هكذا تعمق الإمام ابن عاشور في الدلالة الإشارية والفائدة من قوله تعالى (كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ )
في غضون ثلاث وعشرين سنة، على مدار تنزل القرآن الكريم على قلب رسول الله ﷺ، تبدلت أحكام وتغيرت من العفو إلى المؤاخذة، ومن التساهل والتدرج إلى الإحكام والقوة. فقوله تعالى في شأن الجهاد : {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190] سبقه موقفان من الجهاد: الموقف الأول،
إن لله سننًا لا تتغير ولا تتبدل، يجريها على خلقه جميعًا، من سبق منهم ومن لحق ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾ [الأحزاب: 62]. ومطلوب من الإنسان أن يعيها وأن يعمل بمقتضاها، فمن صادمها ولم يعمل بها أو حاول مغالبتها غلبته، وجنى على نفسه جناية السوء. فمن