بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حض الإسلام على نظافة البدن، وأمرنا بالاقتداء بما أمر به الأنبياء من سنن الفطرة، ومنها الختان، والتخلص من شعر العانة والإبط، وتقليم الأظافر وحف الشوارب، وإعفاء اللحى، وإكرام الشعر والتطيب وغيرها .
ويجوز إزالة شعر العانة وغيره بأي وسيلة لا تسبب ضررا ولا أذى للمسلم.
والتوقيت المذكور في الحديث والمحدد بأربعين يوما ليس شرطا فقد يختلف الأمر من إنسان إلى إنسان والسنة ألا يتجاوز هذا الوقت ، لكن قد يحتاج إليه قبل ذلك .
يقول الشيخ عبد الباري الزمزمي ـ عضو لجنة علماء المغرب:
هي سنن شرعها الله للأنبياء قبلنا وأمرنا بالاقتداء بهم فيها ، ومنها:
أولها : الختان فقد روى البخاري أن النبي ﷺ قال: اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم، وقد قال الله تعالى : ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا.
والختان قطع الجلدة التي تغطي الحشفة ـ رأس الذكر ـ لئلا يجتمع فيها الوسخ ولئلا تعوق الاستبراء من البول ولا تنقص لذة الجماع .
ثانيها وثالثها : الاستحداد (إزالة شعر العانة ) وحلق الإبط وينبغي للمسلم أن يتعاهد تنظيفهما بين الحين والحين. وأقصى مدة ذلك أربعون يوما كما ورد في الحديث.
رابعها وخامسها : تقليم الأظافر وإحفاء الشارب لما رواه الجماعة أن النبي ﷺ قال : خمس من الفطرة : الاستحداد والختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر.
سادسها : إعفاء اللحية فقد روى الشيخان أن النبي ﷺ قال : خالفوا المشركين وفروا اللحى واحفوا الشارب .
سابعها : إكرام الشعر إذا وفر بأن يغسل ويدهن ويمشط لما رواه أبو داود أن النبي ﷺ قال : من كان له شعر فليكرمه.
ثامنها : ترك الشيب وإبقاؤه فلا ينتف سواء كان في اللحية أو في الرأس لما رواه أحمد والترمذي والنسائي وأبو داود أن النبي ﷺ قال : لا تنتف الشيب فإنه نور المسلم ، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة ورفعه بها درجة وحط عنه بها خطيئة.
تاسعها : تغيير الشيب بالحنة والحمرة والصفرة ونحوها فقد روى الجماعة أن النبي ﷺ قال : إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم، ورووا أيضا أن النبي ﷺ قال : إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم (نوع من الربيع يخضب به كالحناء).
عاشرها : التطيب فقد كان النبي ﷺ يحبه ويحث عليه، روى مسلم أن النبي ﷺ قال : من عرض عليه طيب فلا يرده فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة ، و قال ﷺ : حبب إلي من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة.
الحادي عشر : السواك وكان النبي ﷺ يداوم عليه ولا يتركه بحال وأمر به المسلمين وأوجبه عليهم ولو مرة في اليوم على الأقل فقد روى أحمد والنسائي أن النبي ﷺ قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب .
وروى الجماعة أن النبي ﷺ قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء.
الثاني عشر : الاستنشاق لتنظيف الأنف واستخراج ما فيه .
الثالث عشر: غسل الأماكن الخفية من البدن كثنايا الأصابع وداخل الأذنين وتحت الركبتين والسرة ونحو ذلك .
الرابع عشر : المضمضة وهي إدخال الماء إلى الفم وتحريكه ثم إخراجه.
الخامس عشر : الاستنجاء بالماء فقد روى مسلم وأحمد والترمذي عن عائشة أن النبي ﷺ قال : عشر من الفطرة: قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظافر، وغسل البراجم (ثنايا الأصابع ظاهرا وباطنا ويلحق بهما غيرهما من الأماكن الخفية في البدن ) ، ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء (الاستنجاء ) ، قال الراوي : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة. أ.هـ
أما بالنسبة لحلق العانة:ـ
قال الحافظ في الفتح 10/343 : قال النووي : المراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه وكذا الشعر الذي حوالي فرج المرأة ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر فتحصل من مجموع هذا استحباب حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما قال وذكر الحلق لكونه هو الأغلب وإلا فيجوز الإزالة بالنورة والنتف وغيرهما .
وقال أبو شامة : العانة الشعر النابت على الرَكَب بفتح الراء والكاف وهو ما انحدر من البطن فكان تحت الثنية وفوق الفرج وقيل لكل فخد ركب ، وقيل ظاهر الفرج وقيل الفرج نفسه سواء كان من رجل أو امرأة قال : ويستحب إماطة الشعر عن القبل والدبر بل هو من الدبر أولى خوفاً من أن يعلق شيء من الغائط فلا يزيله المستنجي إلا بالماء ولا يتمكن من إزالته بالاستجمار قال ويقوم التنوُّر ( استعمال النورة ) مكان الحلق وكذلك النتف والقص وقد سئل أحمد عن أخذ العانة بالمقراض فقال أرجو أن يجزي ، قيل : فالنتف ؟ قال : وهل يقوى على هذا أحد ؟ وقال ابن دقيق العيد قال أهل اللغة : العانة الشعر النابت على الفرج وقيل هو منبت الشعر قال : وهو المراد في الخبر وقال أبو بكر بن العربي : شعر العانة أولى الشعور بالإزالة لأنه يكثُف ويتلبد فيه الوسخ .. وقال ابن دقيق العيد : كأن الذي ذهب إلى استحباب حلق ما حول الدبر ذكره بطريق القياس . أهـ
وقد ورد أن النبي ـ ﷺ ـ وقت للقص والحلق في الإبط والعانة وغيرهما مدة لا تزيد على أربعين يوما .
فجاء في حديث أنس عند الإمام مسلم { وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة }.
وللعلماء في هذا التوقيت آراء :
1- ألا تزيد مدة التنظف على أربعين يوما ، ومن تركها أكثر من أربعين عوتب لمخالفته السنة ، وقال البعض : لا إثم عليه ولا عتاب .
قال الإمام عبد الرحيم العراقي من علماء الشافعية :
ليس فيها(أي مدة الأربعين يوما ) تأقيت لما هو أولى بل ذكر فيها أنه لا يزيد على أربعين قال صاحب المفهم هذا تحديد أكثر المدة. انتهى
قال الإمام النووي الشافعي تعليقا على حديث أنس :
معناه : تركا نتجاوز به أربعين لا أنه وقت لهم الترك أربعين.
وقال الإمام أبو بكر الجصاص من علماء الحنفية :
ذكر من توقيت الأربعين في الحديث المتقدم فجائز أن تكون الرخصة في التأخير مقدرة بذلك وأن تأخيرها إلى ما بعد الأربعين محظور يستحق فاعله اللوم لمخالفة السنة. انتهى
وقال الإمام الشوكاني من علماء الزيدية :
بل المختار أنه يضبط بالأربعين التي ضبط بها رسول الله ﷺ فلا يجوز تجاوزها ولا يعد مخالفا للسنة من ترك القص ونحوه بعد الطول إلى انتهاء تلك الغاية.
2- ويرى بعض الفقهاء أن الإنسان يتعاهد نفسه بالقص والتقصير من الجمعة إلى الجمعة .
نقل الإمام عبد الرحيم العراقي عن بعض العلماء قولهم :
والمستحب تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة وإلا فلا تحديد فيه للعلماء إلا أنه إذا كثر ذلك أزيل.
3- أن هذا مضبوط بالحاجة .
قال الإمام النووي : والمختار أنه يضبط بالحاجة والطول فإذا طال حلق . انتهى
3- أن هذا مضبوط بالحاجة .
قال الإمام النووي :
والتوقيت فيه فإنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال.انتهى
والراجح أن نتف الإبط وحلق العانة أو غيرهما ينضبط بالحاجة ، لاختلاف أحوال الرجال، فمن الناس من يطول شعره أسرع من غيره ، على ألا يتجاوز الأربعين يوما ، لمخالفته لأقصى مدة سمحت السنة بترك فعل هذه الأمور ، والأولى التعاهد كل أسبوع
والله أعلم
مجموعة من المفتين