قال فضيلة الشيخ عطية صقر رحمه الله (من كبار علماء الأزهر) : روى مسلم وأصحاب السُّنَن أن النبي ـ ﷺ ـ سُئِل عن صوم يوم عرفة فقال:” يكفِّر السنة الماضية والباقية” هذا أصحُّ ما ورد في فضل الصوم يوم عرفة، وجاءت روايات أخرى إسنادها حسن أي أقل من درجة هذا الحديث تفيد أن صوم يوم عرفة يعدل صيام سنة كما رواه النسائي أو صيام سنتين كما رواه الطبراني، أو صيام ألف يوم، كما رُوي أن بعضهم كان يرشُّ عليه الماء وهو صائم، لما يعاني من شدة الحرِّ، حرصًا على ثوابه.لكن ذلك مختلف عن صيام عرفة للحاج الواقف بعرفة،
فقد روى أبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه والطبراني أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهى عن صومه، وإن كان هذا النهي ليس للتحريم، بل للكراهة، ولذلك اختلف الفقهاء، فقال الشافعي: يُسَنُّ الفطر فيه ليقوي الحاج على الدعاء، وقال أحمد: إن قَدَر الحاجّ على الصوم صام، وإن أفطر فذلك يوم يحتاج فيه إلى القوّة.
ومهما يكن من شيء في مسألة صيام عرفة للحاج فإن الأولى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلّم فقد ثبت أنه لم يصُم هذا اليوم في حجة الوداع. روى البخاري ومسلم عن أم الفضل أنّهم شكُّوا في صوم رسول الله ﷺ يوم عرفة، فأرسلت إليه بلبن فشرِبَ وهو يخطب الناس بعرفة، وثبت أنه قال:” إن يوم عرفة ويوم النّحر وأيام التشريق عيدُنا ـ أهلَ الإسلام ـ وهى أيام أكل وشرب” رواه أحمد وأصحاب السنن وابن ماجه.
نعم، إن الواقفين بعرفة في ضيافة الله، حيث يُباهى بهم ملائكته، ويشهدهم أنه غفر لهم، وذلك عيد عظيم من لوازمه البهجة والسرور كما نلاحظ أن في الوقوف والإفاضة جهدًا كبيرًا يحتاج إلى قوة يساعد عليها الفطر، وذلك تخفيف من الله ورحمة.