مصطفى عثمان
اصطلح على تسمية عصرنا هذا بأنه عصر السرعة” ؛ باعتبار أن السرعة هي أهم ما يميز هذا العصر، وهي أيضاً من أهم متطلباته، فأنت عندما تشتري سيارة تضع في اعتبارك أقصى سرعة لها، وعندما تكون في “السوبر ماركت” أو في البنك أو في محطة البنزين تتمنى أن تُقدّم لك الخدمة بسرعة، وعندما تترك بيتك صباحاً وأنت ذاهب إلى عملك تتمنى ألا تتأخر وتصل بسرعة.
وهناك أسباب عديدة جعلت من السرعة عاملاً أساسياً؛ أهمها تعقيد احتياجات هذا العصر مما يتطلب منك إنجاز أشياء كثيرة في وقت قصير، وكذلك اتساع الكتل السكنية مما يجعل هناك مسافة كبيرة بين أماكن السكن وأماكن العمل، ولا نستطيع أن نغفل دور العولمة التي تتطلب أن يستطيع الفرد الوصول إلى أي مكان في العالم في أسرع وقت ممكن .
وفي مقالة نشرتها جمعية الهندسة الميكانيكية الأمريكية صرح روبرت ماكوين مدير برنامج تطوير التكنولوجيا بإدارة الطرق الحديدية الفيدرالية بالولايات المتحدة الأمريكية بأن الإدارة تتبنى مع بداية القرن الجديد مشروع إنشاء شبكة طرق حديدية فائقة السرعة على غرار القطارات فائقة السرعة في أوروبا واليابان، على أن تربط هذه الشبكة الجديدة إقليم شمال شرق الولايات المتحدة.
وعندما نتكلم عن قطارات فائقة السرعة نقصد بذلك أن تكون سرعة القطار أكثر من 160 كيلومترا/ساعة، مما يتطلب مواصفات جديدة للقطار من حيث مصادر الطاقة المستخدمة، والطريق الحديدي الذي يسير عليه القطار، وعربات الركاب والبضائع، وكذلك أنظمة الأمن والتحكم التي تتواكب مع هذه السرعات العالية.
وهناك نظامان للقطارات فائقة السرعة هما المعروفان في العالم حتى الآن:
النظام الأول: وهو ما تدرس الولايات المتحدة تنفيذه، وهو القطارات التي تسير على قضبان حديدية مثلما كان مستخدمًا في الماضي، ولكن التغيير في نظام الطاقة والتحريك، حيث يستخدم نظام المحركات غير الكهربائية فائقة السرعة (NEL) (high-speed noneletric locomotive) ويعتمد هذا النظام على توربينات غازية تصل قدرتها إلى 5000 حصان تتصل من خلال صندوق تروس بمولد فائق السرعة 1500 لفة/دقيقة يخرج من هذا المولد تيار كهربي متغير يستخدم في تحريك مواتير متصلة بالعجلات الحديدية.
ويعتبر المحرك الأساسي في هذا النظام هو المحرك الميكانيكي التوربيني ولهذا يطلق عليه النظام غير الكهربي.
ويعد هذا النظام أقل في الحجم والوزن من المحرك الديزل الذي كان يستخدم قبل ذلك، كما أنه أسهل في الصيانة مما يوفر كثيراً من المال على المدى الطويل.
والتحكم في هذا النظام يكون إلكترونيًّا من خلال غرفة تحكم رئيسية في مقدمة القطار مزودة بأجهزة الكمبيوتر وبعض المحولات التي تحول التيار الخارج من المولد الكهربي من تيار متردد إلى تيار مستمر لاستخدامه في إنارة العربات وأجهزة التكييف وشحن مجموعة من البطاريات تستخدم في حالة حدوث أي خلل في النظام العام.
وتصل السرعة القصوى لهذا القطار إلى 320 كيلومترا/ساعة، وفي حالة الظروف الجغرافية الصعبة -كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية- تصل سرعته إلى 240 كيلومترا/ساعة، ويستخدم حالياً في جميع الدول الأوروبية.
أما النظام الثاني في أنظمة القطارات فائقة السرعة فهو القطار الطائر، وهو يستخدم حالياً في اليابان، ويطلق على هذا النظام ( maglev) وهو اختصار لكلمة (magnetic levitation) أي التعويم المغناطيسي.
وتعد هذه التكنولوجيا من أحدث التكنولوجيات في هذا المجال؛ حيث تعتمد على أن القطار يسير على مسار يطلق عليه (gideway) بدلاً من القضبان، وعندما تصل سرعة القطار إلى 160 كيلومترا/ساعة تفرغ الملفات الكهربائية المثبتة في هذا المسار الطاقة الكهربائية التي بها؛ لتحدث مجالاً مغناطيسياً بين المسار وعجلات القطار، ويعمل هذا المجال على تعويم القطار، ويجعله غير ملامس للمسار؛ مما يقلل من الاحتكاك وبالتالي تزيد سرعة القطار، وتصـل سـرعته القصوى إلى 500 كيلومتر/ساعة وهي سرعة عالية جداً.
ونلاحظ أن المصدر الأساسي للتحريك هنا هو الطاقة الكهربائية؛ ولهذا يستخدم النظام الكهربي (EDS) (Electro-dynamic system) وهو نظام يحدث فيه تبريد للملفات الكهربائية المثبتة على المسار (gideway) بحيث تقترب درجة حرارتها من الصفر، مما يقلل من فقد الطاقة عن طريق الحرارة، وبذلك نضمن توصيلا جيدا للكهرباء.
وتعتبر هذه التكنولوجيا مرتفعة التكلفة بصورة كبيرة ولا تقدر عليها إلا الدول الغنية فقط؛ حيث تتكلف حوالي 125,000,000 $ دولار أميركي لكل كيلومتر.
اقرأ أيضا:
– شبكة طرق سريعة من نوع جديد