قوله تعالى: (أَرَءَیۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُۥ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَیۡهِ وَكِیلًا) [سورة الفرقان 43]
فإن ظاهر نظم الآية مشكل في المعنى، لجواز أن يجعل المؤمن إلهه هواه، أي : محبوبه، فالمحبوب يمكن أن يسمى “هوى” للمحب ، كما قال عروة بن أذينة:
إنَّ التي زَعَمتْ فؤَادَك مَلَّها * خُلِقَتْ هَوَاكَ كما خُلِقْتَ هوىً لها.
وهذا لا غبار عليه ولا اعتراض ، لكن السياق في الآية سياق ذم لمن هذا حاله ، فقد وصفه المولى – عز وجل – بالضلال في موضع آخر فقال تعالى: ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ) (الجاثية: 23) .
وعندما نمعن النظر بعمق في تحديد رتب الكلام ، نجد أن النظم على نحو (اتّخذ هواه إلههُ) ، ففي النظم تقديم وتأخير، وعليه نعرب (هواه) مفعولاً أولاً للفعل (اتَّخذ) لزاماً، وعلَّة التقديم؛ لأجل الحصر، فكأنه قال: (أرأيتَ من لم يتخذ معبودَه إلا هواه) فهو أبلغ في الذم والتوبيخ.