لا يكاد يمر يوم حتى يدخل إلى رحاب الإسلام وافدون جدد؛ أنار الله بصيرتهم، وزكّى نفوسهم، وهداهم إلى صراطه المستقيم؛ بعد رحلة عناء في البحث عن الحقيقة، وعن المخرج من الأزمة الروحية والعقلية التي وصلت إليها الحضارة المعاصرة. فما الرسالة التي يوجهها أولئك الوافدون الجدد، إلى المسلمين؟
بصائر وتأملات في تفسير الآية الكريمة (إنك لا تهدي من أحببت) من خلال النظر إلى واقع الدعاة ومناهج الدعوة إلى الله تعالى، وبيان صوارف الناس عن قبول الهداية.
للضلال أسباب كثيرة حسبما تجري به سنة الله في عباده من ترتيب النتائج على مقدماتها واتباع المسببات لأسبابها، وقد تكون هذه الأسباب فكرية، أو نفسية، أو أخلاقية، وقد ترجع إلى التأثر بالوراثة أو البيئة، أو النشأة أو طبيعة الحياة التي يحياها صاحبها أو غير ذلك من الأسباب والعوامل والتي من أهمها: 1ـ عدم استخدام الإنسان
في القرآن حديث طويل عن أسباب السقوط في الشهوات، والارتكاسة في الضلالات، بأنها بفعل الله وتقديره، ما أورث شبهة عبر التاريخ بجبرية الإنسان على طريق الضلال، من هذه الآيات: قوله تعالى : { خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [البقرة: 7]، و قوله تعالى : {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا }
إن الطريق المغلق إلى الحق قد فتحته كلمات الخليل عليه السلام { فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ } صحيح أن هذا الإقرار لم يدم ولم يواصلوا السعي نحو النور وهو ما عبر الله تعالى عنه بقوله { ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ } لكن الكلمات التي خاطبت الفطرة أعادتهم إلى صوابهم مرة ثانية وهذه مهمة حملة مشاعل الهداية.