الوسوسة من أعمال الشيطان التي يحاول بها إبعاد الناس عن طاعة الله،بل قد يصل الأمر بالوسوسة إلى البعد عن الإسلام بالكلية، وتأتي الوسوسة في الصلاة أحيانا، وعلى المسلم أن يتحصن بذكر الله ، والالتجاء إليه ، وإظهار الفقر له، والتوكل عليه، في أن يصرف عنه ذلك الوسواس ،وأن يتفل على يساره ثلاثًا مستعيذًا بالله منه ،وأن يكثر من الدعاء ، وألا يرخي لنفسه العنان في هذا الأمر ، وألا يكثر من الخلوة بنفسه.
يقول الدكتور رفعت فوزي رئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم:
قال الله عز وجل: (وإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَليمُ).
فأحسن ما يقال ما يؤدِّبنا الله ـ تعالى ـ به ويأمرنا بقوله، وهو يأمرنا في حالة وَسوسة الشيطان أن نقول: نعوذُ بالله من الشيطان الرجيم، أو أعوذ بالله السَّميع العليم من الشيطان الرجيم.
فإنّه يُذهب وساوس الشيطان أيًّا كانت هذه الوَساوس. وفي الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ ﷺ: يأتي الشيطان أحدَكم فيقول: مَن خلق كذا، مَن خلق كذا، حتَّى يقول: مَن خلق ربَّك؟ فإذا بلغ ذلك فلْيستعِذْ بالله ولْيَنْتَهِ”.
وفي رواية في الصحيح: لا يزال الناس يتساءَلون حتى يقالَ هذا خلقَ اللهُ الخلقَ، فمَن خَلقَ اللهَ، فمَن وجد من ذلك شيئًا فليقل آمنتُ بالله ورسُله.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ ﷺ ـ: مَن وَجَد من هذا الوسواس فليَقُل: آمنَّا بالله وبرسُله ثلاثًا، فإن ذلك يذهب عنه.
والرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يذكر في هذين الحديثين نوعًا من هذه الوَساوس وهي كثيرة، وعلاجها كما رأينا وكما علَّمنا رسول الله ـ ﷺ ـ أن نستعيذَ بالله منه ومنها، ونُعلن إيمانَنا بما جاءنا من عند الله ـ تعالى ـ على لسان رسله، فنقول أكثر من مرة: “آمنتُ بالله ورسله” فيذهب الله ـ تعالى ـ هذه الوساوس كما أخبرنا الصادق المَصدوق، ﷺ.
وفي صحيح مسلم عن عثمان بن أبي العاص ـ رضِي الله عنه ـ قال: قلتُ: يا رسول الله، إن الشيطان قد حالَ بيني وبين صلاتي وقراءتي يُلْبِسُها على .فقال:” ذلك شيطان، فإذا أحسسْتَه فتعوذ بالله منه واتْفُل عن يسارِك ثلاثًا”. قال عثمان: ففعلتُ ذلك فأذهبه الله عني.
وقال رجل لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ما شيء أجدُه في صدري؟ قال: ما هو؟ قلتُ: والله لا أتكلَّم به، فقال لي: أشَيء من شكٍّ؟ إذا وجدتَ في نفسك شيئًا فقل: هو الأولُ والآخِر والظاهِر والباطن وهو بكلِّ شيء عليم. رواه أبو داود بسند جيد.
وقال بعض العلماء : يُستحَبُّ قول “لا إله إلا الله” لمن ابتُلي بالوَسوسة في الصلاة أو في غيرها، فإن الشيطان إذا سمِع الذكر خنس، أي تأخَّر وبعُد.
و”لا إله إلا الله” رأس الذِّكر، ولهذا اختار السادة من صَفوة هذه الأمة المُداومة على قول: “لا إله إلا الله” وقالوا: أنفع علاج لدفع الوسوسة، الإقبال على ذِكر الله تعالى والإكثار منه.
قال الإمام النووي في الأذكار: إنَّ الوَسواس إنما يُبتَلى به مَن كمُل إيمانُه، فإنَّ اللص لا يقصد بيتًا خرِبًا، يقصد أن الشيطان يحاوِل إفساد قلوب أهلِ الإيمان ليُفسد عليهم إيمانهم.
وكما قال ـ ﷺ ـ لبعض من ابتُلوا بالوسوسة “ذاك محضُ الإيمان”.
ينصح أن يكثِر من الاستعاذة بالله من الشَّيطان الرجيم أيًّا كانت هذه الوَسوسة، ومن ذكر الله ـ تعالى ـ عامّة و”لا إله إلا الله” خاصّة، يذهب الله ـ تعالى ـ عنها ما بها بفَضله وكرمِه.
يقول ابن الصَّلاح: “قول لا إله إلا الله له أثرٌ بيِّن في تنوير القلب، ولا إله إلا الله في أول درجات الذِّكر فإنه التوحيد الناصح الباهر”.