى أثر المفاهيم والأخلاقيات والممارسات الدينية على تماسك الأسرة والعائلة والمجتمع تحت مظلة التكافل الاجتماعي والتراحم والتلاحم.
كيف نتعامل مع الضغوط؟
كيف تؤثر الضغوط علينا؟
تؤثر علينا الضغوط أردنا أم أبينا، ويظهر ذلك علينا من الناحية الجسمية والفكرية والانفعالية والسلوكية.
الناحية الجسمية:
قد يظهر لدى البعض عرق زائد ودوار وتنفس سريع، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة ضربات القلب.
الناحية الفكرية:
انخفاض القدرة على الانتباه والتركيز، وظهور أفكار مخيفة إضافة إلى التفكير فيما يحدث حولنا ومحاولة فهمه.
من الناحية الانفعالية:
الغضب والخوف والقلق والحزن والاكتئاب.
من الناحية السلوكية:
تتغير أنماط السلوك التي اعتدنا عليها وقد تنسحب من الآخرين ونصمت لفترات طويلة.
هل الحرب تعتبر حدثا ضاغطا؟
الأحداث ليست ضاغطة في حد ذاتها! ولكن ذلك يعتمد على طرق تفسيرنا لها، ومدى قدرتنا على التكيف معها، فإذا كان الأذى والتهديد شديدا والقدرة على التكيف ضعيفة يحدث ضغطا كبيرا، وعندما تكون القدرة على التكيف عالية يقل الضغط.
كيف نستطيع التكيف مع الضغوط؟
يستطيع معظمنا التكيف مع الضغوط متوسطة الشدة ومع الضغوط التي يمكن التنبؤ بها في البداية أي حكاية أو موقف مُهدد إلى ضغط، ولكن تقل ردود الأفعال هذه بمرور الزمن، وعلينا أن ندرك أن بعض الضغوط لا تؤدي إلى حالة مزاجية سيئة ولا إلى انزعاج.
واجه الضغوط الآن:
هناك بعض الناس يشعرون باليأس عندما لا تتغير خططهم كما يريدون، وهناك آخرون قادرون على مواجهة التحديات والعقبات بثبات؛ حيث يستخدمون كل إمكانياتهم الشخصية والاجتماعية في التعامل مع الضغوط.
إمكانياتك الشخصية:
ابتعد عن السلبية: إن الأفراد الذين شاركوا في الحروب أو الخدمة العسكرية بدون أمل كانت حالتهم أسوأ من الذين كانوا متفائلين، ويدركون أن المشاركة بالحرب ليست أمرا هينا لأنها الحرب.
القدرة على التحمل:
الأفراد الذين لديهم قدرة على التحمل لديهم صحة نفسية وجسمية، والأحداث وإدماجها في الحياة والاستفادة منها في المستقبل وكذلك التركيز على المشكلات بدلا من التركيز على الذات أو فعالة، وأيضا البحث عن المساندة الاجتماعية.
تفاءل: ركز على الجوانب الإيجابية في الأحداث الجارية، وثق في رب العالمين، وحاول أن تسترخي ولا تُحبط بسهولة، وتوقع الخير، فالأفراد المتفائلون كان شفاؤهم من العمليات الجراحية أسرع وعاشوا بعد العمليات بصورة أفضل من المتشائمين.
كن فاعلا وليس مفعولا به: القدرة على التحكم في النفس في بعض الأحداث الضاغطة يساعدك على التكيف معها وله آثار مفيدة على أطفالك، فأنت قادر ولديك كفاءة على التصرف بما يفيدك.
عوامل شخصية أخرى: الأفراد الذين لديهم “ثقة بالنفس” وتقدير عال لذاتهم أكثر قدرة على التكيف، كذلك “الضمير الحي” أصحابه أطول عمرا وأكثر نجاحا في تجنب المواقف التي تؤذيهم، كما أن الأفراد “المتفائلون” يتكيفون بكفاءة أعلي.
التدين: الإيمان بأن الله كتب لنا الخير، وهو الصمد الذي نلجأ إليه، وفهم أهمية الحرب وقيمة الشهيد والصلاة والدعاء، كلها أمور تساعد على الإحساس بالراحة والسلوى والصبر، وعلى الرضا عن الحياة بل والسعادة أيضا.
تجنب الأشياء المزعجة: إذا كنت تشعر أنك غير قادر على التعامل مع التهديدات التي يُحتمل أن تحدث في المستقبل فتجنب التفكير فيها، وتجنب أيضا التركيز على انفعالاتك الذاتية.
الفضفضة: إن الناس الذين يتعرضون لأحداث جسيمة ولا يستطيعون التحدث عنها تبقى بداخلهم وتؤدي إلى أفكار وسواسية لسنوات، احكِ عن نفسك أمام الآخرين الذين تطمئن إليهم وعبر عن مشاعرك وآلامك وأفكارك، فهذا سيجعلك تشعر أنك تخلصت من حمل ثقيل.
ثانيا: المصادر الاجتماعية:
المساعدات المالية: استفد من الإمكانات المادية المتاحة لك، ولا أقصد بذلك المال، ولكن الأشياء الملموسة من حولك مثل: الأسرة – الأصدقاء – الوقت – العمل، فتوافر بعض هذه الأشياء أمر رائع، فالوقت المتاح لك مثلا الآن في الدعاء والعبادة والتحدث مع الآخرين لم يكن موجودا من قبل مع زحمة العمل والواجبات.
المساندة الاجتماعية: ابحث واقترب من الآخرين الذين تشعر معهم بالراحة والسلوان، فهؤلاء يقدمون لك: مساعدة ملموسة، مساندة انفعالية، معلومات، الوقوف بجانبك، فقد تجد من يساعدك بالمال أو الطعام الذي تحتاجه، أو من يفكر معك في كيفية تعويض ما فقدته، أو يقترح عليك تصرفات معينة لمواجهة الضغط وباقتراح حلول ممكنة لمشكلاتك، أو من يطمئنك ويشعرك بأنك إنسان له قيمته، فالجنود الذين يعملون في فريق يشعرون بضغط أقل من الذين يعملون منفردين.
لاحظ أن من المفيد أن تبحث عن نوع المساندة التي تحتاجها.
المحافظة على الصحة النفسية لفريق العمل:
عليك كمسئول عن “فريق الدعم النفسي” التأكد من أن كل أعضاء فريقك الذي قابل النازحين والناجين في صحة نفسية جيدة؛ لذا قم بعمل جلسة أخرى للتفريغ النفسي لهم، ومن الأنسب أن تنظم جلسة تفريغ نفسي جماعي، وإذا ما رفض شخص أو أكثر من أعضاء فريقك حضور الجلسة، فإن هذا لا يعني -على الإطلاق- أنه في غنى عنها، لذا يمكنك في وقت لاحق أن تقوم بجلسة “غير رسمية” والتي يمكن أن نسميها جلسة “فضفضة” لمن رفض الحضور، فعملية “الفضفضة” (التحدث بشكل غير رسمي مع الزملاء)، قد تكون طريقة بديلة مناسبة لبعض أعضاء الفريق.
نقاط هامة بالنسبة للمتطوع
أخطاء يقع فيها المتطوع:
•التعاطف والشفقة.
•التوحد أو “التقمص” بالضحايا؛ أي أتصور حالتي النفسية كحالة الضحية.
•الانبهار: أي أخذ فترة طويلة في الانشغال الذهني بالضحايا، وابتعد عن أي شيء غير هؤلاء الناس.
•الحياد أو البرود.
•الحكم.
حماية المتطوع لنفسه:
•كي أحافظ على صحتي النفسية حين أتعامل مع ضحايا الحرب عليّ الالتزام بالآتي:
•تكون لدي معلومات جيدة.
•لا أخرج عن حدود دوري.
•أسيطر على مشاعري.
•يعتمد الجهد على فريق مؤسسي.
•دراسة طرق التفريغ النفسي.
ملخص شكل العمل المطلوب:
•التعارف والاستماع.
•اكتشاف الحالات.
•نقل المعلومات إلى الضحايا.
•توجيهها.
•حماية النفس.
ملحق (1)
استمارة تسجيل حالة
العمر:
الجنس:
الحالة الاجتماعية:
التعليم:
العنوان:
المساعدات التي حصل عليها:
المساندة الاجتماعية والمادية المتاحة له:
الأعراض النفسية التي لاحظتها عليه:
حالته النفسية قبل الحرب: هل كان يعاني أو أحد أفراد أسرته من اضطرابات نفسية
هل ترى أنه من المناسب تحويله إلى العلاج النفسي؟
لا نعم
ملحق (2)
حافظ على صحتك النفسية
كيفية التأقلم مع الكارثة
بداية يجب أن تكون على علم بالمعلومات الآتية:
1-لا أحد يشهد الكارثة ولا يتأثر بها سواء نفسيا أو ماديا.
2-طبيعي جدا أن يشعر الإنسان بعدم الأمان والخوف على نفسه وأهله وأصدقائه في أثناء الكارثة.
3-يعتبر الحزن والغضب ردود أفعال طبيعية للكوارث المفاجئة.
4-يجب قبول المساعدات من المؤسسات والهيئات المختصة لحل المشكلات النفسية والمادية.
5-كل إنسان لديه احتياجات مختلفة وطرق مختلفة للتخلص من هذه المشاكل.
طرق الحد من الضغوط النفسية المصاحبة للحرب:
1-تحدث مع أي شخص عن غضبك والمشاعر والأحاسيس التي بداخلك.
2-اطلب المساعدة واستشر المؤسسات المختصة بالصحة النفسية.
3-لا تجعل نفسك مسئولا عن الأحداث، ولكن يمكن أن تكون ضمن الأفراد الذين يقومون بعمل الإسعافات الخفيفة.
4-كن أكثر نشاطا وزد من التفاعل الاجتماعي والمشاركة الفعالة لتجنب الضغوط النفسية التي يمكن أن تحدث لك نتيجة الحرب.
5-اقضِ وقتك مع الأصدقاء والعائلة، والجأ إلى أشخاص معينين من الأصدقاء والعائلة الذين لهم تأثير لتخفيف الأعباء النفسية.
بالنسبة للأطفال:
1-الحروب تجعل الأطفال يشعرون بالخوف وعدم الأمان والبكاء المستمر، لذلك على الآباء والمدرسين ملاحظة ذلك للتدخل في الوقت المناسب.
2-ردود أفعال الأطفال مختلفة؛ فمنهم من يتأثر نفسيا بعد الكارثة مباشرة، والبعض الآخر يظل في حالة جيدة لمدة أسابيع أو شهور، ثم يبدأ في الاضطراب النفسي.
3-اطمئنان الطفل وقت وقوع الكارثة مهم جدا، مثل وضع الطفل في حضن أمه وتهدئته بالكلام، وبالنسبة للأطفال الأكبر سنا يجب الرد على أسئلتهم بكل أمانة عن الوضع مع الأخذ في الاعتبار عدم الشرح التفصيلي الذي يرعب الأطفال.
4-يجب تشجيع الطفل لكي يبتعد عن عواطفه وانفعالاته بالكلام أو المناقشة أو الرسم، ويجب إبعاد الأطفال بقدر الإمكان عن وسائل الإعلام التي تعرض وتتحدث عن تفاصيل الحرب.
5-يجب تقليل الواجبات المدرسية، وتشجيع الطفل على الإبداع والتفكير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*د. داليا الشيمي
منتدب للتدريس بقسم علم النفس جامعة عين شمس.
ـ أخصائي تنمية مهارات وتدخل مبكر وتعديل سلوك للأطفال بمستشفى الجلاء.
ـ مدرب قياس نفسي وتعديل سلوك بمركز دراسة الطفولة بجامعة عين شمس.
**د.داليا عزت مؤمن
مدرس علم النفس بآداب عين شمس، عضو مركز الدعم النفسي في الكوارث – مركز التدريب على طب الأزمات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
أحمد عبد الخالق (1998)- الصدمة النفسية- مع إشارة خاصة إلى العدوان العراقي على الكويت- الكويت – مطبوعات جامعة الكويت.
الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للاضطرابات النفسية: المعايير التشخيصية (2001): ترجمة أمينة السماك وعادل مصطفى، ط1، الكويت، مكتبة المنار الإسلامية.
داليا عزت مؤمن – (2005) – الصحة النفسية في مواجهة الكوارث – متاحة على الرابط التالي:
http://www.maganin.com/palestine/articlesview.asp?key=61
عاطف رضوان وآخرون (2005) – الإسعافات الأولية ومجابهة الأزمات – ط2، الزقازيق – مركز التدريب على طب الأزمات.
محمد المهدي (2004)- كرب ما بعد الصدمة- متاح على الرابط التالي:
* منتدب للتدريس بقسم علم النفس جامعة عين شمس.
– أخصائي تنمية مهارات وتدخل مبكر وتعديل سلوك للأطفال بمستشفى الجلاء.
– مدرب قياس نفسي وتعديل سلوك بمركز دراسة الطفولة بجامعة عين شمس.** مدرسة علم النفس بآداب عين شمس، عضو مركز الدعم النفسي في الكوارث – مركز التدريب على طب الأزمات.- صدمة الحرب.. مرض قد يصيب أطفالنا(!!)
- ماذا نقول لأولادنا عن الحرب؟
- هل تؤثر الحروب على الانتماء لدى الأطفال؟
- لا وقت للعاطفة.. كلمات قوية للزمن الضعيف