نشأت في تاريخ الإسلام فرق إسلامية تباينت فيما بينها حول مسائل عقدية وأصولية، فإنهم وإن كانوا جميعا يعبدون الله الواحد الأحد، إلا أنهم اختلفوا في صفات هذا الإله المعبود، وفيما يجوز في حقه، وفيما يجب له، وفي مفهوم الإيمان، وفي ضوابط الخروج منه، وفي مشاهد كثيرة لليوم الآخر، أو في عالم الغيب عمومًا. فلماذا تباينت هذه الفرق في فهمها وتصورها عن الإسلام ؟
انتهى الاجتهاد المطلق/المستقل بتبلور المذاهب الفقهية المعروفة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية وغيرها)، وصار المجتهدون اللاحقون يجتهدون في إطار المذهب المحدد وقواعده على تفاوت درجاتهم وتأهيلهم، ووُضعت لذلك ألقاب فنية خاصة كمجتهد المذهب ومجتهد المسألة وغير ذلك بناءً على تَجَزُّؤ الاجتهاد وغياب المجتهد الشامل. في حين شمل وصف المقلد عامة المسلمين وإن تفاوتوا في درجات تقليدهم، وعلى هذا سار التاريخ الإسلامي في شِقّيه: الاجتماعي (التدين الفردي) والقانوني (القضاء) حتى مشارف الأزمنة الحديثة التي بدأت في القرن الثامن عشر مع الإصلاحات العثمانية والاحتكاك بالحداثة الأوروبية.
اتسمت معظم كتب العقيدة الإسلامية في التراث الإسلامي بعرضها قضايا أصول الدين من منظور الفرق الإسلامية الكبرى. وولّد ذلك إشكاليات كبيرة وخطيرة على الأمة لا زال أثرها إلى يومنا هذا، كما انبثقت من تلك المنهجية إشكاليات تفرق الأمة إلى واقعنا المعاصر، إذ من مستلزماتها عدم القدرة على تقديم قضايا أصول الدين من منظور ما يجمع