يعد تفوق الأبناء الدراسي هو الهدف الأساسي الذي يشغل بال الآباء باستمرار، ولذلك يلجأ الكثيرون إلى اتباع سياسة الضغط على الأبناء إذا تهاونوا في آداء واجباتهم المدرسية أو الانتهاء من مذاكرة دروسهم كما ينبغي خاصة في فترة الامتحانات، ورغم أن الدراسات التربوية والنفسية تؤكد على أن اتباع طرق الضغط على الأبناء لتأدية عمل ما قد لا يأتي برد فعل إيجابي في معظم الحالات لأسباب متعددة؛ إلا أننا نجد أنفسنا نمارس عليهم دون وعي الضغط باستمرار للوصول بهم إلى أعلى مستوى من الإنجاز والتفوق الذي نحلم لهم به.. فكيف نأتي من هذا الضغط بمردود إيجابي ونتجنب آثاره السلبية؟

قيمة العلم

يجب أن نغرس في أبنائنا أهمية العلم كقيمة كما توضح نيفين عبد الله  – الاستشاري التربوي – مع مراعاة التوازن بين ممارسة الضغط على الأبناء للمذاكرة وآداء التكاليف وعدم الإلحاح خوفاً من تأثيره السلبي عليهم كأن يكرهوا المذاكرة وينفروا من التعلم، فكلا الأسلوبين خطأ من الناحية التربوية، ولكن علينا أن ندرك دورنا وواجبنا تجاه قدرات أبنائنا ونعمل على تدعيمها بقدر المستطاع حتى يصلوا الى التفوق المنشود.

وتبين المستشارة أن تحديد الأولويات غاية في الأهمية لتحقيق، وتعد شهور المذاكرة في حياة الأبناء من الأولويات، فلا يمكن التراخي والتكاسل فيها بحجة أننا لا نريد الضغط عليهم فالمذاكرة هي أولويتهم في مرحلة الدراسة من عمرهم ولا يمكن إهمالها، ومن المهم أن نبين لهم أن جزء كبير من إنفاق الأسرة يذهب للتعليم لما له من أهمية في تكوين شخصياتهم وبناء مستقبلهم مما يصب في مصلحة بلادهم.

النموذج الياباني

وتشير نيفين إلى أهمية اتباع أسلوب الضغط الإيجابي على الأبناء منذ الصغر للمثابرة على العمل الجاد الذي يعد قيمة كبيرة في حد ذاته، وإذا كان معظم الآباء يتبعون هذا الأسلوب مع أبنائهم إلا أنهم يفتقدون المهارات التربوية اللازمة لإنجاحه؛ فمن المهم أن نضغط على أبنائنا منذ وقت مبكر ولكن الأهم هو كيف نمارس هذا الضغط بشكل تربوي ونفسي سليم ليأتي بالفائدة.

وتفسر سر نجاح وتقدم النموذج الياباني باتباع ثقافة الضغط الإيجابي على الأطفال منذ الصغر وتهيئتهم للعمل الجاد والتفكير والابداع والابتكار في سنوات عمرهم الأولى من خلال فترة التعليم قبل الأكاديمي أو الحضانة، عكس النموذج الأمريكي الذي يعتني باللعب والمرح والتخفيف من تكليف الطفل خلال نفس المرحلة مبرراً ذلك بعدم الضغط عليه.

موضحة أننا نتعامل مع أولادنا في البيت والمدرسة ونحن أقرب ما نكون إلى النموذج الياباني حيث يتم تكليف الأطفال في الحضانة بواجبات وأعمال كثيرة، ولكننا للأسف نمارس ثقافة الضغط هذه بأسلوب غير علمي لذلك لا نحرز الهدف المقصود.

اقرأ أيضا :

معا نربي أبناءنا

ضبط الممارسة

وتؤكد المستشارة على أهمية ضبط هذه الممارسة عن طريق تحديد اتجاهات وأسلوب معاملة الأبناء ليس فقط أثناء فترة الامتحانات ولكن خلال مراحلهم العمرية المختلفة وذلك بالإجابة على أسئلة: “ماذا أفعل ولماذا وأين ومتى وكيف” مع كل طفل على حده.

أما عن أسلوب الضغط فيتمثل في التحفيز أولا ً بالطرق المختلفة كي يدركوا قيمة العلم وأهمية التعلم والانجاز والتفوق الدراسي، وكيف يمكن تحقيق ذلك عن طريق اتقانهم لمهارات الاستذكار، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار وجود الفروق الفردية بينهم ومعرفة خصائص كل مرحلة عمرية وأي الطرق تصلح لاستيعابها وذلك بتنمية ثقافتنا نحن التربوية التي نفتقدها كآباء.

وتقصد المستشارة بالثقافة التربوية: معرفة الصواب من الخطأ في أسلوب التعامل مع الأبناء، وأن يكون لدينا اتقان للمهارات التربوية مع كل طفل حسب سنه وقدراته ومهاراته وحالته المزاجية والنفسية والصحية التي تميزه عن باقي إخوته، ومن ثم محاولة الوصول إلى عناصر النجاح والتفوق الدراسي التي لم تعد تدعمها المدارس بشكل كبير، ولابد أن تدرك الأم أنماط التعلم المختلفة وأنواع الذكاءات المتعددة التي يتمتع بها الأبناء، وتعرف نقاط القوة والضعف في كل منهم حتى يتسنى لها إعداد شخصية قوية بأسلوب تربوي سليم.

وتعترض المستشارة على النصائح التي تقدم للآباء خلال فترة الامتحانات كأنها (كبسولة مسكن) وإهمال ما دون ذلك مشيرة إلى: أننا نجرب في أبنائنا كل شيء دون أن نتكلف عناء قراءة كتيب التعليمات الخاص بهم –خصائصهم العمرية ونفسيتهم- فهم أمانة في أعناقنا يجب أن نحافظ عليها ونتعامل معهم بإنسانية ترتقي بهم.

 هدى سيد