الإعجاز البياني في القرآن

يدهشنا البيان القرآني المعجز بدقة اختياره للمفردات القرآنية في إيحاءاتها الصوتية، ومحاكاة الصوت فيها للمعنى، وهذا ما لايستطيعه البيان البشري القاصر ولا يتجاسر عليه أو يرتقي إليه؛ لأن هذا إحكام مدهش عجيب! لايحكمه إلا من خلق الإنسان، وأنزل البيان، فأحكمه غاية الإحكام. عندما عبر البيان المحكم عن حال النار وأصواتها- والعياذ بالله منها- ذكر ذلك

يبصر هذا المقال في دقائق البيان الإلهي في استعمال كلمة (قيل) دون (قول) حين وصف الجنة وما فيها من بعض الحقائق

يسأل بعضهم عن سر الإعجاز في بيان القرآن..؟! فما دامت ألفاظه وتراكيبه من هذا اللسان، فأين الإعجاز.. ؟! والجواب عن ذلك بسهولة ويسر .. هو أن القرآن عندما يعبر عن معنى بأسلوب معين لإيصال ذلك المعنى.. فإن عمالقة البيان عاجزون عن التعبير عن ذلك المعنى نفسه مع الإيفاء بحقه، بأسلوب أو لفظ غير ما استعمله

إن الناظر في تحولات الحياة، وجبروت الظالمين والطغاة، قد ينتابه حالة من الحزن الشديد؛ حتى يتمنى أن يعاجلهم العقاب ويرى القصاص العادل أمام عينيه من الظالمين؛ انتقاما للمظلومين، فيأتي بلسم البيان الإلهي القرآني مراعيا الحالة النفسية خطابا للمؤمنين عبر عصور الزمان، في كل وقت وحال، ابتداء من الرسول – صلى الله عليه وسلم- وخطابه خطاب

قال تعالى: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} قرأ بها الإمام في صلاة الفجر، ولقرآن الفجر حلاوة وطلاوة خاصة قال تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} الإسراء-78. فوجدت نفسي أردد مع الإمام تلك الآية ” لكل نبإ مستقر” ونسيت قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الأعراف-204، ونسيت حديث أبي

يعرج البيان القرآني بالمعاني والأفهام فوق متوقع فهوم البشر من الكلام، فماهو زائد في بيانهم هو محكم دقيق في الاستعمال القرآني، لايمكن الاستغناء عنه بحال، فأمعن النظر وأنعم الفكر في قوله تعالى، واصفا حال المنافقين بزعمهم الإيمان (وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِینَ) إن البيان القرآني استعمل الباء في هذا