وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أيتها السائلة الكريمة.
نحن نشكر لك اهتمامك ورعايتك لابنة عمك، ولكن المشكلة التي نواجهها في حالة “الأم البديلة” إن صح التعبير، وهي قيام إحدى الشابات برعاية قريبة لها، هو عدم معرفتنا بسن هذه الأم البديلة ومدى خبراتها في التعامل مع الأطفال أو قدرتها التربوية على التعامل مع المواقف.
ويبدو ذلك واضحًا في صياغة المشكلة وعرضها؛ حيث يبدو التدقيق في كل الأمور، والرغبة في المحاسبة على كل أمر؛ حيث لا توجد عاطفة الأمومة الطبيعية التي تعطي للطفل مساحة يتحرك فيها ويخطئ أو يصيب، حتى إن تصرفًا طبيعيًّا مثل الغيرة من الأطفال الآخرين عندما تقبِّلينهم تصفينه بالأنانية التي تشبه أنانية أبيها، والأمر لا علاقة له بالأنانية من قريب أو بعيد؛ فهي غيرة عادية تحتاج إلى تنبيه لطيف إلى أن هؤلاء أخواتها، وأنك يجب أن تراعيهم مثلها.
وبالنسبة لمشاعر الانجذاب للجنس الآخر فهي أيضا مشاعر طبيعية؛ حيث تبدو هذه الفتاة على مشارف المراهقة، وهي -كما تصفينها- جميلة، وشيء طبيعي أيضا أنها تحب نظرات الإعجاب في عيون الشباب لها، بل وقد تسعى لها، وليست المشكلة في هذه المشاعر، ولكن في أن تجد مَن يكون قريبا منها بالصورة التي تبوح له بهذه المشاعر؛ فتجد تفهمًا وحوارًا هادئًا يبين لها -بدون انزعاج أو تخويف أو اتهام- أن المشاعر هذه طبيعية، ولكن ما يترتب عليها من سلوك لا بد أن نفكر فيه ونعرف ماذا نريد من ورائه؟ وما هو الحب؟ وما هي حقيقته؟ وما هو وقته المناسب؟ ولأي شخص يكون؟… وهكذا مما ذكرناه في مشكلات سابقة بالتفصيل حول العاطفة في سن المراهقة وماهيتها وكيفية العامل معها، وهكذا بهدوء مع كل الأمور.
وأما ما أسميتِه بالكذب؛ فالأمر لا يحتاج إلى الموعظة المباشرة فقط، بل يحتاج إلى التفكير معها بصورة موضوعية في بدائل للكذب من أجل الحصول على ما تريد، خاصة أنك تذكرين في رسالتك أنها لا تستطيع الحصول على مطالبها الطبيعية إلا بهذا الكذب؛ فيصبح شيئًا صعبًا على طفلة في مثل سنها أن تفهم أنه يجب أن تتسامى عن الكذب حتى لو حُرمت من الحصول على حاجاتها ومطالبها الطبيعية.
فلنكن عمليين، ونوجد لها وسيلة أو وسائل لحل هذا الموقف، حتى لو كان بالتدخل المباشر لدى والدها وعمك من أجل الحصول على هذه المطالب.
إنها لا تستغل مرض أمها أو ضعفها، ولكنها تستغل المساحة المتاحة لها، والتي كان يجب أن تشغلها أمها لولا مرضها، والتي كان يجب أيضا أن يحل الأب لملئها، ولكنه لم يفعل.
فإذا أردت أو كان باستطاعتك ملؤها فتقدمي وافعلي، ولكن لا تطلبي منها أن تجد أمامها مساحة يمكنها التحرك فيها، وأن تقف من تلقاء نفسها بغير توجيه واضح محدد.
والشأن الدراسي يحتاج إلى مراجعة دافعها إلى الدراسة، ومحاولة جعل النجاح فيها أحد أهدافها، وتشجيعها، وتحفيزها، والكف عن نقدها، ومراجعة ما كتبناه سابقًا عن هذه الصفحة بشأن تشجيع الأطفال على الدراسة والانتباه، ونحن معك.
ولمزيد من التفاصيل المفيدة حول هذا الموضوع يمكنك الرجوع إلى الموضوعات التالية:
– فقه تغيير السلوكيات
– تبادل الأدوار…التخلي المرفوض
– الفوضوي المستفز ..كيف نجعله قدوة؟؟
– أول فنون التربية.. استثمار الإيجابيات
– تعديل السلوك.. قواعد وفنون
– المراهقات ..الصلاة.. الحجاب ..برنامج للاقتراب
– البنات والموضة وحرية الاختيار
د/عمرو أبوخليل