أطلقت “جمعية البلاغ الثقافية لخدمة الإسلام على الإنترنت” “الهوية البصرية الجديدة” لشبكة “إسلام أون لاين”، هوية تعكس من جهة تطور رحلة الموقع عبر مسيرة طويلة، تجاوزت ربع قرن من الالتزام بنشر الثقافة الإسلامية، ومن جهة أخرى، تفتح أمامه آفاق المستقبل لمواصلة الرحلة بنفس الروح والالتزام مع مزيد من التكيف مع متطلبات العصر.

إطلاق الهوية البصرية الجديدة تم يوم الأحد التاسع من نوفمبر 2025، في “مجمع الشيخ عبد الله الأنصاري للقرآن وعلومه” بالعاصمة الدوحة، ضمن احتفالية ثقافية كبرى، حضرها لفيف من المسؤولين والكتاب والمفكرين والمثقفين وأساتذة الجامعات، كما قامت “جمعية البلاغ” بإطلاق خدمة “اسأل فنار” على موقع “إسلام أون لاين”، هي نموذج للذكاء الاصطناعي، يعد الأول من نوعه، مكرّس خصيصا للثقافة الإسلامية.

وبالتعاون بين “دروب للتربية” و”جمعية البلاغ الثقافية” تضمن الحفل تدشين منصة “دروب للتربية” (بوابة مشروع إحياء نظام تربوي أصيل)، الهادف إلى إبداع منظومة تربوية شاملة قادرة على استعادة وظيفة التربية الأصيلة بوصفها مدخل التمكين الحضاري للأمة.

الأنصاري: الهوية الجديدة انتقال حقيقي إلى العصر الرقمي

بعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، و في كلمته الافتتاحية للحفل أعلن الدكتور إبراهيم بن عبد الله الأنصاري رئيس مجلس إدارة “جمعية البلاغ الثقافية” عن “تدشين الهوية الجديدة لموقع “إسلام أون لاين”، التي تمثل “انتقالا حقيقيا إلى العصر الرقمي الجديد – عصر الذكاء الاصطناعي – بآفاقه اللامحدودة.” كما أعلن عن “إطلاق خدمة “اسأل فنار” على موقع “إسلام أون لاين”، وهي نموذج متطور من الذكاء الاصطناعي، يعد الأول من نوعه المكرّس خصيصا للثقافة الإسلامية باللغة العربية، موجه للباحثين وطلاب العلم.

وهذا المشروع الرائد هو ثمرة تعاون مميز مع معهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة، ويأتي استجابة مباشرة للتحولات الرقمية”.

رجل يرتدي الثوب والشماغ السعودي يتحدث من خلف منصة أثناء فعالية، مع ميكروفون وأضواء خلفية، في بيئة داخلية.
الدكتور إبراهيم الأنصاري رئيس مجلس إدارة “جمعية البلاغ الثقافية”

كما أعلن الانصاري أيضا عن تدشين “منصة دروب للتربية، بوابة مشروع إحياء تربوي أصيل”.

وأكد الدكتور إبراهيم الأنصاري في كلمته أنه “منذ بداية التأسيس في أواخر تسعينيات القرن الماضي، سعت جمعية البلاغ الثقافية عبر مشروعها الرائد “إسلام أون لاين” إلى النهوض بمهمة نبيلة تتمثل في نشر الثقافة الإسلامية بعمق وأصالة، والتعريف برحابة مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وأحكامه السامية وأخلاقياته السمحة، وعملت على بناء الجسور الرقمية بين نخبة الثقافة الإسلامية والعلوم الإنسانية والعقول الطامحة للمعرفة”.

من (اقرأ) إلى (واسجد واقترب)

وأضاف الأنصاري قائلا “لقد استلهمت رحلة إسلام أون لاين من البداية المضيئة (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، وعينتها على الغاية السامية (واسجد واقترب)، وما بين إشراقة (اقرأ) وسكينة (اقترب)، يمتد جسر من التدبر والفهم والقراءة الواعية، تغوص في أعماق معاني القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية الشريفة، مع التطلع المتواصل إلى العلوم والمعارف المتصلة بهما”، مضيفا “إن سبيل الحضارة الحقيقي والتطور المنشود يبدأ من هذه القراءات الواعية التي تزيد من فهم هذا الكون، وثمرتها تعميق الإيمان وزيادة القرب من المولى سبحانه وتعالى”.

وقال الأنصاري أنه “خلال هذه المسيرة، قامت الجمعية على مواكبة التقدم التكنولوجي الذي شهد ثورة رقمية غير مسبوقة في السنوات القليلة الماضية، مما رفع سقف التحديات إلى مستويات جديدة، تستوجب على العاملين في الحقل الثقافي الرقمي الاستجابة لها وإيجاد الحلول الحديثة بهدف تسهيل مهمة القارئ والباحث وطالب العلم في الوصول إلى المعلومة المفيدة والدقيقة، مما يثبت مجدداً الحاجة الماسة إلى امتلاك مواقع إلكترونية متخصصة تعنى بالثقافة العربية والإسلامية”.

مجموعة من الرجال والنساء يجلسون في قاعة احتفالات، يرتدون ملابس تقليدية وعصرية، مع وجود طاولات مزينة بزهور ومشروبات. يظهر الحضور يستمعون إلى حديث أو عرض، مع تفاعل واضح بينهم.
جانب من الحضور الكريم في حفل إطلاق الهوية البصرية الجديدة

واعتبر الأنصاري أن تغيير الهوية البصرية لـ “إسلام أون لاين” جاء بعد أن “فرضت علينا تحديات المشهد الرقمي المتسارع، والآفاق الجديدة التي فتحها الذكاء الاصطناعي مضاعفة هذه الجهود والحرص على تقديم مواد تجمع ما بين الجودة، والأصالة، والعمق العلمي، في عصر غلب عليه التسليع والتسويق على حساب المحتوى والمضمون”.

وفي ختام كلمته، تقدم رئيس مجلس إدارة “جمعية البلاغ الثقافية” بـ “الشكر الجزيل إلى وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة ممثلة بإدارة الجمعيات والمؤسسات الخاصة على رعايتها ودعمها لأعمال الجمعية وقد كان لذلك أكبر الأثر في إنجاح مشاريعها، كما توجه بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إثراء موقع إسلام أون لاين من العلماء وأساتذة الجامعات والمفكرين والمثقفين سواء من قطر أو من مختلف دول العالم”، متمنيا “أن تتضافر هذه الجهود المباركة لمشاريع قادمة تخدم ديننا ووطننا وإنسانيتنا جمعاء”.

إسلام أون لاين” .. أكثر من ربع قرن في خدمة الثقافة الإسلامية

عندما نتحدث عن موقع “إسلام أون لاين” بعد كل هذه السنوات من العطاء الفكري في خدمة الثقافة الإسلامية، قد يتبادر إلى الذهن السؤال أين يقف “إسلام أون لاين” اليوم وسط هذا العالم الرقمي المتحول؟ ولماذا إطلاق هوية بصرية جديدة؟

لذلك كان لابد من العودة قليلا إلى الماضي، لنقتفي آثار البناء الأول وما تلاه من أحداث ومشاريع وجهود. وهو ما تضمنه الفيديو التعريفي الذي تم عرضه على الحضور الكريم، والذي عرف بجمعية البلاغ وهويتها الجديدة.

تأسست “جمعية البلاغ الثقافية لخدمة الإسلام على الانترنت” في دولة قطر قبل 27 سنة، وبالضبط عام 1998، لتحمل رسالة نشر الثقافة الإسلامية والتعريف بمبادئ الدين وأخلاقياته بلغة العصر وأدواته الرقمية. “جمعية البلاغ الثقافية” هذا الصرح الثقافي الذي ظل على مدى أكثر من ربع قرن منارة شامخة في سماء الثقافة الإسلامية، عبر احتضانه شبكة “إسلام أون لاين”، ها هو اليوم ينطلق نحو آفاق جديدة زاخرة بالعطاء والابتكار.

اجتماع يضم مجموعة من الرجال في قاعة مؤتمرات، يجلسون حول طاولات مستديرة مغطاة بأقمشة ذهبية. المشاركون يرتدون أزياء تقليدية، مع وجود زهور وزجاجات مياه على الطاولات.
جانب من الحضور الكريم في حفل إطلاق الهوية البصرية الجديدة

منذ بداية التأسيس سعت جمعية البلاغ الثقافية عبر مشروعها الرائد “إسلام أون لاين” إلى النهوض بمهمة نبيلة تتمثل في نشر الثقافة الإسلامية بعمق وأصالة، والتعريف برحابة مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وأحكامه السامية وأخلاقياته السمحة، وعملت على بناء الجسور الرقمية بين نخبة الثقافة الإسلامية والعلوم الإنسانية والعقول الطامحة للمعرفة.

من قلب هذه الرؤية الحضارية، انطلق موقع “إسلام أون لاين”، ليحتل الريادة في المحتوى العربي والإسلامي عبر الإنترنت، ويكون بذلك أول موقع عربي إسلامي باللغة العربية في العالم، ويتبوأ مكانته كإرث فكري وإعلامي في تاريخ قطر الثقافي.

على مدار أكثر من سبعة وعشرين عاما، قدّم “إسلام أون لاين” تجربة فريدة في الإعلام الرقمي الإسلامي، بفكر مؤسسي ملتزم يجمع بين الأصالة والانفتاح، ويقدم الإسلام للعالم بلغة عصرية وحضارية بعيدة كل البعد عن التحيز والتحزب والتعصب. فكان نصيبه أكثر من مليار ونصف مشاهدة لمواده منذ تأسيسه، جمهور عريض من المتابعين لأكثر من 190 دولة حول العالم، أكثر من 150 جامعة ومؤسسة تعليمية تستشهد بكتاباته ومضمون بحوثه ودراساته، ومع التطور الحاصل على مشتوى الإعلام والاتصال، تمكن محتوى “إسلام أون لاين” من حصد أكثر من 500 مليون مشاهدة عبر شبكات التواصل.

جمعية البلاغ الثقافية .. على سنة “بلغوا عني ولو آية”

في رحلة الثقافة والفكر العربي الإسلامي، أصدرت “جمعية البلاغ الثقافية” أكثر من 50 كتابا مطبوعا، وأطلقت مكتبة إلكترونية مفتوحة للجميع، إلى جانب قيامها بعدة مبادرات ومشاريع نوعية لفائدة المجتمع العربي عموما، والمجتمع القطري على وجه الخصوص مثل: “من أجل أسرتي” و”معا نربي أبناءنا” و “قضايا شبابية”.

كما تشارك الجمعية بصفة منتظمة ومتواصلة في المعارض كمعرض الدوحة للكتاب فضلا عن تنظيمها ومشاركتها في الندوات الفكرية والثقافية والمؤتمرات، حيث تسجل حضورها في قلب النشاط الثقافي والفكري العربي والإسلامي.

رجال يجلسون في قاعة احتفالية، يرتدون ملابس تقليدية. أمامهم طاولات مزينة بأطباق البسكويت والمشروبات الغازية. الأجواء تعكس تجمعًا اجتماعيًا أو حدثًا رسميًا في منطقة الشرق الأوسط.
جانب من الحضور الكريم في حفل إطلاق الهوية البصرية الجديدة

بالمقابل، يضم موقع “إسلام أون لاين” أقساما متنوعة باللغتين العربية والإنجليزية، من الشريعة والدراسات الإسلامية، والمقالات الفكرية، والهدي النبوي، والتعريف بالإسلام.. إلى قضايا الشباب والأسرة والتعليم والمجتمع، ليكون جسرا حضاريا يربط العالم الإسلامي بسائر الثقافات. كما يضم الموقع بين ثناياه موقعا آخر للقرآن الكريم، مخصص للتلاوة والتفسير والقراءات وتعليم التجويد. بالإضافة إلى إنتاج محتويات صوتية ومرئية تجاوزت مشاهداتها 500 مليون مشاهدة.

بوهندي: تغيير الهوية البصرية قرار استراتيجي وليس تجميليا

قال عضو “جمعية البلاغ الثقافية” وأمين الصندوق الأستاذ ناصر ابراهيم بوهندي في تصريح لـ “إسلام أونلاين” أن تغيير الهوية البصرية للموقع لأول مرة بعد 27 سنة من التأسيس هو قرار استراتيجي وليس تجميليا. وأن هذه الخطوة تنبع من مجموعة أسباب مترابطة تتعلق بالتطور التكنولوجي وتغيّر جمهور المستخدمين ومجال التنافسية والرؤية المؤسسية.

وأضاف بوهندي أن “تغيير الهوية البصرية ليس نكرانا للماضي، بل استثمار في المستقبل. هو بمثابة إعلان ضمني لإسلام أونلاين يقول: نحن ما زلنا هنا، بل وأقوى، ومستعدون للمرحلة القادمة.”

حدث تجاري يجمع مجموعة من الأشخاص في قاعة احتفالات. يوجد طاولات مزينة بموائد صغيرة تحتوي على مشروبات ووجبات خفيفة. الحضور يرتدي ملابس تقليدية وعصرية، مع التركيز على النقاشات والفعاليات.
جانب من الحضور الكريم في حفل إطلاق الهوية البصرية الجديدة

ويستشهد المسؤولون في “إسلام أونلاين” في مسألة تغيير الهوية البصرية بالعديد من التجارب الخاصة بعلامات عالمية كبرى، على غرار Google الذي غير شعاره 5 مرات منذ 1998. وApple من شعار قوس قزح إلى الألوان الأحادية، وBBC التي أعادت تصميم هويتها في 2021 بعد 60 عاما. فالهوية البصرية، مثل الإنسان، يجب أن تنمو وتتعلّم وتتكيّف، وإلا تصبح جزءًا من الأرشيف، لا من الحاضر.

وقال بوهندي أن موقع إسلام أون لاين يبقى شاهدا على تجربة إعلامية فريدة امتدت لما يقارب 27 سنة من العطاء والفكر والتنوير تحمل رسالة واضحة تمثل جسرا بين الأصال الإسلامية وروح العصر.مضيف أن الموقع “لم يكن أبدا مجرد وسيلة أعلامية بل مشروعا تربويا وفكريا متكاملا”. 

لماذا هوية بصرية جديدة؟

من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت “إسلام أون لاين” إلى تجديد هويته البصرية نذكر مايلي:

1. مواكبة العصر الرقمي الحديث

– تغير سلوك المستخدم: جمهور اليوم يستخدم الهواتف الذكية بشكل أساسي (أكثر من 70% من الزيارات) ويفضل التصميمات البسيطة والحديثة، وهو ما لم تكن الهوية القديمة تعكسه. 

– التوافق مع التقنيات الجديدة: ضرورة التكيف مع الشاشات عالية الدقة (4K)، ودعم الوضع الداكن (Dark Mode)، واستخدام تقنيات الخطوط والرسوميات الحديثة (SVG) لتحسين الأداء والجودة البصرية. 

– تعدد المنصات: الحاجة إلى هوية مرنة ومتناسقة تعمل بفعالية عبر جميع القنوات الرقمية الجديدة مثل إنستغرام، تيك توك، ويوتيوب، وليس فقط الموقع الإلكتروني.

2. تعزيز المصداقية واستقطاب جماهير جديدة

– بناء الثقة الفورية: المظهر القديم قد يوحي بأن المحتوى غير محدّث، مما يضعف ثقة المستخدمين الجدد. الهوية العصرية تعطي انطباعاً بالحيوية والموثوقية. 

– جذب جيل الشباب (Gen Z): استهداف الجيل الجديد الذي ينجذب بصرياً إلى البساطة والوضوح، مما يضمن استمرارية رسالة الموقع وتأثيرها المستقبلي. 

– إبراز الحداثة: في بيئة رقمية مزدحمة، الهوية المتجددة تساعد على لفت الانتباه وإظهار أن المؤسسة نشطة وتستثمر في تطوير نفسها.

3. عكس التطور الاستراتيجي للمنصة

– توسيع نطاق الخدمات: الهوية القديمة لم تعد تعكس التطور الذي شهده الموقع، من مجرد منصة مقالات إلى منظومة معرفية متكاملة تقدم أدوات تفاعلية متقدمة مثل “اسأل فنار” المعتمد على الذكاء الاصطناعي. 

– تحسين تجربة المستخدم (UX/UI): استخدام ألوان وخطوط واضحة ومتناسقة يساهم في تحسين تجربة التصفح، مما يزيد من مدة بقاء الزائر ويشجعه على العودة. 

– رسالة التجدد: إطلاق هوية جديدة هو إعلان بأن “إسلام أون لاين” منصة حية، متطورة، ومواكبة لمتطلبات العصر.

على العموم فإن عملية التجديد لم تكن مجرد تغيير جمالي، بل هي خطوة استراتيجية ضرورية لضمان بقاء “إسلام أون لاين” منصة رائدة ومؤثرة في العصر الرقمي الحالي، قادرة على التواصل بفعالية مع جمهورها المتنوع والمتجدد.

فلسفة التصميم وروح الشعار

شعار ملون يتكون من شكل هندسي يتضمن ألوانًا مثل الأحمر والأزرق والأخضر والأصفر، مع تصميم يرمز للتواصل والتعاون.

وعلى هذا الأساس، اختار إسلام أون لاين أن يواصل مسيرته بهوية بصرية جديدة، تعكس تطور رحلته وتفتح آفاق المستقبل. بشعاره الجديد الذي يحمل فلسفة تجسد رؤية الموقع ورسالة الإسلام العالمية، وتستند إلى عدة مفاهيم أساسية تعبر عن الإسلام دينا وحضارة وثقافة، حيث تعكس عمقا ثقافيا يعبر عن التراث الإسلامي وفي الوقت ذاته يستجيب لاحتياجات العصر الحديث.

  • النجمة الإسلامية المتداخلة كرمز للوحدة والتناغم بين الثقافات الإسلامية.
  • الدائرة المركزية التي تمثل الكرة الأرضية وترمز إلى الطموح العالمي للموقع.
  • التصميم المتناظر الذي يعكس التوازن والاستقرار والعدالة.
  • والالوان تجسد الحكمة والثقة والقوة والسلام، وتؤكد الرسالة العالمية للموقع، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية.

“اسأل فنار”.. صونًا للثقافة الإسلامية

ومن منطلق هذا التطور والتجديد واستجابة للتحولات الرقمية، أعلن إسلام أونلاين أيضا خلال هذا اللقاء الثقافي الهام، عن إطلاق خدمة جديدة باسم “اسأل فنار” على الموقع، وهي نموذج متطور من الذكاء الاصطناعي، مكرس خصيصا للثقافة الإسلامية.

هذا المشروع الرائد كان ثمرة شراكة وتعاون مميز مع “معهد قطر لبحوث الحوسبة” بجامعة حمد بن خليفة، من أجل تمكين البحث العربي الذكي وإضفاء تجربة تعلم جديدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، موجهة بصورة خاصة إلى مجال الثقافة الإسلامية بشتى تفرعاتها، بهدف تزويد الباحثين بالثقافة الإسلامية الحقيقية

وعلى خلفية التعاون بين “إسلام أون لاين” و”معهد قطر لبحوث الحوسبة” تتضمن خدمة “اسأل فنار” جملة من الخدمات المتاحة على هذه التقنية منها:

  • إضافة محتوى إسلام أون لاين لنموذج فنار
  • إضافة البحث في المواقع الإسلامية
  • تحويل المواد النصية إلى صوتية
  • تقنية تحدث مع كتابك
  • تلخيص المقالات والدراسات والبحوث والتقارير
  • ترجمة المواد إلى لغات متعددة

وهكذا تقدم خدمة “اسأل فنار” نفسها للباحثين من كل فئات المجتمع بهدف الحفاظ على الثقافة الإسلامية من الضياع، وصيانة المحتوى الإسلامي وتجنيبه محاولات التشويه والتزييف التي يتعرض لها من حين لآخر، خاصة في ظل تكاثر برامج الذكاء الاصطناعي التي لا تعير اهتماما للثقافة الإسلامية الصحيحة، مما قد يودي بالباحثين إلى ارتكاب “جرائم” في حق دينهم ومجتمعهم.

“منصة دروب للتربية” .. بوابة مشروع إحياء نظام تربوي أصيل

.. نحو إحياء التربية الأصيلة للتمكين والريادة

بالموازاة مع إطلاق شبكة “إسلام أونلاين” لهويتها البصرية الجديدة وخدمة “اسأل فنار” للذكاء الاصطناعي، كان الحفل فرصة لتدشين “منصة دروب للتربية”، بوابة مشروع إحياء نظام تربوي أصيل، التي يشرف عليها الدكتور محمد المصلح، المدير المؤسس للمشروع.

وهكذا إيذانا بالانتقال من طور التشكّل المخبري إلى مرحلة جديدة، تم تدشين منصة “دروب للتربية” ليُفتح الباب للتعاون مع الكفاءات البحثية القادرة على الإثراء، وللمهتمين بالاستفادة من وثائق المشروع وبحوثه، مع الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية.

كما يؤذن تدشين المنصة للمستثمرين الرساليين بالإسهام في مسعى الاستئناف الحضاري بدعم مشروع مدرسة التربية الأصيلة الإحيائية، عبر الوقف التربوي، للحفاظ على استدامة المشروع واستقلاليته، كما كان حال مؤسساتنا التربوية الكبرى، كالأزهر والزيتونة والقرويين، التي كانت تقوم على الوقف التربوي، في أزمنة الشهود الحضاري لأمتنا.

شعار دروب للتربية، يتكون من أشكال هندسية ملونة باللون الأخضر والبرتقالي والأصفر والبني، مع كتابة اسم البرنامج بأسلوب فني.

والهدف من هذا المشروع إبداع نظام قابل للحياة والتطبيق والنمو، يقدِّم نوعية سامية من التربية الشاملة، التي تنطلق من إحياء الخصائص والسمات الفذة لتلك الممارسات والخبرات التربوية الأصيلة والعريقة التي نجحت بامتياز عبر عصور الشهود الحضاري للأمة الإسلامية في تكوين فطاحلة في شتى حقول العلم والمعرفة ممن أثروا الفكر الإنساني إثراء مبهرا، وتركوا بصمات واضحة في الحضارة الإنسانية امتد أثرها إلى اليوم.

ومنصة “دروب للتربية” ليست مجرد منصة رقمية بل بوابة إحياء التربية الأصيلة للتمكين والريادة.

المصلح: نحو تحويل التربية إلى اقتدار حضاري

وفي كلمة للمدير المؤسس لمشروع إحياء نظام تربوي أصيل والمشرف العام على منصة “دروب للتربية” أعلن د. محمد أبوبكر المصلح عن التدشين الرسمي لمنصة “دروب للتربية الأصيلة”. وقال المصلح في كلمته بهذه المناسبة أن المشروع ليس مجرد مبادرة تربوية عابرة، بل طموح حضاري يسعى إلى إحياء خصائص النظم التربوية الأصيلة التي شكلت ركيزة لنهضة الأمة عبر تاريخها.

وقال في هذا الصدد إن المشروع “ليس مجرد رقم يضاف في قائمة أرقام المشاريع التربوية”، بل “أبى إلا أن يحدد لنفسه طبيعة وموقعا ومقومات تميزه في المجال التربوي التعليمي”.

وأوضح أن الهدف من المشروع هو “تحويل التربية إلى اقتدار حضاري، مستحضرا – أول ما يستحضر – تاريخ الشهود الحضاري لأمتنا”، مؤكدا أن “الأمم لا تنهض إلا بتربية معبرة عن ذاتها، ومتمثلة لخصوصياتها، ومستثمرة لإمكاناتها الذاتية”.

رجل يرتدي الزي التقليدي العربي يتحدث أمام شاشة عرض في فعالية لجمعية البلاغ الثقافية، مع شعار الجمعية ونصوص عربية على الشاشة. خلفية الحدث تتضمن تصميمات فنية وثقافية تعكس التراث العربي.
د. محمد أبوبكر المصلح مدير “دروب للتربية” يعلن تدشين المشروع

وشدد على أن “التربية ليست لبوسا جاهزا يستجلب من الخارج ليلقى على المجتمع، بل إنها غراس لا بد أن ينبت من طينة الأمة، وينمو في بيئتها الثقافية”.

كما أشار إلى أن المشروع مع حرصه على التعاون مع ثلة متنوعة من الخبراء والباحثين الذين لم يجتمعوا قط في غير هذا المشروع إلا أنه لا يتبنى بالضرورة جميع آرائهم ومواقفهم، وإنما “يستثمر ما قدموه من إسهامات لصالح المشروع بالقدر الذي يتسق مع خصوصيته وركائزه ونهجه”.

وقال المصلح إن المقاربات الفكرية للمشروع “لها خصوصيتها وفرادتها، تعالج التصدعات، في ذاتنا الثقافية، بالتربيةِ الأصيلةِ الإحيائية، التي تجمعُ بين التجذرِالحضاري والتجددِ العصري”، وترتكز على “قاعدة الذات المتأصلة” و”قاعدة الذات المتواصلة”. وأكد أن المشروع يركز على تربية معبرة عن خصوصية الأمة، لا مستوردة ولا هجينة، وإحيائية، لا جامدة، متجاوزا النماذج الحالية التي تعاني من التبعية أو الجمود.

وفي ختام كلمته، قال الدكتور محمد أبوبكر المصلح إن “تدشين هذه المنصة إعلان عن انتقال المشروع إلى طور جديد”، مؤكدا أن “المنصة لا تعرض كل مواد الأرشيف الضخم والثمين للمشروع، وإنما تعرض منها ما تيسر عرضه في هذه المرحلة”.

معالجة المعضلة التربوية المعقدة في إطار مؤسسي

وتضمن الحفل عرض مقطع مرئي تعريفي بمنصة “دروب للتربية” ومشروعها الإحيائي، جاء فيه أن أمتنا “شهدت دورات مشرقة من الشهود الحضاري، كانت مدارسها وجامعاتها منارات علم وتربية، لأهل المشرق والمغرب، وأسهمت بخصائصها في ازدهار الحركة التربوية، وخرّجت أفواجًا من المربين الموقَّرين، والقادة المُهابين، والعلماء النابغين في شتى الميادين”.

كما عرض المقطع المرئي لمحة عن الوضع التربوي والثقافي الذي آلت إليه الأمة، نتيجة انفصام بين ثوابت هويتها ومتطلبات تجددها التي يفرضها عالم متحول، حالة تجسدها أنظمة التعليم بنماذج مستوردة هجينة لا تتوافق مع سياقنا الثقافي والاجتماعي والقيمي، فغابت عنها روح الأصالة والتوازن، وتراجع أثر التعليم في بناء الإنسان.

وجاء في المقطع التعريفي أنه بناء على هذا التشخيص انطلق مشروع “إحياء نظام تربوي أصيل” من قطر، دولة المبادرات والمشاريع النوعية، ليعالج المعضلة التربوية المعقدة في إطار مؤسسي يقوم على البحث العلمي الوظيفي، ويستثمر الخبرات التربوية لإبداع نظام تربوي قادر على استعادة فاعلية المؤسسة التربوية الأصيلة. وأنه باستثمار الأبحاث المقدّمة لصالح المشروع، وتسديدها، وصهرها، والبناء عليها في مخابر بحثية نقدية، وورش عمل مركّزة، ولقاءات تفاكرية إثرائية مكثّفة؛ تمكنت إدارة المشروع بالتعاون مع الخبراء من تحديد مقومات مدرسة التربية الأصيلة الإحيائية المنشودة، بمقاربات نوعية متكاملة، تتجاوز مشاريع الإصلاحات الجزئية، القاصرة عن معالجة التركيب المعقد للمعضلة التربوية الراهنة.

تجمع حاشد لرجال الأعمال في قاعة فاخرة، حيث يجلس الحضور حول طاولات دائرية مغطاة بمفارش ذهبية. يتحدث بعض المشاركين بينما يركز الآخرون على المتحدث. تظهر الكاميرات والمعدات الإعلامية في الخلفية، مما يشير إلى تغطية الحدث.
جانب من الحضور الكريم في حفل إطلاق الهوية البصرية الجديدة

وتكمن أهمية هذا المشروع التربوي من كونه محاولة مؤسسية جديدة ورصينة لتحقيق التالي:

•      تعامل فعّال مع التحدي الثقافي الخطير الذي تواجهه الأجيال

•      معالجة جذرية للعديد من الإشكاليات الثقافية الناجمة عن عدم وجود مثل هذا النظام التربوي المنشود، كالضعف غير المسبوق في التكوين العلمي الرصين لدى الأجيال الحديثة

•      مواجهة نوعية لخطر تلاشي الهوية الأصيلة لدى الأجيال..

•      تعامل استراتيجي مع المشكلات الخطيرة المصاحبة لتغيرات وتحولات العصر من عولمة وغيرها..

•      استجابة نوعية للصيحات والصرخات المتكررة في الأدبيات ذات الصلة من أجل تقديم تعليم مميز وراق..

•      تلبية شافية لأمنية الكثير من أولياء الأمور وقطاعات مجتمعية أخرى ممن يرغبون في تربية أبنائهم على قيمنا الحضارية وشيم أجدادنا النشامى النبيلة.

ويسعى المشروع إلى:

1.     تطوير نظرية لنظام تربوي متكامل قوامه الخصائص الفذة المميِّزة للخبرات التربوية الأصيلة التي نجحت بامتياز في تحقيق نتائج مبهرة عبر العصور، والسمات الفكرية والثقافية والعمرانية للأمة التي أطرت وأثمرت تلك النتائج..

2.     بناء نموذج عملي يعكس تلك النظرية.

3.     تطبيق النموذج على أرض الواقع.

أما الغايات والأهداف الكبرى للمشروع فهي:

•      إيجاد طريق تربوي فعّال ومميِّز لنا.

•      الانعتاق من التبعية للشرق أو الغرب في الفكر والسلوك والممارسة.

•      بناء ثقافة أصيلة وفعّالة.

•      اتخاذ ينابيعنا الأصيلة متكأ للتفاعل مع التجارب الدولية في هذا المجال.

•      تقديم تربية شاملة تعنى بمختلف جوانب الشخصية الإنسانية العقدية والإيمانية والخلقية والمهنية والتقنية والإبداعية.

•      إحياء روح تقديس العلم وإجلال العلماء.

•      إحياء روح التفكير والاجتهاد والإبداع الحضاري.

مجموعة من الرجال يرتدون الزي التقليدي العربي يجلسون حول طاولات في قاعة احتفالات. يوجد مصور يلتقط صورًا في الخلفية. الطاولات مزينة بمشروبات ووجبات خفيفة.

رموز الفكر المعاصر في العالم العربي يتحدثون عن “دروب”

وأشار الدكتور محمد المصلح إن فكرة مشروع “دروب للتربية” ووثائقه التأسيسية ومنهجيته المدروسة ونهج إدارته حظيت بالإشادة والتقدير من قبل نخبة من الرموز الفكرية في العالم العربي الذين رأوا فيه مشروعا ملهما.

وفي هذا الشأن عبر نخبة من أبرز هؤلاء المفكرين عن إشادتهم ودعمهم لهذا المشروع نذكر منهم:

النيفر: المشروع تحقيق لمستلزمات الفاعلية الحضارية

الدكتور احميده النيفر (خبير تربوي ومفكر وأكاديمي تونسي) قال عن المشروع “كيف يتأتّى لمن ينظر في الوثائق الأولى لمشروع إحياء نظام تربوي أصيل ألا يتوقف مهتما ومعجبا ومستزيدا في التمكن من مسوغات المشروع وخصائصه ومقاصده؟

وأضاف النيفر “أبرز علامة على تميز رهان مشروع “إحياء نظام تربوي أصيل” هو هذا الربط الموضوعي والعملي بين تنزيل السمات المميزة والخصائص الجوهرية الكامنة في النظام التربوي الموروث في منظومة تعليمية مجدَّدَة ومعاصرة وبين تحقيق مستلزمات الفاعلية الحضارية المبدعة للفرد والأمة في أفق إنساني”.

طه عبد الرحمن: إنهاض للأمة واستئناف لعطائها

من جهته قال الفيلسوف والمفكر المغربي طه عبد الرحمن عن مشروع “إحياء نظام تربوي أصيل” بأنه “إنهاض للأمة، واستئناف لعطائها” وأضاف “ولا يسعني إلا أن أهنئكم على عميق وعيكم بضرورة هذا الاستئناف الحضاري؛ ولقد تبينت، من خلال قراءتي الأولى لهذه الوثائق، أنكم قد اقتحمتم عقبات وطويتم محطات؛ وأُعجبت بالدقة العلمية والسعة المعرفية والخبرة التقنية، وكذا بالروح العملية والنظرة الواقعية والبصيرة الكاشفة التي تضمنتها هذه الوثائق، دالة على تحول جذري في التعامل مع المعضلة الإسلامية”.

الديب: غيرة على تراث الأمة

وقال الدكتور عبد العظيم الديب، وهو عالم مصري شرعي وتربوي ومحقق لتراث الإمام الجويني، بأن المشروع “تعبير عن غيرة على تراث الأمة ومستقبلها وإدراك لخطر ما يجري.. ظني أن الورقة لا تهدف إلى صياغة نظريات، وإنما بناء نموذج عملي في شكل مدارس يحتذي الآخرون نموذجها”.

خليل: وضع اليد على جرحنا الحضاري النازف

وقال عنه أ.د. عماد الدين خليل وهو أستاذ ومفكر عراقي من أبرز المؤرخين المعاصرين “اطلعت على محتويات الوثيقة وأهداف المشروع، فازددت اقتناعا بكونهما من الضرورات الملحة لجعل (الممارسة التربوية) وسيلة أكثر فاعلية ليس فقط لتخريج العلماء الأكفاء، والنابغين المبدعين، أسوة بما شهدته عصور تألقنا الحضاري، وإنما كذلك لوضع اليد على جرحنا الحضاري الذي نزف كثيرا فأفقد الأمة ونخبها المتقدمة القدرة على الفاعلية بما يجعلها حاضرة في قلب العصر “.

النحوي: الأساتذة طلبة في مدرسة المشروع

وقال عنه الشيخ الخليل النحوي الكاتب والأديب والمؤرخ الموريتاني إن “من سمات هذا المشروع: ثقافته التنظيمية أنه أعادنا جميعا إلى مقاعد الدراسة وحسنا فعل، أساتذة أجلاء تعودوا أن يقفوا موقف الأستاذ المربي المرشد المعلم، آمادا طويلة يتحولون فجأة إلى طلبة في مدرسة المشروع يناقشون يراجعون ولا يضيقون بذلك ذرعا، هذه سمة مميزة من سمات هذا المشروع كلنا تحولنا فيه إلى طلبة، وأعتقد أنه يعدنا من خلال ذلك بسمة من سمات النظام التربوي المنشود، لأنه نظام سيقوم على مبدأ التعلم أبدا: التعلم من المهد إلى اللحد”.

النجار: تشخيص للمشكلة التعليمية

فيما قال الدكتور عبد المجيد النجار وهو أستاذ تونسي من أبرز المختصين في أصول الدين “نظرت في المشروع بروية، وفيما يتعلق بالفكرة التي تضمنتها الوثيقة فإنني أثني على كل ما ورد فيها من حيث تشخيص المشكلة، ومن حيث تحديد الأهداف، إذ تعاني التربية في عالمنا الإسلامي من أمراض مزمنة لعلها كانت أحد الأسباب الكبرى في استمرار حال التخلف، وهو ما يقتضي المبادرة بمشروع تربوي إسلامي فاعل، وأحسب أن الورقة التي أعددتموها تضمنت هذا المشروع كما تدعو إليه الحاجة”.

آل سعد: منطلق إستراتيجي واستثمار في الإنسان

وقال عنه رجل الأعمال القطري غانم آل سعد “عندما عرض علينا – باعتباره استثمارا في الإنسان، وهو منطلق وإستراتيجية اهتمامنا، وأعني الاستثمار بشكله العام ـــــ حرصنا على دعمه، وتبنيه؛ ذلك أن العالم العربي والإسلامي يتعرضان لهجمة شرسة غير مسبوقة، تستهدف تغيير نهج حياته، ونهج عمله. فأنت ترى آثار هذه الهجمة في كل ركن، وكل جزء من مختلف جوانب هذه الحياة عملية ومهنية ومؤسسية”. وأضاف “وكما يعلم الجميع عمر الإنسان الافتراضي هو سبعون سنة، ولم يبق من عمرنا الكثير، ونرجو أن نرى هذا المشروع أمام أعيننا، ونقطف ثماره، ونسعد بها”.