اقرأ أيضا:
جورج زيناتي أكاديمي وباحث ومترجم فلسطيني لبناني، من مواليد حيفا 1935 بحيفا (فلسطين)، التي هُجّر منها برفقة عائلته سنة 1948 نحو العاصمة اللبنانية بيروت، حيث قضى سنوات شبابه، قبل أن ينتقل أواخر الستينيات إلى العاصمة الفرنسية باريس لمتابعة دراسته، حيث نال في جامعة باريس شهادة الدكتوراة في الآداب والعلوم الإنسانية عام 1972، بإشراف المُفكّر بول ريكور، ليعمل بعدها مُدرّسا في جامعة “زائير لوبومباشي” في الكونغو بين عامي 1973 و1977، قبل أن يعود إلى بيروت ليعمل أستاذًا للفلسفة الحديثة والمعاصرة والدراسات العليا، في كليتي التربية والآداب في الجامعة اللبنانية.
وفي فترة ما من مسيرته الأكاديمية في فرنسا ترأّس تحرير مجلّة “الباحث”. لجورج زيناتي مؤلفات والترجمات منها:
الكتب:
الترجمات:
كما فاز كتابه “الذات عينها كآخر” (المُترجم من الفرنسية إلى العربية) بجائزة الشيخ زايد للكتاب سنة 2007، عن فئة الترجمة. كما حصل على جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة سنة 2011، في مجال العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، عن ترجمته لكتاب “الذاكرة، التاريخ، النسيان” من اللغة الفرنسية، للمفكر بول ريكور، والجائزة مُناصفة مع محمد بدوي، عن ترجمته لكتاب “تأويل الثقافات” من اللغة الإنجليزية، لمؤلفه كليفورد جيرتز.
كتاب “الحرية والعنف” الذي يقع في 144 صفحة فقط، موثقًا ومفهرسًا، يتكون من قسمين، فيهما ستة فصول. يتألف القسم الأول، الحرية بوصفها بحثًا عن المطلق، من ثلاثة فصول. يقول زيناتي في الفصل الأول، في البدء كان النطق (الكلمة)، إن المادة تعقدت إلى حدها الأقصى، “كي تصنع منا الذوات الفاعلة الناطقة، لكن إن كانت اللغة تؤسس أصل كينونتنا، فإنها لا تجعل منا مجرد موجودين مركبين منجزين تمامًا، فنحن لسنا بكلمة تحققت بكامل أمنياتها”. بحسبه، الكلمة فرح وخلق يتدرج مع الحياة، “يبدأ مع ارتعاشات الطفل ويستمر حتى اندهاش الفنان. إن تحقيقنا الكلمة التي هي نحن كمهمة أوكلت إلينا هو عمل صعود وارتقاء بفضل المعرفة التي يصاحبها الفرح، وفي نهاية هذه الغلبة على الذات والعالم، وهذا التفوق على الواقع وتحجره، يصبح الفرح والحرية مترادفين”.
في الفصل الثاني، الحب والحرية بوصفهما بحثًا عن المطلق، يرى المؤلف أن الحب تجربة فلسفية كبيرة، “تجعلنا نعي تمزقنا وبؤسنا، وتجعلنا نبحث عند الطرف الآخر عن وحدتنا وكمالنا. غير أن الحب لا يتم إلا من خلال تجل للشهواني وللعالم وللأنا، حيث يصبح كل شيء براءة تصرخ: كل شيء ’حسن وخير‘. هناك إذًا طريق، ليست بالضرورة معرفية، تقودنا إلى الحرية، وهذه الطريق هي التي يتبعها إيروس في هذيانه”.
يبحث زيناتي في الفصل الثالث، الحرية بوصفها معرفة للمطلق، في الحرية عند سقراط وأفلاطون وأرسطو وديكارت وسبينوزا وكانط وهيغل. يقول: “الحرية التي يمكن أن ندعوها روحية لديها ثابتة: إنها المعرفة – وليست أي معرفة، بل المعرفة الأخيرة – هي التي تجعلنا أحرارًا، ونحن إن نظرنا إلى تأثيرها، تصبح هذه المعرفة سعادة. وهذه الحرية هي في جوهرها تأملية، أي إنها بمعنى ما تخشى الممارسة والعمل. ما تبغيه في الواقع هو الوصول إلى المطلق، أي إلى الكلمة كأصل”.
يتألف القسم الثاني، الحرية والعمل، من ثلاثة فصول أيضًا. في الفصل الرابع، الحرية والمسؤولية، يؤكد زيناتي استحالة تأسيس الحرية على الممارسة العملية، “ذلك أن حرية الالتزام في العمل تفترض مسبقًا وجود حرية تحرر بواسطة التفكير المجرد، وهذا ما يقودنا من جديد نحو الحرية الروحية، حتى وإن أطلقنا عليها تسمية أخرى”. برأيه، ليس مفهوم المسؤولية صالحًا ليكون أساسًا، إذ إن الانطلاق من مفهوم المسؤولية يعني التغافل عن اعتبار الإنسان كما هو في وضعه اليومي المحسوس. فالمسؤولية نتاج تفكير ترنسندنتالي عن الإنسان، وهي تاليًا ليست مفهومًا أصليًا.
يجد زيناتي في الفصل الخامس، في البدء كان العمل والعمل كان عنفًا، أن الحرية حين تدخِل العمل إلى مضمارها، “تدخِل وسيلة ناجعة وفعالة لإنجاز المثل الأعلى الذي تضعه هدفًا لها، لم ير النور بعد ولا يزال مجرد مشروع بعيد، وطموح أقرب إلى الحلم، ليس علينا أن نتبعه بل أن نتابعه مدة قد تمتد وتقصر، هنا تصبح الحرية حرية تبحث عن نفسها، تتلمس طريقها ولا ندري إلى أين قد تصل، ذلك أن إرادة النجاح هنا تسير وسط معمعة العمل المتغير والأهواء المتقلبة، وعليها أن تتحلى بكثير من الصبر والأناة”. يضيف: “الحرية هنا نشاط يحاول أن يكون على جانب كبير من الوعي، يعمل في خدمة مثل أعلى لا نعرف متى بالضبط يمكن أن يتحقق وحتى إن كان بالفعل سيتحقق في يوم وشيك أو بعيد. مثل هذه الحرية تحمل في طياتها كل نقائض العمل”.
في الفصل السادس والأخير، الحرية والفاعلية، يقول زيناتي إن مفهوم الفاعلية، حين يوضع في خدمة مثل أعلى مهما كان نبيلًا، يشكل خطورة كبرى؛ فهو في أغلب الأحيان لا يترك وراءه سوى الخراب، فهو خادم جيد غير أنه غاية في السوء. يضيف: “لا يكفي إذن أن يكون المثل الأعلى الذي تريد الحرية أن تخدمه نبيلًا كي تكون لدينا ضمانة أكيدة بنبل الوسائل المستعملة، ذلك أننا غالبًا ما نشاهد انقلابًا في الأدوار؛ فبدلًا من خدمة المثل الأعلى، يُستخدم لهدف آخر. ويصبح المثل الأعلى الذي كان حافز الجماهير وسيلة قمع. ما كان يمارس دور الغاية بات يمارس دور الوسيلة”.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين