اقرأ أيضا:
في كتابه “التراث والحداثة”، يقول المفكر محمد عابد الجابري “إذا نظرنا إلى (ظاهرية) ابن حزم من الزاوية الابستمولوجية المحض فإننا سنجدها مشروعا فكريا فلسفي الأبعاد، يطمح إلى إعادة تأسيس (البيان) كنظام معرفي يؤسس فكر أهل السنة”.
هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد الأندلسي القرطبي، المولود في قرطبة في الأندلس عام 994م (30 رمضان 384 هـ – 7 نوفمبر 994م/ توفي 28 شعبان 456 هـ – 15 أغسطس 1064م ولبة).
عالم من أكبر علماء الإسلام في التصنيف والتأليف بعد الطبري، وهو حافظ وفقيه ظاهري، أديب شاعر نسَّابة عالمٌ بسند الحديث النبوي، ناقد فيلسوف، وهو من أوائل العلماء الذين قالوا بكروية الأرض، كان ابن حزم الظاهري وزيرًا سياسيًا من وزراء بني أمية في الأندلس، بدأ ابن حزم حياته وهو على مذهب المالكية ثمَّ غيَّر إلى الشافعية ثمَّ ثبت على الظاهرية فلُقِّب بالظاهري، وقد شُرِّد ونفي عن وطنه بعد العداء الذي نشب بينه وبين جماعة من المالكية، فمات في أرض والديه في بلد اسمها مونتيخار عام 1064م.
عاش ابن حزم الأندلسي في أوائل حياته في قصر أبيه الذي كان وزيرًا من وزراء المنصور بن أبي عامر، وقد تربَّى في تلك الفترة من حياته على يد جواري القصر، وقد نشأ ابن حزم في أسرة مسلمة، جدُّه الأعلى هو يزيد بن أبي سفيان الذي عاش في الشام وشارك في عدد من الفتوحات الإسلامية، وقد احتلَّت أسرة ابن حزم مكانة رفيعة في الأندلس حيث امتلكت أسرته قرية كاملة هناك وهي قرية منت ليشم، أمَّا تعليمه فقد درس ابن حزم المنطق على يد محمد بن الحسن القرطبي، ودرس الحديث على يد يحيى بن مسعود، وأخذ الفقه الشافعي على يد عدد من شيوخ قرطبة، وبعد أن تعلَّم المذهب الشافعي انتقل إلى الظاهري فعُرف بابن حزم الظاهري، وككثير من الناس قاسى ابن حزم نار الفتنة التي قامت في قرطبة في الفترة التي كان يكتب فيها كتابه “طوق الحمامة في الألفة والأُلاف” ثمَّ ترك ابن حزم قرطبة وهاجر إلى ألمريَّة، وبسبب انشغاله بالسياسة ونضاله من أجل إعادة بناء الدولة الأموية في الأندلس، لقي ابن حزم عذابًا كبيرًا، فتعرَّض للنفي والتشريد إلى أن سقطت الخلافة الأموية في الأندلس بشكل نهائي، وبعدها فرَّغ ابن حزم نفسه من أجل العلم والتأليف.
سعى ابن حزم الظاهري إلى العلم وهو في سن مبكرة، فأخذ عن كبار العلماء والمشايخ، وكان جده قد ساعده في تحصيله العلمي وأرسله إلى خيرة مشايخ وفقهاء عصره، وقد كان لابن حزم مشايخ في الحديث والتاريخ والفقه والفلسفة والطب، وفيما يأتي مجموعة من أسماء هؤلاء المشايخ الذين نهل من علمهم ابن حزم الأندلسي:
تولى ابن حزم وزارة للمرتضي في بلنسية، ولما هزم وقع ابن حزم في الأسر وكان ذلك في أواسط سنة (409) هجريه، ثم أطلق سراحه من الأسر، فعاد إلى قرطبة.
كما تولي الوزارة لصديقه عبد الرحمن المستظهر في رمضان سنة (412) هجرية، ولم يبق في هذا المنصب أكثر من شهر ونصف، فقد قتل المستظهر في ذي الحجة من السنة نفسها، وسجن ابن حزم ثم عفي عنه.
وتولى الوزارة أيام هشام المعتد فيما بين سنتي (418-422) هجرية.
أما ما يتعلق بإنجازاته، فقد قضى ابن حزم حياته ساعيا وراء العلم، حتَّى كان موسوعة تمشي على قدمين، فلم يترك علما من العلوم إلَّا وطرقه، كما أنَّه ألَّف وأثرى المكتبة العربية بمجموعة من المؤلفات المفيدة في كثير من العلوم والمعارف، ولعلَّ أبرز كتبه: كتاب “الفِصَل في المِلَلْ والأهواء والنِّحَل” وكتابُ “طوق الحمامة” وكتاب “جمهرة أنساب العرب” وكتاب “نُقَطُ العروس”، كما أنَّه له في التصنيف كتاب “التقريب في بيان حدود الكلام وكيفية إقامة البرهان” وكتاب “الأخلاق والسير” وكتاب “الفصل بين النحل والملل” وكتاب “الدرة في الاعتقاد”.
ومن إنجازاته تأليف كتاب “التحقيق في نقض كلام الرازي” وكتاب “التزهيد في بعض كتاب الفريد” وكتاب “اليقين في النقض على عطاف في كتابه عمدة الأبرار” وكتاب “النقض على عبد الحق الصقلي” وكتاب “زجر العاوي وإخسائه ودحر الغاوي وإخزائه” وكتاب “رواية أبان يزيد العطار عن عاصم”، كما ألَّف ابن حزم كتاب “الرد على من قال إن ترتيب السور ليس من عند الله بل هو فعل الصحابة” وكتاب “النبذ في الأصول” وكتاب “النكت الموجزة في إبطال القياس والتعليل والرأي” وكتاب “النقض على أبي العباس بن سريج” وكتاب “الرد على المالكية”، وألف أيضًا كتاب “الاتصال في شرح كتاب الخصال” وكتاب “المحلى” وكتاب “المعلى في شرح المحلى”، كلُّ هذه الإنجازات جعلت من ابن حزم الظاهري قامة فكرية وعلمية من القامات التي يفخر بها تاريخ الأندلس بشكل خاص وتاريخ المسلمين بشكل عام، ولكنَّ ما يبعث على الحزن واليأس هو أنَّ معظم – إن لم نقل كلَّ – هذه المؤلفات العظيمة أحرقت في إشبيلية بعد أن ألَّبَ الفقهاء الناس والحاكم على ابن حزم أيام الفتنة.
مجتهد مطلق، وإمام حافظ، كان شافعي الفقه، فانتقل منه إلى الظاهرية، وافق العقيدة السلفية في بعض الأمور من توحيد الأسماء والصفات وخالفهم في أخرى وكل ذلك كان باجتهاده الخاص، وله ردود كثيرة على الشيعة واليهود والنصارى وعلى الصوفية والخوارج.
أصلَّ ابن حزم ما يعرف عادة بالمذهب الظاهري وهو مذهب يرفض القياس الفقهي الذي يعتمده الفقه الإسلامي التقليدي، وينادي بوجوب وجود دليل شرعي واضح من القرآن أو من السنة لتثبيت حكم ما، لكن هذه النظرة الاختزالية لا توفي ابن حزم حقه فالكثير من الباحثين يشيرون إلى أنه كان صاحب مشروع كامل لإعادة تأسيس الفكر الإسلامي من فقه وأصول فقه.
كان الإمام ابن حزم ينادي بالتمسك بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة ورفض ما عدا ذلك في دين الله، لا يقبل القياس والاستحسان والمصالح المرسلة التي يعتبرها محض الظن. يمكن أن نقلّص من حدّة الخلاف بينه وبين الجمهور، حول مفهوم العلة وحجيتها، إذا علمنا أن كثيرًا من الخلاف قد يكون راجعا إلى أسباب لفظية أو اصطلاحية.
كان ابن القيم شديد التتبع لآثار وكتب ابن حزم، وكان يصفه بمنجنيق العرب أو بمنجنيق الغرب. وكانت الناس تضرب المثل في لسان ابن حزم، فقيل عنه: “سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقان”، فلقد كان ابن حزم يبسط لسانه في علماء الأمة وخاصة خلال مناظراته مع المالكية في الأندلس، وهذه الحدة أورثت نفورًا في قلوب كثير من العلماء عن ابن حزم وعلمه ومؤلفاته، وكثر أعداؤه في الأندلس.
وحدث أن تعرضه لفقهاء عصره الجاحدين المنتفعين من مناصبهم، مكن هؤلاء أن يؤلبوا عليه المعتضد بن عباد أمير اشبيلية، فاصدر قراراً بهدم دوره ومصادرة أمواله وحرق كتبه، وفرض عليه ألاّ يغادر بلدة أجداده منت ليشم من ناحية لبلة، وألا يفتي أحد بمذهب مالك أو غيره، كما توعد من يدخل إليه بالعقوبة، وهناك توفي سنة 1064 م، ولما فعلوا ذلك بكتبه تألم كثيراً فقال وقد حُرِّقت مؤلفاته:
إن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي*** تضمنه القرطاس بل هو في صدري
يقيم معي حيث استقلت ركائبي *** وينزل إن أنزل ويدفن في قبري
دعوني من إحراق رق وكاغد *** وقولوا بعلم كي يرى الناس من يدري
وإلاّ فعدوا بالكتاتيب بدءة *** فكم دون ما تبغون لله من ستر
كذاك النصارى يحرقون إذا علت *** أكفهم القرآن في مدن الثغر
لقد اشتهر ابن حزم الظاهري بين أهل العلم لعظمة مؤلفاته وكثرتها وأهميتها، فكان قامة علمية فكرية أدبية رفيعة، جعلت منه واحدًا من أعظم المفكرين في التاريخ الإسلامي، وفيما يأتي بعض أقوال وآراء العلماء في ابن حزم:
من مؤيديه، الحميدي الذي قال عنه: “ابن حزم الأندلسي كان حافظا عالما بعلوم الحديث وفقهه مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة متفننا في علوم جمة، عاملا، بعلمه زاهدا في الدنيا بعد الرئاسة التي كانت له ولأبيه من قبله في الوزارة وتدبير الممالك، متواضعا ذا فضائل جمة وتواليف كثيرة.
وقال أبو حامد الغزالي: “وجدتُ في أسماء الله الحسنى كتابًا لأبي محمد بن حزم يدلُّ على عظم حفظه وسيلان ذهنه”. وقال ابن خلكان: “كانَ حافظا عالمًا بعلوم الحديث، مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة بعد أن كان شافعي المذهب، فانتقل إلى مذهب أهل الظاهر وكان متفننا في علوم جمة، عاملا بعلمه، زاهدا في الدنيا”.
وقال العز بن عبد السلام: “ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم والمغنى لابن قدامة”. وقال جلال الدين السيوطي: “كان صاحب فنون وورع وزهد وإليه المنتهى في الذكاء والحفظ وسعة الدائرة في العلوم، أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام، وأوسعهم مع توسعه في علوم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار.
وقال جلال الدين السيوطي:”كان صاحب فنون وورع وزهد وإليه المنتهى في الذكاء والحفظ وسعة الدائرة في العلوم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام وأوسعهم مع توسعه في علوم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار “.
وقال الإمام الذهبي: “الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف(…) الفقيه الحافظ، المتكلم، الأديب، الوزير الظاهري، صاحب التصانيف”. وقال عنه الفيروز آبادي: “إمام في الفنون وزير هو بعد أبيه للمظفر وترك الوزارة وأقبل على التصنيف ونشر العلم ومن تصانيفه كتاب التقريب في بيان حدود الكلام وكيفية إقامة البرهان في كل ما يحتاج إليه”. وقال عنه ابن كثير:”قرأ القرآن واشتغل بالعلوم النافعة الشرعية وبرز فيها وفاق أهل زمانه وصنف الكتب المشهورة”.
وقال عنه ابن العماد الحنبلي: “كان إليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن وسعة العلم بالكتاب والسنة والمذاهب والملل والنحل والعربية والآداب والمنطق والشعر مع الصدق والديانة والحشمة والسؤدد والرياسة والثروة وكثرة الكتب”. وقال ابن بشكوال: “في حقه كان أبو محمد أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان ووفور حظه من البلاغة والشعر والمعرفة بالسير والأخبار “.
ومن معارضية ومنتقديه، قال ابن تيمية منتقدًا ابن حزم: “وإن كان أبو محمد بن حزم في مسائل الإيمان والقدر أقوم من غيره وأعلم بالحديث وأكثر تعظيمًا له ولأهله من غيره، لكن قد خالط من أقوال الفلاسفة والمعتزلة في مسائل الصفات ما صرفه عن موافقة أهل الحديث في معاني مذهبهم في ذلك، فوافق هؤلاء في اللفظ وهؤلاء في المعنى”.
وقال أبو بكر بن العربي “وجدت القول بالظاهر قد ملأ به المغربَ سخيفٌ كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم، نشأ وتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه، وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، ينسب إلى دين الله ما ليس فيه”.
ألف ابن حزم في الأدب كتاب طوق الحمامة، وألف في الفقه وفي أصوله، وشرح منطق أرسطو وأعاد صياغة الكثير من المفاهيم الفلسفية، وربما يعتبر أول من قال بالمذهب الاسمي في الفلسفة الذي يلغي مقولة الكليات الأرسطية (الكليات هي أحد الأسباب الرئيسة للكثير من الجدالات بين المتكلمين والفلاسفة في الحضارة الإسلامية وهي أحد أسباب الشقاق حول طبيعة الخالق وصفاته). ذكر ابنه أبو رافع الفضل أن مبلغ تآليف أبي محمد هَذَا فِي الفقه والحديث والأصول والتاريخ والأدب وغير ذَلِكَ بلغ نحو أربع مئة مجلد تشتمل عَلَى قريب من ثمانين ألف ورقة.
وهذه قائمة بعض كتبه:
مؤلفات مفقودة
مؤلفاته حسب التصنيف
كتب فقهية
كتب في اللغة العربية وآدابها
يرتبط بمصنفات ابن حزم حادثة خطيرة طالما تكررت بالأندلس كلما ضاق أهلها بأحد ممن يخالفهم من العلماء، وهي إحراق كتبه علانية بإشبيلية، بيد أنها لم تفقد من جراء ذلك، فقد كان له جماعة من تلاميذه النجباء الذين قدروا فكره وحافظوا على كتبه التي كانوا يمتلكونها بنسخها ونشرها بين الناس، ولذا فعندما أحصاها ابن مرزوق اليحصبى وهو من المتأخرين وجدها ثمانين ألف ورقة، وهو نفس إحصاء أبي رافع الفضل في القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي،
وعن هذه المحرقة يقول شاهد عِيان على مشهد منها وقع في فاس، وهو المؤرخ المراكشي الذي يقول في كتابه “المُعجِب”: “أمر [المنصور] بإحراق كتب المذهب [المالكي]..، لقد شهدتُ -وأنا يومئذ بمدينة فاس- يُؤتى منها بالأحمال فتوضع ويُطلق فيها النار…، وكان قصده في الجملة محو مذهب مالك وإزالته من المغرب مرة واحدة، وحمل الناس على الظاهر من القرآن والحديث. وهذا المقصد بعينه كان مقصدَ أبيه (= أبو يعقوب ت 580هـ) وجده (= عبد المؤمن ت 558هـ)، إلا أنهما لم يُظهراه وأظهره يعقوب هذا”.
وترجع أسباب هذه الحادثة إلى الآتى:
وبالرغم من هذه المؤامرة التي ألمت بابن حزم فلم يتحقق للمعتضد ما كان يصبو إليه من كسر كبريائه وإذلاله، بل ظل الرجل يشمخ بمكانته وعلمه وعقله هنا وهناك دون ضعف ولا ذلة، لكنه آثر السلامة وغادر إشبيلية إلى قريته منت ليشم التي كان يمتلكها ويتردد عليها، وظل بها يمارس التصنيف والتدريس حتى وافته المنية.
في نهاية مسيرة علمية امتدت أربعة عقود (415-456هـ) بدأت بمأساة رجل دولة محطَّم الأحلام وانتهت بحصيلة معارف وافرة لإمام موسوعي ما زال يثير الاهتمام، توفي ابن حزم آخر شعبان سنة 456هـ في قرية “منت ليشم” ببادية لبلة، تاركاً مذهبًا شهد على انتشاره بالأندلس ألدُّ أعدائه.
ومن المفارقات العجيبة أن المذهب الظاهري – ممثلا في تراث ابن حزم- وجد بعد قرن من وفاته نصيرا سلطانيا له من دولة الموحدين التي أسقطت دولة المرابطين سنة 541هـ، وخاصة في أيام المنصور يعقوب الموحدي (ت 595هـ) الذي يروي المقّري – في “نفح الطيب”- أنه كان معجبا بابن حزم، وأنه وقف يوما على قبره ثم قال: “كل العلماء عيال على ابن حزم”! ولعل هذا الإعجاب هو الذي دفعه إلى “الثأر” لابن حزم من خصومه، فألزم الناسَ بالمذهب الظاهري وأمر سنة 591هـ بحرق كتب فروع الفقه المالكي، ليس في الأندلس فحسب وإنما في بلاد المغرب أيضا.
ورغم حياته العاصفة بالحروب وكروب التعصب طوال نصف قرن، فقد كان ابن حزم -رحمه الله- سمْحًا في وصف أخلاقه، وقد أطلعنا على جانب من رقته ولطفه يتنافى مع ما اشتهر عنه من الحدة والشدة، وهو اشتهار كانت عباراته القادحة في المخالفين سببا فيه، فهو يحكي في “طوق الحمامة” عن خصلة الوفاء لديه والأنْس بكل قريب منه، فيقول: “لا أقول قولي هذا ممتدِحًا [نفسي]، ولكن آخذاً بأدب الله عز وجل: ولقد منحني الله عز وجل من الوفاء لكل من يمتّ إليّ بِلَقْيَة واحدة، ووهبني من المحافظة لمن يتذمم مني ولو بمحادثة ساعة، حظًا أنا له شاكر وحامد..، وما شيء أثقل عليّ من الغدر”!
ولم يقتصر هذا الخُلُق على أصحابه وطلابه، وإنما عامل به أيضا مَن وقع في غرامها من النساء، وهي حبيبته أيام الصبا جاريتُه “نُعْم” التي نراه يتوجّع عليها متفجّعا على فقدانها؛ فيقول: “ولو قـُبِل فداءٌ لفديتها.. ببعض أعضاء جسمي العزيزة عليّ مسارعًا طائعًا، وما طاب لي عيشٌ بعدها، ولا نسيتُ ذكرها، ولا أنِسْتُ بسواها”!!
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين