الفن والجمال

إن أغلب الدراسات التي تناولت فننا الإسلامي وألفيناها على الساحة ركزت في مجملها على قضايا الجمع، والتوثيق، والتأريخ، والمتابعة، وقلما وجدنا دراسات جادة معمقة تقدم لنا إحاطة شاملة عن جماليات ، وفلسفة، ومضامين ، وحكمة فننا الإسلامي، ففي نظرنا أن هذا المجال لم يلق العناية الكافية، ولم ينل حظاً وافراً من الدرس والتحليل.

تميزت الفنون الإسلامية بميزات الإسلام، وانطبعت بطابعه؛ بحيث انعكست القيم الإسلامية على جمالياتها ودقائقها، وصار الفكر والفنون في رحاب الإسلام وجهين لحقيقة واحدة.. حتى أصبحت "الفنون الإسلامية" أحد المداخل المهمة لعالَم الإسلام الفكري والحضاري، كما نلمس في تجارب جارودي وهوفمان وغيرهما.. في هذا الحوار نتوقف بتأمل وتدبر مع واحد من أهم الفنون الإسلامية- أو "أبوها"، بتعبير ضيفنا- وهو الخط العربي؛ وذلك مع الخطاط الشيخ عبد السلام البسيوني؛ الذي جمع في مسيرته بين الاهتمام بالخط العربي وبين الدعوة إلى الله تعالى كتابة وخطابة وفقهًا، مضيفًا إليهما اهتمامًا بديعًا بالأدب والشعر والمسرح..

ينقلنا كتاب “سوسيولوجيا الفن: طرق للرؤية” من تحرير ديفيد إنجيلز وجون هينجستون وترجمة: د. ليلي الموسوي إلى بقاع معرفية شديدة الخصوبة؛ بما تثيره من قضايا تمس العمل الإبداعي. الكتاب الذي يقع في (335) صفحة من القطع المتوسط، عماده مجموعة من الدراسات والمقالات لعدد من العلماء المتخصصين في علاقة فنون بعينها بسياق اجتماعي أفرز تلك الفنون..

نشأت الدراسات الحديثة التي تناولت الفن الإسلامي في ظل الدراسات الاستشراقية الغربية التي لم تقصر همها على دراسة صنوف المعرفة الإسلامية وإنما امتدت إلى دراسة التجليات المادية للحضارة الإسلامية ومن بينها الفن، وقد تأثرت الدراسات الفنية بها لحقب طويلة لاحقة حيث بدت تعبيرًا عن النظرة الاستشراقية للفن الإسلامي أكثر من كونها تعبيرا حقيقة هذا الفن ومقاصده

اندهشت كما اندهش من قبلي من فكر و موسوعية علي عزت بيغوفيتش وأنا أقرأ له كتابه “الإسلام بين الشرق والغرب”، وزادت دهشتي أكثر بإجرائي إحصاء جمعت فيه أعلام الفن الذين اعتمدهم – إما قارئا لأعمالهم أو مستدلا بها أو مارا عليهم مرور كرام- وذلك قبل انطلاقي باحثا عن رؤيته للفن معتمدا بشكل كبير في كتابه

يعتبر كتاب كشف الظنون واحدا من أهم الموسوعات المعرفية في تاريخ الإسلام، فقد أحصى فيه مؤلفه 14501 كتابا بالعربية والتركية والفارسية، و 9512 من أسماء المؤلفين ونحو 300 علم بعضها ديني وبعضها دنيوي، وهو بهذا المعنى سجل تاريخي للعلوم والمعارف منذ ظهور الإسلام حتى القرن الحادي عشر