الخطابة في اللغة هي الكلام المنثور يخاطب به متكلم فصيح جمعا من الناس لإقناعهم والتأثير عليهم، فهي اتصال في اتجاه واحد يتعامل مع العقل والعاطفة.

وفي تعريف العلماء هي الكلام المؤلف الذي يتضمن وعظا وإبلاغا على صفة مخصوصة يهدف إلى تذكير الناس بدينهم وحثّهم على العمل به.

والخطابة لها قواعد وأساليب وضوابط. والمرجع في فقه الخطبة والخطيب هي النصوص الشرعية وخاصة منها خطب النبي صلى الله عليه وسلم.

 اختيار الموضوع وتخطيط الخطبة

يقع اختيار موضوع الخطبة باعتبار:

– المناسبات الدينية

– الواقع وحاجات المخاطبين مع اعتبار اﻷولويات.

ومن المفيد  توزيع مواضيع الخطب بشكل مناسب على مواضيع العقيدة ومواضيع الشريعة بفروعها الثلاثة: اﻷخلاق والمعاملات والعبادات الشعائرية.

ويقع التخطيط للخطبة من خلال تحديد الهدف وبناء المخطط.  والهدف من الخطبة هو ما يرغب الإمام الخطيب في أن يعرفه أو يفعله المخاطبون بعد سماعهم لخطبته. وتحرير نصّ الخطبة يرتبط بالهدف أو الأهداف التي يمكن أن تكون: بيان حكم شرعي، أو تصحيح مفهوم أو الحث على عمل من أعمال الخير أو التذكير بمسألة فقهية أو غير ذلك.

ويُبنى مخطط الخطبة على أساس أن تكون الخطبة ذات وحدة موضوعية مترابطة اﻷجزاء، وﻻ تكون مشتّتة تعالج أكثر من موضوع. فالخطبة أشبه ما تكون بجسم واحد مكوّن من أجزاء متناسقة ومنسجمة.

وأجزاء الخطبة هي: المقدّمة وصلب الموضوع والخاتمة. فالمقدّمة هدفها شدّ انتباه المخاطبين وطرح الموضوع. أمّا صلب الموضوع فيتكوّن من تقسيم الموضوع إلى عناصر رئيسية من المستحسن أن ﻻ يزيد عددها الأقصى على ثلاثة، وتتفرع عنها عناصر فرعية، وتشتمل على استشهادات مختارة من القرآن الكريم والسنة النبوية بالقدر المناسب الذي يخدم الهدف، كما تشتمل في المواضيع المتعلقة بالشريعة على أمـثلــة تطبيقيــة مرتبطة بالواقع المعاش  للمخاطبين للتوضيح. أما الخاتمة فتلخّص ما جاء في صلب الموضوع مع التأكيد على النقاط الهامة.

ويجب أن تكون الخطبة واضحة التقسيم مترابطة ومتناسقة. ويقع الانتقال من عنصر إلى آخر بشكل انسيابي يُسهّل متابعة الخطبة.

كتابة الخطبة وإلقاؤها : يُكتب صلبُ الموضوع أولا قبل المقدّمة والخاتمة. وتحرّر المقدّمة والخاتمة بعد ذلك وبمزيد من العناية لأهميتهما. وتستعمل في الكتابة الكلمات السهلة والجمل القصيرة البسيطة.

ولا يكفي إيراد نص جيّد لشدّ الانتباه بل لا بد من قراءته بطريقة مؤثرة، لا يكون فيها صوت الخطيب مرتفعا للغاية أو حادا للغاية أو منخفضا للغاية، بل يكون واضحا مرنا يراوح  بين السرعة والقوّة والحدّة حسب المضمون، ويستعمل التوقّف عند مواضع معيّنة، كالتوقف قبل وبعد كل جملة هامة، وبعد الانتهاء من كل جزء من الخطبة، مع التركيز على الكلمات الهامة والضغط عليها.

من القواعد الهامة في الخطبة التي تعين على تحقيق هدفها :

– مراعاة أحوال المخاطبين العلمية والإيمانية ومخاطبتهم على قدر عقولهم

– مراعاة حاجات المخاطبين وطبائعهم

الرفق والكلام الحسن والمؤدب

– الموازنة بين الترغيب والترهيب

– الإيجابية في الخطاب بما يعزّز تعلق المسلمين بدينهم والأمل في مستقبلهم

– عدم التطرق للمسائل الخلافية إلا عند الحاجة وبمنطق التسامح والوحدة

 

ومن الأساليب المفيدة التي تستعمل في الخطبة والدعوة عامة نذكر :

– طرح السؤال لشدّ الانتباه ثمّ الجواب عليه

– القصّة بشكل مختصر ودون تطويل

– الموعظة الحسنة التي تصل إلى قلوب الناس وعقولهم

– ضرب الأمثال


مراجـع مفيــدة :

* الدكتور سعود بن ابراهيم بن محمد الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام «الشامل في فقه الخطيب والخطبة» دار الوطن للنشر، الرياض، الطبعة الأولى 2003 .

* الشيخ طه عبد الله العفيفي «من خطب الرسول صلى الله عليه وسلم»  دار الرشاد، القاهرة، الطبعة الأولى 2000.

* الدكتور طارق محمد السويدان «فـن اﻹلقاء الرائــع» شركة الإبــداع  الفـكـري، الكويت، الطبعة الأولـى 2003.