الحضارة تتجه شرقاً
يلحظ المتأمل في التاريخ السياسي للدول أن المرور بالتجارب الدامية والصراعات الداخلية العنيفة التي تحصد الألوف المؤلفة من الأرواح، وتورث أبناءها تركة هائلة من المآسي الكبيرة، والقصص المروعة التي تتناقلها الشعوب جيلاً عن جيل، يكاد يكون شرطاً حضارياً لقيام كيانات سياسية حداثية، تحقق نهضة مستدامة وتنمية شاملة في الاجتماع والاقتصاد والسياسة. كما تسهم هذه التجربة المريرة، في ظاهرها، في تبوُّء مكانة حضارية هامة تمكن المجتمعات من تصدير قيمها وسلوكياتها ولغاتها وتصوراتها الثقافية إلى العالم، بل وتصبح قطباً حضارياً تدور الأمم في فلكها، وتلهج بذكر مآثرها وفنونها وآدابها وعوائدها حتى في طريقة إعداد طعامها و أنماط لباسها.