اقرأ أيضا:
٢- الفرائض مستثناةٌ من هذا الأصل، فالأفضل إظهارها، وذلك كالزكاة والحج، وبعض العبادات أصلاً لا يُمكن أن تكون إلا علانيةً مثل شهود الجمعة والجماعة.
٣- تكلم القرآن عن الصدقة تحديداً، وبيّن أنّ إخفاءها أفضل، وجوّز ومدحَ إظهارها لمن سلمتْ نيته.
٤- يجوز إظهار العمل في حالات خاصة وضيّقة، وذلك كأن يكون الإنسان قدوة، فيقتدي به الناس في الخير، ونيته وجه الله لا الرياء، وهذا الصنف في الناس قليلٌ.
وفي هذا يقول ابن حجر: (قَدْ يُسْتَحَبُّ إِظْهَارُهُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عَلَى إِرَادَتِهِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَيُقَدَّرُ ذَلِك بِقدر الْحَاجة).
وقَالَ ابن عَبْدِ السَّلَامِ: (يُسْتَثْنَى مِنِ اسْتِحْبَابِ إِخْفَاءِ الْعَمَلِ مَنْ يُظْهِرُهُ لِيُقْتَدَى بِهِ أَوْ لِيُنْتَفَعَ بِهِ كَكِتَابَةِ الْعِلْمِ) انتهى.
٥- وعليه فلا يجوز اتّهام كل مجاهر بالطاعة أو مصوّر لها بأنه مرائي، لأنّ ذلك غيبٌ، ومحله القلب، ولكل امرئ ما نوى، فإن نوى وجه الله واقتداء الناس به لا وجوه الناس وكثرة المتابعين ومديحهم= فهو حسنٌ، وإن نوى الدنيا وثناء الناس، فالويل له كلّ الويل، وإذا علمتَ هذا، علمتَ أنه مزلق خطير فلا يغامر الإنسان، وليحتط لدينه، فالقلب يتقلب، والنية تتبدل، وهذا الذي عليه عمل جماهير السلف رحمهم الله.
يقول الحسن البصري رحمه الله: ( إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لقَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَقَدْ فَقُهَ الْفِقْهَ الْكَثِيرَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ الطَّوِيلَةَ فِي بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ الزوار وَمَا يَشْعُرُونَ بِهِ، وَلَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَمَلٍ يَقْدِرُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ فِي السِّرِّ فَيَكُونُ عَلَانِيَةً أَبَدًا، وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ وَمَا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ إِنْ كَانَ إِلَّا هَمْسًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً ـ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ عَبْدًا صَالِحًا رَضِيَ فِعْلَهُ فَقَالَ: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا.)
والحمدلله رب العالمين.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين