ربما يكون من المناسب إدراك هذه الحقيقة بصورة دقيقة، فالواقع من حولنا يؤكد كافة هذه الأمور، وأن البشرية في الانتقال إلى العصر البيتوتي – كما يحلو لي تسميته بذلك -.

إن تقسيم العصور كما هو متعارف عليه لدى المؤرخين للعصر القديم والعصر الوسيط والعصر الحديث، وهذا على أوسع النطاقات، وإلا فتوجد تقسيمات أخرى أكثر قطرية، كالعصر الفرعوني، البيزنطي، الروماني والإسلامي ……إلخ، بالنسبة للمصرين، ولكل أمة عصورها وفق تاريخها ومراحله الزمنية.

لكن العصر البيتوتي شامل للجميع لا يقتصر على أمة دون أمة أو مكان دون مكان، أو شعب دون شعب، إنه أحد إفرازات العولمة، ونتائجها  القسرية على البشرية.

أن يصبح الجميع في مساق واحد، هذا المساق هو عصر الذكاء الاصطناعي، الذي يقع فيه الفاعل والمفعول، المنتج والمستهلك، ولكل وجهة هو موليها .

في القريب العاجل سيقبع البشر في البيوت يمارسون أعمالهم، وكل مايتعلق بحياتهم خلف الهواتف النقالة، وقد حدثت لهم تجربة واقعية في ذلك أثناء مرحلة كوفيد 19 – فيروس كورونا – 2020م.

إشكالية العصر البيتوتي أنه سيُحوِّل المدن إلى أشباح أو شبه مدن بكافة خدماتها وإمكانياتها وجمالها، وستُحوَّل الناس إلى مجرد أدوات وأرقام أمام الذكاء الاصطناعي، والأصعب من ذلك هو تحول الشعوب المستهلكة إلى مجرد أرقام لأرصدة في حسابات المنتجين والفاعلين، والأسواء أن يتم التحكم فيهم من خلال ذلك على كافة المستويات، فكافة أعمالهم تحت سيطرة الآخرين، وكل شيء هم فيه مفعول بهم لا أكثر ولا أقل من ذلك، وبالتالي يمكن التأثير عليهم سيكولوجيا من تلك الجوانب، وتحديد المساقات لهم.

العصر البيتوتي هو نوع من توحش الآلة والإقصاء القصري للإنسان، تحت دوافع التقدم والتحول الرقمي والعولمة … على الرغم من أن الإنسان هو الذي يفعل ذلك.