هناك العديد من المراهقين الذين يتمتعون بطاقة جسمية وعقلية مذهلة، وهذا أمر طبيعي في هذه المرحلة من الحياة. فتجد الولد الذي لم يبلغ من العمر 15 عاما، يتمتع بطلاقة لسان، وسرعة بديهة، وسرعة حفظ، وقوة شخصية، وتفوق دراسي، ونشاط زائدة، وحلول للمشاكل، وتفكير جلد في المستقبل،ومع ذلك يعاني من مشاكل كثيرة، تظهر من حين لآخر. فما هي الطرق التي تسمح باستثمار طاقة المراهق لعلاج مشاكله؟.

وسط كل هذه النشطات المفرطة والقوة فإن مشاكل المراهق متعددة ولا تنتهي، فتجده مثلا:

  1. عادة ما يترك الصلاة وينزل إلى المسجد، ثم يجلس مع أصحابه، ثم يدخل في الركعة الأخيرة.
  2. عدم اهتمامه إطلاقا لمسألة حفظ القرآن وكأن الأمر لا يعنيه.
  3. يبالغ في الكذب بصورة واثقة ومتكررة.
  4. أولوياته في الحياة اللعب وفقط.
  5. ميل كبير نحنو تضييع الوقت (إدمان تلفاز- عدم صلاة)

جرعة علاج

فكيف يمكن معالجة مثل هذه السلوكات والتصرفات المتداخلة والنقيضة التي عادة ما يتصف بها بعض المراهقين؟

أولا يجب أن نعترف أن ما يصدر عن المراهق من سلوكيات تتمثل في التمرد على الصلاة وعلى حفظ القرآن، وعدم المبالاة بغضب أو ضيق الوالدين، والمبالغة في مشاهدة التلفاز، والكذب لتفادي العقاب أو التخلص من مواقف تجلب عليه التحقيق أو التصادم مع الوالدين، كل هذه الأمور وكثير غيرها من أهم سمات مرحلة المراهقة.

قد يتساءل البعض: غريب!! كيف لم يمر ابني بمثل هذه التصرفات؟ بل كيف لم أمر بها أنا شخصيا؟

الإجابة تتضح في أمرين: أولهما أنه ربما قد يمر أي شخص بهذه السمات ولكن بدرجة أقل، والأمر الثاني يتمثل في طبيعة شخصية هذا المراهق، فهو يتمتع بشخصية متميزة وعلى قدر عالٍ من القوة والاستقلالية، ومع ذلك يتصرف بمثل هذه التصرفات.

ما يحتاجه المراهق في هذه المرحلة

إن ما يحتاجه المراهق في هذه المرحلة هو:

  1. سلطة ضابطة، وهي متمثلة في الوالد بالدرجة الأولى، والأم بالدرجة الثانية، لأن المراهق في هذه المرحلة يحتاج إلى حزم وحب شديدين في آن واحد، واستيعاب لمشاعره وأفكاره وتقلباته.
  2. أن يستمر كل من الوالدين في أسلوبهما الرائع في طريقة توجيهه، فالأم تنصح بالمحبة -كما ذكرت- على ألا تكون جرعات النصائح كثيرة، أو متكررة بشكل يجلب له الملل، أو يجرئه على التطاول فيما بعد، وكذلك يستمر الأب في النصح مع الحزم.
  3. يحتاج المراهق إلى أن تُستثمر طاقاته بشكل عام، وهذا لدى كثير من المراهقين الذين يتميزون بنشاط زائد، لذا يمكن أن يساعد الوالد في بعض المهام. وهذه الطريقة فعَّالة، فإذا كان الوالد مهندسا مثلا، فليأخذ ابنه إلى موقع عمله، ويجعله يقوم بمهام متعددة كنسخ الرسومات، وتسجيل أسماء العاملين في المشروع، والعمل مع البنائين…، وهذا قد يجعله يتصرف وكأنه مهندس بالفعل.
  4. أما عن المراوغة في أداء الصلاة فأحسن تصرف هو أن يأخذه الاب ابنه معه إلى المسجد، وأما إذا لم يتمكن في بعض الأوقات من مصاحبته إلى المسجد فلا داعي إطلاقا لسؤاله مرارا وتكرارا عما إذا صلى أو لا، لأن هذا السؤال يدعوه للكذب، لكن يمكن تذكيره بعدم إلحاح بأنه قد حان وقت صلاة كذا، أو يذكر أمامه أي من أفراد العائلة بأنه ذاهب للصلاة.
  5. وأما عن أمر حفظ القرآن فيمكن أن يستعين الوالد بهذا الاقتراح:
  • أن يخبره بأنه سيقوم بتسميعه الجزء الذي حفظه بعد عودته من مدرسة القرآن أو المسجد الذي يحفظ فيه، في يوم يتفقان عليه في الأسبوع، وأما باقي الأيام فيمكن أن يقوم أحد أفراد العائلة بتشغيل التسجيل على السورة أو الجزء الذي يراجعه وكأنه دعوة لسماع هذا الجزء، دون إجباره أو حتى إخباره بأن يركز فيه.
  • إذا تملص المراهق من الوالد فلا داعي لإجباره، بل يحاول أن يشجعه ويحفزه، وكلما أنجز حفظ جزء مثلا أو مراجعته يهديه هدية يرغب فيها دون وعد مسبق بذلك، وأما إذا توقف تماما عن الحفظ ولم يَعُد يهتم بالهدايا أو المكافآت فيمكن الاستمرار في تشغيل شرائط القرآن بالأجزاء المطلوب حفظها أو مراجعتها.
  • يمكن أيضا إلحاقه بأحد مراكز تحفيظ القرآن التي بها أنشطة متعددة -خاصة النشاط الرياضي- حتى لا يمل من الحفظ فقط، وحتى تستوعب هذه الأنشطة جزءا من نشاطه الزائد، وهذه المراكز متعددة وكثيرة .
  • على الأب والأم التخلي عن الشدة والأوامر الكثيرة له، وخاصة في وقت لعبه، فهذه المرحلة لا تحتاج لمثل هذا النوع من التعامل، إلى جانب أن هذا الأسلوب سيجعله يتجرأ ويتطاول.

6- موضوع التلفاز والادمان عليه خاصة وقت الإجازة، يعتبر أمرا طبيعيا إلى حد ما، بحكم تغير الإحساس بالوقت، وتغير البيئة إذا كانت الإجازة في مكان آخر غير مكان الإقامة.وعموما يمكن استثمار هذا الأمر بهذا الاقتراح:

  1. أن يشغله الوالد بكثير من “المشاوير” وقضاء المصالح معه أو بدلا منه إن أمكن، أو حتى يفتعل بعضها إذا لم تكن موجودة.
  2. ترتيب برنامج للرحلات في كثير من الأماكن السياحية والأثرية، بحيث ينشغل عن التلفاز أكبر وقت ممكن.