قال الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله (أستاذ الفقه بجامعات سوريا سابقا ) حول وقت رمي الجمرات أيام التشريق : لا شك أن من باب التيسير والتخفيف عن الحجيج يومي النفير ؛ أن يبدأ الحاج في رمي الجمرات من بعد صلاة الفجر ؛ وإن كان بعض الفقهاء قد شمل بالتيسير بقية الأيام على تفصيل في المذاهب كما جاء في فتاوى الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله.
رمي الجمرات الثلاث بعد اليوم الأول، يبدأ وقته من زوال كل يوم إلى فجر اليوم التالي في معظم المذاهب. إلا أنه عند الشافعية يَبدَأ وقت الرَّمي في كل يوم بزوال الشمس فيه، ويستمر وقته إلى الغروب من آخر أيام التشريق، ولكنْ لا يصحُّ الرمي عن يوم إلا بعد الرمي عما قبله.
وعند أبي حنيفة أن اليوم الرابع من أيّام العيد، وهو يوم النفر الأخير يبدأ وقت الرّمي فيه من الفجر حتى غروب الشمس، فيستطيع المتعجِّل أن يرميَ قبل الزوال وينفرَ.
وقال إسحاق: إن يوم النَّفر الأول (وهو الثالث) هو كالرابع يبدأ الوقت فيه لأجل الرمي من الفجر أيضًا، تسهيلًا لمَن يُريد النّفر فيه (كما في نيل الأوطار للشوكاني).
أما اليوم الثاني من أيّام العيد، فالجمهور على أن وقت الرمي فيه يبدأ من الزوال، فلا يصحُّ الرمي فيه قبل الزوال، لأنه لا نفرَ فيه.
ولكن خالَف من التابعين عطاء وطاووس (كما في نيل الأوطار) فقال هؤلاء جميعًا: إن الوقت في اليوم الثاني أيضًا يبدأ من الفجر، فيرمي قبل الزوال مُطلقًا.
وفي قول آخر عن وقت رمي الجمرات أيام التشريق عند الحنفيّة أيضًا غير القول المشهور: أنّ اليومين الثاني والثالث أيضًا يجوز الرّمي فيهما قبل الزّوال.
وعليه: يكون في الأيّام الأربعة كلّها مجال للرّمي من الصّباح قبل الزوال في مختلف الاجتهادات، ولو في غير يوم النّفر للمستعجِل وغيره؛ لأن في الرمي قبل الزوال تيسيرًا كبيرًا على الناس حتى على غير المستعجِل لأجل النفر، فإن الماكِث أيضًا قد يحتاج إلى التبكير في الرمي اجتنابًا للزِّحام الشّديد في الحَرّ الشديد، ولا يخفَى أن المكلَّف عليه أن يتبع أحد المذاهب المُعتبرة أيًّا كان منها، ويتقبّل الله تعالى منه، فإن الدين يُسر بنصِّ الحديث الثابت.
أ.د مصطفى الزرقا