لو لم يكتب إدوارد سعيد غير كتابه "الاستشراق" الصادر عام 1978 لكفاه ذلك شرفا؛ فقد كان كتابا فارقا في منهجه وأثره عن كل ما سبقه وكثير مما لحقه من معالجة لموضوع الاستشراق، وظل بعد مرور ربع قرن على صدوره محتفظا بأهميته ومصدرا لمعرفة تأسيسية لظاهرة الاستشراق في أسبابها وتحولاتها وتجلياتها ووظيفتها ..
أخذ "المثقف" مساحةً كبيرةً من اهتمامات المفكرين الغربيين والعرب على حد سواء منذ ردحٍ من الزمن، فنتجتْ عن ذلك دراساتٌ كثيرةٌ غنيّة بالأفكار والنظريات، لكن ليس من مهمتنا هنا محاولة حصرها، وإنما سنكتفي بالتذكير بأن من أشهر من كتب في هذا المجال المهم: علي شريعتي، وعلي حرب، وإدوارد سعيد، وجورج طرابيشي، وعبد الله العروي، ونعوم اتشومسكي، وريتشارد بوزنر، وبسكال بونيفاس، وجيرار ليكرك. ولعل آخر كتاب صادر في هذا السياق هو كتاب "مسوؤلية المثقف" للدكتور محمد حامد الأحمري.
جاء مفهوم "ما بعد الاستعمار"[2] غربيا في ظل اتجاه يطرح "المابعديات"، سواء "ما بعد الحداثة" أو "ما بعد العلمانية" أو "ما بعد الأيديولوجيا" وهو اتجاه كان يغطي على الانتقادات الموجه للحداثة الغربية، فنظريات "ما بعد الاستعمار" اتصلت اتصالاً نقديّاً بعصر التنوير، ثم تمدَّدت إلى الأحقاب التالية عبر مساراتٍ نقديةٍ للعقل الاستعماري بلغت ذروتها مع اختتام الألفية الميلادية الثانية.
ادوارد سعيد ونقد تناسخ الاستشراق صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، في بيروت وعمان، ومكتبة كل شيء في حيفا، كتاب بعنوان : “ادوارد سعيد ونقد تناسخ الاستشراق : الخطاب، الآخر، الصورة” جديد للدكتور وليد الشرفا. ينتقد الكتاب التناسخ الذي حدث في إعادة إنتاج الشرق اعتمادا على الأطروحات النظرية الكبرى التي أنجزها سعيد في كتابه العالم