يسأل الكثير من الناس كيف كانت تقاتل الملائكة في غزوة بدر، حيث تحدَّث القرطبى فى تفسير قولة تعالى {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون . إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين . بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مُسوِّمين } آل عمران : 123 – 125.

وقال القرطبي: إن الله أمَدَّ بملائكته نبيه والمؤمنين فى قول جماعة العلماء . وتظاهرت الروايات بأن الملائكة حضرت يوم بدر وقاتلت . ومن ذلك قول أبى أسيد مالك بن ربيعة وكان شهيد بدر: لو كنت معكم الآن ببدر ومعى بصرى لأرينكم الشعب الذى خرجت منه الملائكة ، لا أشك ولا أمترى – وأبو أسيد يقال إنه اَخر من مات من أهل بدر .

وقال الله تعالى في سورة الأنفال: { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين }

يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي ، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :

في غزوة بدر التي وقعت في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة كان عدد المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر ليس فيهم إلا فارس واحد مع قلة في أدوات الحرب والقتال، وكان عدد المشركين أكثر من ألف مقاتل، معهم العدة للحرب بدرجة كافية، وفيهم مائة فارس على خيولهم، وكان ذلك بمقياس الحروب كفيلاً بنصر العدد الكثير والعدة الوافرة على من هم أقل عددًا وعدة، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا التفاوت الواضح بين قوة المسلمين وقوة أعدائهم رفع يديه إلى السماء مستغيثًا ربه، طالبًا نصره الذي وعده إياه، وما يزال يدعو ويستغيث حتى وقع رداؤه من فوق كتفيه فاحتضنه أبو بكر الصديق، وقال له: إن الله منجز وعده لك يا نبي الله، ونزل قول الله تعالى من سورة الأنفال: ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أنى ممدكم بألفٍ من الملائكةِِ مردفين)  فأمد الله المسلمين بألف من الملائكة في غزوة بدر.

أما قوله تعالى في سورة آل عمران : ( إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين. بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين)

فقد قال بعض العلماء ومنهم الربيع بن أنس: أمد الله المسلمين بألف، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف والتنصيص على الألف لا ينافي الزيادة لقوله تعالى:  ( مردفين ) بمعنى: يردفهم غيرهم، أي تتبعهم ألوف أخر غيرهم.

وقال بعضهم: إن هذا الوعد كان يوم أحد، وكان مشروطًا بأن يصبروا ويتقوا ولما لم يصبروا وفروا لم يتحقق لهم الوعد، ولم يمددهم الله بشيء.

وأما قتال الملائكة في بدر فقد ذكرت الأحاديث الصحيحة بعض الوقائع التي شارك فيها الملك، ولا مانع من ذلك مع ما كلفهم الله به من تثبيت قلوب المؤمنين في قوله: ( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا.. ). وليس معنى اشتراكهم في وقائع مفردة أنهم تولوا القتال عن المؤمنين، فإن قتلى قريش وأسراهم كان يُعرف من تولى قتلهم وأسرهم من المسلمين، وبذلك كانت كرامة أهل بدر ومنزلتهم العالية بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.