أركان الإسلام هي أعمال الجوارح الظَّاهرة من القول والعمل، وهي أصول العبادات التي يتقرب بها المسلم من ربه، ولا يكمل دين المسلم حتى يأتي بهذه الأركان كاملا مراعيا الشروط المرتبطة بها، وهذه الأركان خمسة كما ثبت ذلك في حديث سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، وقد أجاب عليه الصلاة والسلام جبريل بقوله: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً(.

وهذه الأركان تتنوع إلى:

  1. عمل بدني: كالصَّلاة والصومِ.
  2. عمل مالي: وهو إيتاءُ الزَّكاةِ.
  3. ما هو مركَّبٌ منهما: كالحجِّ بالنسبة إلى البعيد عن مَكَّة

وجاء في حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآل وسلم يقول: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد ارسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)) رواه البخاري ومسلم.

والإسلام في الشرع يقصد به استسلام العبد لله، وخضوعه، وانقياده له، وذلك يكون بالعمل، وهو الدين، كما سمى الله تعالى في كتابه الإسلام دينا. أما الإيمان فهو الاعتقادات الباطنة بالله تعالى، والإيمان عند أهل السنة قول وعمل ونية، وله أركان وًول كذلك وهي ستة كما جاء في حديث جبريل: فقال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره».

الفرق بين الإسلام والإيمان

وبناء على هذا التعريف يمكن التفريق بين مسمى الإسلام والإيمان، فالإسلام كما تقدم الاستسلام والانقياد لله تعالى، ويطلق على العمل الظاهر، وأما الإيمان فهو تصديق القلب، وإقراره، ومعرفته.

والعلاقة بين الإسلام والإيمان، أنه إذا أفرد أحدهما، دخل فيه الآخر، ودل بانفراده على ما يدل عليه الآخر بانفراده، فإذا قرن بينهما دل أحدهما على بعض ما يدل عليه بانفراده، ودل الآخر على الباقي. إذا فحيث جاء الحديث عن الإيمان ومشتقاته بانفراد سواء في القرآن أو السنة فإنه يدخل بالتبع الإسلام، والعكس صحيح كذلك، وحيث جاءت المقارنة بينهما كما في قوله تعالى: ﴿قَالَتِ ‌الْأَعْرَابُ ‌آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات: 14]، فالإيمان هنا أخص من الإسلام، ويفترقان في المعنى والمدلول[1].   

أركان الإسلام هي:

  1. شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله : في رواية ((بني الإسلام على خمس على ان يعبد الله ويكفر بما دونه))، وهي مبينه لمعنى كلمة التوحيد.
  2. إقام الصلاة: المداومة عليها بشروطها.
  3. إيتاء الزكاة: إعطائها لمستحقيها.
  4. حج البيت: قصده لأداء النسك المعدود من أركان الإسلام
  5. صوم رمضان: الإمساك نهاره عن المفطرات بنية.

عظم شأن أركان الإسلام

قوله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس) فيه بيان عظيم شأن هذه الأركان الخمسة في الإسلام، وأنها هي الأمور التي تعتبر الأصل والأساس، وغيرها وإن كان مطلوباً فإنه تابع لها، فذكر هذه الأسس الخمسة التي ينبني عليها دين الإسلام، وغيرها يكون تابعاً لها.وهذا فيه تشبيه الأمور المعنوية بالأمور الحسية؛ لأن ذلك أقرب إلى الأذهان، فإن الإنسان يتصور أهمية هذا المعنى كما يشاهد البنيان الذي يقوم على أعمدة، وإذا سقطت أعمدته أو اختلت أعمدته فإنه يسقط ويقع، فهذه الأمور الخمسة هي بمثابة الأركان وبمثابة العمد التي يقوم عليها البنيان.فهذا تنبيه على أن هذا الإسلام مبني على هذه الخمسة، وأنها شبيهة بالأعمدة التي يقوم عليها البيت، والتي يقوم عليها البناء، فإن ذلك يدل على أهميتها وعلى عظيم شأنها.

شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله

الركن الأول مؤلف من أمرين: الشهادة لله بالوحدانية والإلهية، والشهادة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، فلابد منهما، وكل عمل لابد من أن يكون مستنداً إليهما.فالشهادتان هما أساس في ذاتيهما، وهما أساس لبقية الأركان ولكل عمل يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا لم يكن العمل مبنياً على الشهادتين فإنه يكون مردوداً على صاحبه وغير مقبول، ولا ينفع صاحبه عند الله عز وجل. فهما أس الأسس، وهما اللتان يبنى عليهما غيرهما من بقية الأركان، وكل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى.

وقد بدأ بهما في هذه الخمس لأنهما الأساس لغيرهما، كما أنه بدأ بالإيمان بالله في أركان الإيمان لأن الإيمان بالله هو الأساس، وكل شيء وراءه تابع له، وكذلك هنا بدأ بالشهادتين لأن كل شيء وراءهما تابع لهما.

إقام الصلاة

إقامة الصلاة المفروضة في الأوقات المحددة المعروفة هي أهم الأركان بعد الشهادتين، وهي التي يتميز بها في فترة وجيزة من يكون مطيعاً ومن يكون عاصياً، فإن الإنسان إذا رافق إنساناً أو عامل إنساناً أو خالط إنساناً يستطيع أن يكتشفه في خلال أربع وعشرين ساعة بأنه على الحق أو على الضلال، فإن رآه محافظاً على الصلاة وحريصاً على الصلاة فهي علامة خير، وإن رآه مضيعاً للصلاة فهي علامة شر، ويتبين ذلك في فترة وجيزة، بخلاف بقية الأركان، فإن بعضها لا يأتي في السنة إلا مرة واحدة، وبعضها لا يأتي في العمر إلا مرة واحدة.أما الصلاة فإنها تأتي في اليوم والليلة خمس مرات، ولهذا فإنها صلة وثيقة بين العبد وربه، وبها يكون الإنسان على صلة وثيقة بالله عز وجل.ولأهميتها جاء ذكرها بعد الشهادتين، فهي أهم الأركان بعد الشهادتين، وقد جاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة تدل على عظيم شأن الصلاة

إيتاء الزكاة

بعد ذلك يأتي ذكر الزكاة، والزكاة هي عبادة مالية تأتي في السنة مرة واحدة عند حولان الحول أو عند خروج الثمار ونضوجها، ولا تتكرر الزكاة، وإنما تجب في السنة مرة واحدة، ونفعها متعدٍ، ولهذا قدمت على الصيام، وجاءت بعد الصلاة.ويأتي كثيراً القرن بين الزكاة والصلاة في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5]، وقال سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:5]، وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:11]، وقال: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:41].

فيقرن الله عز وجل بين الصلاة والزكاة في آيات كثيرة من كتابه، وهذا يدلنا على أن شأنها عظيم، وأنها تلي الصلاة، وأنها متقدمة على بقية الأركان، وذلك لأن نفعها متعدٍ، حيث ينتفع صاحبها وينتفع غيره، فصاحبها ينتفع بالأجر والثواب، وغيره ينتفع بالمال الذي هو محتاج إليه لفقره ولعوزه ولقلة ذات يده، فيكون نفعها متعدياً إلى الآخرين، مع أنه يحصل للإنسان الثواب على ذلك.

صوم رمضان

الركن الرابع صوم رمضان هو التعبد لله سبحانه وتعالى بترك الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس هذا هو الصيام أن يتعبد الإنسان لله بترك هذه الأشياء لا أن يتركها على العادة أو من أجل البدن ولكنه يتعبد لله بذلك يمسك عن الطعام والشراب والنكاح وكذلك سائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس من هلال رمضان إلى هلال شوال، وصيام رمضان أحد أركان الإسلام هذه منزلته في دين الإسلام وهو فرض بإجماع المسلمين لدلالة الكتاب والسنة على ذلك، يقول الله تعالى: ﴿‌يَاأَيُّهَا ‌الَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌كُتِبَ ‌عَلَيْكُمُ ‌الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، فوجه الله الخطاب للمؤمنين لأن صيام رمضان من مقتضيات الإيمان ولأن صيام رمضان يكمل به الإيمان ولأن ترك صيام رمضان ينتقص به الإيمان.

حج البيت

الركن الخامس الحج وهو قصد مكة للتعبد لله سبحانه وتعالى بأداء المناسك وهو أحد أركان الإسلام بإجماع المسلمين ودليل فرضه قول الله تبارك وتعالى: ﴿‌وَلِلَّهِ ‌عَلَى ‌النَّاسِ ‌حِجُّ ‌الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97].

وهذه الآية نزلت في العام التاسع من الهجرة وهو العام الذي يسمى عام الوفود وبها فرض الحج أما قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿‌وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196] ففيها فرض الإتمام لا فرض الابتداء ففرض الابتداء كان في السنة التاسعة في آية سورة آل عمران وأما فرض الاستمرار والإتمام فكان في آية البقرة في سنة ست من الهجرة.

قال الله تعالى﴿‌وَلِلَّهِ ‌عَلَى ‌النَّاسِ ‌حِجُّ ‌الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ وعلى الناس هنا يعني على جميعهم لكن الكافر لا نأمره بالحج حتى يسلم وأما المسلم فنأمره بأن يحج بهذا الشرط الذي اشترطه الله عز وجل ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ يعني: من استطاع أن يصل إلى مكة فمن لم يستطع لفقره فلا حج عليه ومن لم يستطع لعجزه نظرنا فإن كان عجزه لا يرجى زواله وعنده مال وجب أن يقيم من يحج عنه. وإن كان يرجى زواله كمرض طارئ طرأ عليه في أيام الحج فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ثم يحج بنفسه.

والحج لا يجب إلا مرة إلا إذا نذر الإنسان أن يحج فليحج لكن بدون نذر لا يجب إلا مرة[2].


[1]  جاء في التفسير المنير – الزحيلي (26/ 268): «نزلت في نفر من بني أسد بن خزيمة، قدموا المدينة في سنة جدبة، وأظهروا الشهادتين، ولم يكونوا مؤمنين في السر، وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتيناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأعطنا من الصدقة، وجعلوا يمنون عليه، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية»

[2]  شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (5/ 318).

مصادر :

كتاب: التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثًا النووية -المؤلف : إسماعيل بن محمد بن ماحي السعدي الأنصاري.

شرح الأربعين النووية المؤلف: عبد المحسن بن حمد العباد البدر.

شرح رياض الصالحين: محمد بن صالح بن محمد العثيمين، دار الوطن للنشر، الرياض.