هو الإمام الفقيه الحافظ سفيان بن سعيد بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن موهبة بن أبي بن عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، والكعرف بـ سفيان الثوري ، سيد أهل زمانه في علوم الفقه والحديث والتفسير.
ولد ونشأ في الكوفة، عام 95 للهجرة وقيل سنة 97 للهجرة، ترعرع في بيت علم ودين فوالده هو سعيد بن مسروق أبو سفيان من محدثي الكوفة الثقات، وأمه كانت ذات زهد وورع، ذكرها ابن الجوزي والمناوي في الصالحات المتورعات من النساء، ونقلا عنها كلمة جديرة بأن تحفظها امهات المسلمين جيلا بعد جيل، ويلقينها على أولادهن مرة بعد اخرى.
سلك سفيان الثوري مسلك أبيه في طلب الحديث والفقه كما طلب العلم على عدد من علماء تلك الفترة منهم: إبراهيم بن ميسرة ، وجبلة بن سحيم ، وجعفر بن برقان ، وجعفر الصادق ، وجعفر بن ميمون ، وحبيب بن أبي ثابت – وهو من كبار شيوخه – وحبيب بن الشهيد والحسن بن عبيد الله ، والحسن بن عمرو الفقيمي ، و وإسماعيل السدي ، وإسماعيل بن كثير ، والأسود بن قيس . وأشعث بن أبي الشعثاء ، والأغر بن الصباح ، و، وبرد بن سنان، عمرو بن دينار ، وعمرو بن عامر الأنصاري ، وعمرو بن قيس الملائي ، وعمرو بن مرة ، وعمرو بن ميمون بن مهران ، وعمير بن عبد الله الخثعمي وأبو الزبير محمد بن مسلم ، ومحمد بن المنكدر وخلق غيرهم من مشائخ الكوفة والبصرة والحجاز.
ويقال : إن عدد شيوخه ست مائة شيخ ، وكبارهم الذين حدثوه عن أبي هريرة ، وجرير بن عبد الله ، وابن عباس ، وأمثالهم ، وقد قرأ الختمة عرضا على حمزة الزيات أربع مرات.
ولما انتشر صيته في بلاد الاسلام، رحل إليه طلبة الحديث والفقه، وكثر اجتماعهم عنده حتى انه لم ينقطع حين كان مختفيا في مكة المكرمة، والبصرة – ذكر ابن ابي حاتم والخطيب وغيرهما من اشتهر من تلامذته وذكروا فيهم شعبة، والإمام مالك بن أنس، ويحيى بن سعيد القطان، والأوزاعي، وابن المبارك، وسفيان بن عيينة.
كان سفيان الثوري يحتل مرتبة عالية عند أهل الحديث، ذكره ابن سعد، وابن أبي حاتم ، والخطيب، والذهبي، والعسقلاني في كتبهم أكثر ما قال أرباب الجرح والتعديل في سفيان وشأنه في الحديث – ومن جملتها: قال شعبة، وابن عيينة، وأبو عاصم، وابن معين، وغيرهم: (سفيان أمير المؤمنين في الحديث).
وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف ومائة شيخ – ما كتبت عن أفضل من سفيان – فقال رجل: (ابا عبد الرحمن، رأيت سعيد بن جبير وغيره، وتقول هذا؟ قال ابن المبارك: (هو ما اقول – ما رأيت أفضل من سفيان) – وقال ابن عيينة: لم يدرك مثل ابن عباس في زمانه، ولا مثل الشعبي في زمانه، ولا مثل الثوري في زمانه.
كما اعتبر سفيان الثوري – رحمه الله – من أكابر مفسري عصره. وكان علمه بالقرآن واسعا جدا، حتى كان يأخذ المصحف، فلا يكاد يمر بآية الا فسرها، وكان يقول: سلوني عن المناسك والقران، فإني بهما عالم.
له من الكتب (الجامع الكبير) و (الجامع الصغير) كلاهما في الحديث، وكتاب في (الفرائض) ، إضافة إلى تفسيره المميز لبعض آيات وسور القرآن (تفسير سفيان الثوري) .