تبنت الشركات الكبيرة والصغيرة في السنوات الأخيرة عامل المهارات كمفتاح للنجاح في مجتمع الأعمال سريع التطور. وفي الوقت الذي تتطلع فيه المؤسسات إلى إعداد قواها العاملة للمستقبل، أصبحت الحاجة لمسارات التعليم ضرورة ووسيلة للتطوير بهدف الوصول لمستويات عالية الجودة.

مسارات التعليم هي سلسلة من التجارب التعليمية الموجهة نحو تحقيق الأهداف وصممت لتعزيز النمو لدى الأفراد والمؤسسات. تقلل مسارات التعلم من نتائج التحليل الصفرية التي لا تؤدي إلى نتائج ملموسة كما تقلل من فرص إضاعة الوقت عبر تقديم خارطة طريق للنجاح الوظيفي.

تعد مسارات التعليم طريقة فعالة لسد ثغرة نقص بعض المهارات لدى المؤسسات والاستفادة المثلى في استثمار المواهب والقدرات المتوفرة دون عناء البحث عن موظفين جدد، وذلك من خلال توفير مسارات للتعليم مصممة خصيصا لتعزيز المهارات المطلوبة والناقصة، ويمكن أن يساعد هذا النوع من التعليم على تطوير وبناء القوى العاملة كلما زادت الحاجة إليه.

وتتعدى فائدة مسارات التعليم المستويات التنظيمية لتصل إلى المتعلمين أيضا، فمع وجود عدد من برامج التعليم المتعددة والمتنوعة الوسائل والمناهج، فإن مسارات التعلم المصممة بعناية تتميز عن غيرها بتقديم سلسلة واضحة من الخطوات تدعم الموظفين وتساعدهم في تحقيق أهدافهم.

هناك عامل مهم في نجاح البرنامج التدريبي هو كيفية تقديمه، فمن الأسهل قيادة المتعلمين عندما يعلمون الوجهة ونقطة الانطلاق ، وإلى أين يذهب بهم البرنامج ، وسوف يتفاعلون بحماس حتى يصلوا إلى نقطة الانتهاء وسيحفزهم على العمل.

أفضل البرامج التعليمية

عندما تتوفر الموهبة المطلوبة داخل المؤسسة فإنها تساهم في نقلها إلى المستوى التالي، وهنا يأتي دور مسارات التعلم كأداة فعالة لإطلاق تلك الإمكانات غير المستغلة.

الإشكالية تكمن في تسبب الثقافة المؤسسية – بقصد أو دون قصد – في إخفاء مهارات بعض الموظفين وإغفال مؤشرات حاجتهم للنمو الشخصي وبالتالي إختفاء فرصة تطوير واستثمار هذه المواهب والقدرات.

درس عالم النفس ومستشار التطوير المهني روبرت كيجان كيف تؤثر الثقافة المؤسسية على عقليات الموظفين حول الفشل حيث اكتشف أن الناس يشعرون بأنهم مجبرين على إخفاء نقاط ضعفهم لأن ذلك سيضطرهم للحديث عن المجالات التي يحتاجون فيها لمزيد من التدريب والتطوير مما يسبب لهم نوع من الإزعاج ، خاصة إن هذه الاحتياجات لا يتم تلبيتها مما يعوق العملية الإنتاجية ويبطئ من معدلات النمو.

عندما تقدم برامج التعليم والتطوير مجموعة متنوعة من مسارات التعلم وتسمح للاختيار فيما بينها، فإنها تمنح الموظفين الحرية والاستقلالية في تطوير مسارهم المهني. تقلل مسارات التعلم المصممة بعناية من إهدار الوقت من خلال تقديم خارطة طريق واضحة للنجاح.

في هذه البيئة التعليمية يمكن لجميع أعضاء المؤسسة الحصول على فرصة تحسين مهاراتهم ومعالجة المجالات التي يمكنهم فيها الاستفادة عبر التدريب الإضافي. ويمكنهم أيضا استكشاف كفاءات جديدة ومعرفة ما إذا كانو يمتلكون ما يلزم لتجربة دور مختلف تماما إلى جانب استخدام تنسيق عند الطلب، إليك بعض أفضل الممارسات الإضافية التي يمكن لمحترفي التعلم استخدامها لتطوير مسار تعليمي عالي التأثير.

موارد عالية الجودة

عند تنظيم الموارد لمسارات التعليم ، يعد استخدام محتوى عالي الجودة أمرا حيويا لمشاركة المتعلم. يقدم يوتيوب وتيك توك ملايين مقاطع الفيديو مع دروس أساسية إلى متقدمة في كل مجموعة مهارات يمكن تخيلها ، لذلك طور المتعلمون توقعات جديدة تحدد المحتوى عالي الجودة. يمكن لفرق التعلم والتطوير تلبية احتياجاتهم من خلال الحفاظ على نبض تفضيلات المتعلم والبقاء على اطلاع على أفضل مزودي المحتوى في فئتها.

دمج المحتويات

هناك طرق متعددة لتقديم محتوى خاص بمسارات التعليم – الموازية أو التكميلية – سواء كانت بهدف دعم تنمية المهارات الضعيفة أو تدريس المهارات التقنية. ربما يكون التعليم الإلكتروني الذي يتضمن مزيجا تكميليا من المقالات ومقاطع الفيديو والبودكاست والرسوم البيانية هو الأكثر شيوعا.

مقالة من هارفارد بيزنس ريفيو تنص على أن تقديم المحتوى في مجموعة متنوعة من التنسيقات “سيبقي المتعلمين مشاركين ومتفاعلين لفترة أطول، ويزيد من نسبة تذكر هذه المفاهيم، ويلبي مجموعة واسعة من تفضيلات التعلم.”

بناء جسور العلم

يقول تشارلز دويج مؤلف كتاب “أذكى أسرع أفضل“: “عندما أتعلم معلومة جديدة  فسأتذكرها عندما أعرف آلية ربطها مع معلومات سابقة. كلما ساعدنا الناس على بناء جسور للمعرفة حول الحقائق والأرقام الجديدة أو الأفكار الجديدة ، كلما سهلنا عليهم مهمة استخدام هذه المعلومات في المستقبل.”

أهمية التواصل  

تتطلب مسارات التعليم فهما خاصا لكيفية إشراك البالغين على أفضل وجه، فالكبار هم أكثر حماسا للانخراط في التعلم عندما يكون البرنامج وثيق الصلة بهم، وعندما يفهمون العائد من البرنامج .

في البداية يجب التأكد من وضوح نقل رسالة وهدف البرنامج وما سيتم إنجازه بعد إكمال البرنامج ، ومن ثم تسليط الضوء على أهمية هذا النوع من البرامج التعليمية من خلال ربطه بالمهام الوظيفية وأهداف العمل.

الحافز والدافعية

بالإضافة إلى تسليط الضوء على أهمية هذا النوع من البرامج التعليمية، يمكن للقائمين عليها عمل تصاميمم معينة بهدف الاحتفال بانجازات المنتسبين فعلى سبيل المثال، عند إكمال الدورة التدريبية، يتلقى المشترك شارة رقمية أو شهادة مصممة بشكل جميل وقابلة للتنزيل ومن الممكن إضافتها للسيرة الذانية .

ملاحظة أخيرة

يمكن لمسارات التعليم إعداد الموظفين لتحمل مسؤولية أكبر ، أو التأهل لدور جديد، أو اكتساب عادات ومهارات أفضل نحو تحسين الأداء، كما يجب أن تكتسب برامج التعليم والتطوير فهما عميقا لأولويات العمل حتى يتم اختيار أفضل مسار تعليمي يعين على البناء وإصلاح الخلل بشكل صحيح بالإضافة إلى تضييق فجوة قلة المهارات داخل المؤسسة.

يمكن أن تقدم مؤشرات الصناعة أيضا بعض الأفكار والمقترحات. على سبيل المثال ، تجري شركة ماكينزي أبحاثا مستمرة حول اتجاهات الأعمال التي أسفرت مؤخرا عن قائمة تضم 56 مهارة أساسية لمستقبل العمل.

أيا كانت القدرات التي يدرسونها، فإن مسارات التعليم هي أدوات حاسمة للتطوير المهني المستمر ويمكن استخدامها كعنصر مركزي في أي برنامج تدريبي، كما توفر للموظفين فرصة لاستكشاف وممارسة مهارات جديدة، وتغرس بذرة النمو المستدام في جميع مستويات المؤسسة.