يقترن الزواج في طاجكستان بعادات موغلة في القدم سواء في طريقة الخطبة، أو في مراسم الزواج، أو حتى في الأطعمة التي تقدم في حفل الزفاف.

تبدأ مراسم الزواج في طاجكستان عندما يحدد الشاب العائلة التي يريد أن يتزوج منها، حيث يذهب الشاب مصطحباً والدته إلى بيت العروس، لينظر إليها، فإذا أعجبته ألقى عليها موعظة تقليدية تختصر مواصفات الزوجة المثالية عند الطاجيك، تقول هذه الموعظة: “عليكِ أن تكوني امرأة صالحة، وأن تحترمي عائلتي، وأن تجيدي الطهي، وأعمال المنزل”.

لكن في القرى حيث يطغى الخفر على كل شيء، تُختار العروس من قبل الوالدين، ولا يراها الشاب إلا بعد حفل الزواج، إذ يعلق آماله غالباً على صدق أحاديث أمه وقريباته عن جمال العروس ودماثة أخلاقها.

وكما أن للخطبة طقوسها، فكذلك لحفل الزفاف طقوسه التي تبدأ قبل الحفل بثلاثة أيام، بما يسميه الطاجيك “خبر الحطب”، إذ يستعين الشاب بـ20 أو 30 من أصدقائه في جمع الحطب من الجبال وحملها إلى بيته، حيث تستقبلهم أم العريس، ويحتفي بهم الجيران بتقديم الحلويات والأهازيج. فللحطب أهمية كبيرة في مراسم الزواج عند الطاجيك، نظراً للأنواع المختلفة من الخبز والسمبوسة والحلويات التي يتم إعدادها بأفران تعتمد كلياً على الحطب.
ويأخذ الطاجيك موضوع الزواج ببساطة كبيرة، خاصة بعد صدور تشريعات حكومية عززت هذه البساطة، إذ تلزم العادات الطاجيكية العريس فقط بإحضار كمية معينة من القطن تكفي لحشو 10 وسائد، و12 فراشا بأحجام مختلفة، فيما يتراوح المهر عادة ما بين 300 إلى 500 دولار أمريكي.

أما تكاليف الأطعمة المقدمة في حفل الزفاف، فهي قابلة للتفاوض، حيث جرت العادة بأن يحضر العريس أو أسرته إلى بيت العروس شاة واحدة و30 إلى 50 كيلوجراما من الأرز، و50 كيلو من الجزر، و50 لترا من الزيت، و20 كيلو من البصل، ومثلها من الزبيب، وذلك من أجل إعداد أطباق “آشِ بَلَو” الشهية التي تشتهر بها طاجيكستان، وتقديمها في الحفل.

وقبل يوم من حفل الزفاف الذي يقام عادة السبت أو الأحد، ينظم واحد من أقدم طقوس الطاجيك في الزواج، وهو “داماد طلبان” أي “طلب العريس”، حيث يذهب الشاب مع أصدقائه إلى بيت العروس، وحين يأخذ الجميع أماكنهم على المائدة المعدة لهم يظل العريس واقفا، إلى أن تقدم له هدية ثمينة، وعندما يقول له أبو العروس محاولاً إجلاسه: “أعطيتك ابنتي فهي أغلى من كل الهدايا”، يهتف به رفاقه: “لا لا، لا تجلس” وهكذا إلى أن يقدم والد العروس الهدية، وعندها فقط يجلس الشاب مع أصدقائه، حيث تستضيفهم أسرة العروس بأشهى الأطباق المكونة من الأرز البخاري المختلط باللحم مع قليل من المرق.

وفي صباح يوم الزواج يذهب العريس مع دائرة صغيرة من أصدقائه إلى بيت العروس لإتمام خطبة النكاح، وبعد إتمام الخطبة يتناول العروسان الحلوى، ثم تبدأ مراسم حفل الزواج، بتقسيم أصدقاء العريس إلى مجموعتين، الأولى تبقى في بيت العريس لخدمة الضيوف، والأخرى ترافق العريس إلى بيت العروس.

وحينما يصل العريس مع أصدقائه إلى بيت العروس، ينشدون بصوت واحد أهزوجة طاجيكية قديمة، تقول كلماتها:
أقول لكم أخرجوها
أقول لكم أخرجوا لي عروسي!
وإن تكن أمها لا تريد إخراجها
فليخرجها أبوها!
وهكذا يستمرون في الإنشاد إلى أن تخرج العروس، ومن ثم يصطحبوها إلى بيت العريس.

وعندما يصل العروسان إلى بيت العريس يتكرر طقس “داماد طلبان” ولكن بشكل مقلوب هذه المرة، حيث ترفض العروس دخول غرفتها إلا بعد أن تقدم لها هدية نفيسة، وعندما يقول لها والد العريس، محاولاً إدخالها: “لقد قدمت لك أغلى ما كان عندي.. حياتي، ولدي”، يهتف بها أقاربها من خلف الباب: “لا لا، لا تدخلي”، وهكذا إلى أن يقدم والد العريس الهدية، وعندها فقط تدخل العروس غرفتها، أما الهدية فلا تؤول إلى أهلها، ولكنها تستخدمها في حياتها المشتركة مع زوجها.