فَتاتِي صاحبة الرسالة كم كانت دهشتي وسروري في آن واحد حينما قرأت رسالتك التي تنم على مدى إحساسك بالمسؤولية تجاه أخيك، وإلى أي حد تهتمين به، فأشكرك على هذا وجعلك دائمًا نِعْم الأخت.
وأما عن المشكلة، فالواقع أنني لا أرى مشكلة على الإطلاق فإذا كان أخوك يتمتع بكل الصفات التي ذكرتِها في رسالتك من ذكاء وسرعة بديهة وحب للتجارب العملية وإتقانه للفك والتركيب، فهي ميزات لا يستهان بها، وعليك أن تعلمي أن كل إنسان له ميول واستعدادات للعلوم المختلفة، وكل المطلوب من أخيك في هذه الفترة من المرحلة التعليمية أن يجتاز اختبارات المواد التي لا يحبها ولا يتقنها ولا يبذل مجهودًا في تعلمها بدرجات تحفظ ماء وجهه، وليس المطلوب أن يتفوق فيها، إلى أن تأتي مرحلة التخصص، وعندها ستجدين أخاك هذا وقد أصبح له شأن فيما لديه من استعداد وميول، ولكن إذا كان ضعيفًا في تلك المواد التي لا يحبها إلى الدرجة التي لا يجتاز فيها الاختبارات، فيمكن أن أقترح عليك بعض الحلول التي تساعد في إجادته لهذه المواد:
1. الاستعانة ببعض الأدوات التي تعينه على حب اللغات منها لعبة المكعبات باللغتين العربية والإنجليزية (puzzle)، وهي عبارة عن مكعبات، كل مكعب مكتوب عليه حرف، فيمكنك ترتيب الحروف لتكوين الكلمات، ومن الكلمات تكوين الجمل، وتبدو اللعبة ساذجة أو بسيطة، ولكن قد جربت مع تلاميذ ضعاف في اللغة فحسَّن ذلك من مستواهم في الهجاء، وتركيب الجمل، وهي ممتعة، وكنا نلعبها كبارًا وصغارًا عن طريق فرق تتنافس فيما بينها.
2. عدم الإلحاح عليه في عملية مذاكرة هذه المواد؛ لأنه في مرحلة عمرية تأبى الوصاية عليه، ولكن يمكن أن يتم توجيهه بطريقة غير مباشرة (كأن تشتري اللعبة السابقة وتحاولي اللعب مع إخوتك دون أن تخبري أخاك بها، فهذا أدعى لجذب انتباهه).
3. أن يخصص وقت بصفة دورية (كل أسبوع أو أسبوعين مثلاً) للحديث باللغة العربية يشترك فيه إخوتك ووالداك (وأيضًا يتم ذلك بالنسبة للغات الأخرى التي يتعلمها أخوك إن أمكن ذلك)، ويضفي على هذا الوقت جو المرح، ويبدو وكأن الأمر لعبة طريفة، ويمكن أن تبدءوا دون إبلاغ أخيكم بهذا أو إبلاغه بطريقة عابرة، فهذا يدعوه للاستفسار والسؤال عما تفعلون، وربما لا يشترك معكم في بادئ الأمر، ولكن حينما يسمعكم تتبادلون الطُّرف والضحكات فسيحاول الاشتراك معكم، ورويدًا رويدًا يتحول هذا الوقت لمجلس علم تناقشون فيه كتابًا أو مقالاً أو قصة أعجبت أحدكم، ويمكن أن تتفقوا في نهاية كل مجلس على ما يمكن قراءته ومناقشته للمرة القادمة، على أن تكون الموضوعات حيوية، ومما يهتم بها أخوك،
هنا أيضًا تحل مشكلة عدم حبه للقراءة.
4. وكذلك يمكن استخدام الكمبيوتر كوسيلة أخرى لعلاج هذه المشكلة، فما أكثر البرامج التي تعني بتعليم اللغات، وخاصة اللغة الإنجليزية وهي برامج شيقة وممتعة.
5. ومن المهم في هذه المرحلة التعاون مع المدرسة في علاج هذه المشكلة، فيجب أن يتصل والدك بمعلمي أخيك؛ ليتعرف على نقاط ضعفه في هذه المواد، وما هي اقتراحاتهم للعلاج، وكيفية تعاون المدرسة مع البيت في هذا الأمر.
وأخيرًا أدعو الله أن يوفقك لما فيه خير لأسرتك جميعها.
و لمزيد من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع يمكن الرجوع إلي الموضوعين التاليين:
النبوغ.. وراثة أم موهبة؟
أ/عزة تهامي