أم أيمن هي بركة بنت ثعلبة بن عمر بن حصن بن مالك بن عمر النعمان، مولاة رسول الله ﷺ وحاضنته، وأضحت زوجاً لحب النبي ﷺ زيد بن حارثة ، وأماً للشهيد ” أيمن بن عبيد الخزرجي ” ، وأماً لفارس من فرسان الإسلام ، وهو الحب بن الحب “أسامة بن زيد” رضي الله عنهما .
ورثها النبي ﷺ من أبيه ثم أعتقها عندما تزوج بخديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، وهي صحابية مباركة ، وقد عرفت أم أيمن النبي ﷺ طفلاً صغيراً ، ونبياً مرسلاً ، وعاشت مراحل النبوة كلها ، وعاصرت الأحداث الإسلامية ، وكانت من المهاجرات الأول- رضي الله عنها.
وقد روي بإسناد ضعيف : أن النبي ﷺ كان يقول لأم أيمن: ” يا أم ” ويقول : “هذه بقية أهل بيتي ” ،وهذا إن دل فإنما يدل على مكانة أم أيمن عند رسول الله وحبه الشديد لها حيث اعتبرها من أهل بيته.
وأم أيمن هذه هي التي كانت مع آمنة بنت وهب أم النبي ﷺ حين ذهبت إلى المدينة لزيارة بني النجار أخوال جده عبد المطلب ، ولما عادت إلى مكة مرضت آمنة في الطريق ، وتوفيت في الأبواء ، فعادت أم أيمن بالنبي ﷺ وأصبحت حاضنته ، وأوقفت نفسها لرعايته والعناية به ، وغمرته بعطفها ، كما غمره جده عبد المطلب بحبه ، وعوضه الله تعالى بحنان جده وأم أيمن عن حنان الوالدين ، وأغرم به عبد المطلب غراماً شديداً وكثيراً ما كان يوصي الحاضنة أم أيمن قائلاً لها : يابركة ، لا تغفلي عن ابني ، فإني وجدته مع غلمان قريباً من السدرة ، وأن أهل الكتاب يزعمون أن ابني هذا نبي هذه الأمة .
وبعد وفاة عبد المطلب حزن عليه رسول الله ﷺ حزناً ، تقول أم أيمن : رأيت رسول الله ﷺ يومئذ يبكي خلف سرير عبد المطلب .
وشب النبي ﷺ وهو يقدر أم أيمن ويكرمها ، لأنها كانت رضي الله عنها تقوم على أموره وشؤونه ، وترعاه رعاية حسنة ، فلما تزوج الرسول ﷺ خديجة رضي الله عنها أعتق أم أيمن فتزوجها عبيد بن زيد الخزرجي ، فولدت له أيمن ، وأيمن هذا صاحب هجرة وجهاد ، قتل يوم حنين رضي الله عنه .
وكانت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها قد ملكت زيد بن حارثة فسألها النبي ﷺ أن تهب له زيداً فوهبته له ، فأصبح زيد أثيراً لدى رسول الله ﷺ ( أي : يحبه ويؤثره على نفسه) فأعتقه ، ثم زوجه أم أيمن ، فولدت له أسامة فكان يكنى به .
ورغم كبر سن أم أيمن فقد أبت إلا أن تشارك في الجهاد مع رسول الله ﷺ ففي غزوة أحد خرجت أم أيمن مع النساء ، وكانت مهمتها مداواة الجرحى والاعتناء بهم ، وسقاية العطشى من المجاهدين .
وفي غزوة خيبر خرج مع رسول الله ﷺ عشرون امرأة كان من بينهن أم أيمن رضي الله عنها وأما ابنها أيمن فقد تخلف لمرض فرسه ، وكانت أمه قد وصفته بالجبن .
وفي سرية مؤتة قتل زيد بن حارثة رضي الله عنه فتلقت أم أيمن نبأ استشهاد زوجها وهي صابرة محتسبة ، ثم تأتي غزوة حنين ويقتل فيها ابنها أيمن ، فتصبر وتحتسب ابنها عند الله تعالى ابتغاء مرضاته ومرضاة رسوله ﷺ .
ومرت الأيام سريعاً ، وتوفي الرسول ﷺ وتسرب النبأ الفادح وأظلمت على المدينة أرجاؤها وآفاقها بفراق رسول الله ﷺ فقامت أم أيمن حزينة تبكي على فراق رسول الله ﷺ .
هذا وقد روي عن أنس رضي الله عنه قال : قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله ﷺ لعمر : انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله ﷺ يزورها، فلما انتهينا إليها بكت ، فقالا لها : ما يبكيك ؟ ما عند الله خير لرسوله . فقالت : ما أبكي لأني لا أعلم أن ما عند الله خير لرسوله ﷺ ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء ، فهيجتهما على البكاء .
توفيت أم أيمن بعدما توفي رسول الله ﷺ بخمسة أشهر وقيل ستة أشهر رضي الله عنها وأرضاها .