اقرأ أيضا:
وفي كتاب عمل اليوم والليلة لِلنَّسَائِيِّ، «عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نَسْتَغْفِرُ؟ قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَتُبْ عَلَيْنَا، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».
وفيه «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.» [جامع العلوم والحكم]
ويأتي في القمة من هذه الأدعية قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ” قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» [صحيح البخاري]
كان هذا الدعاء سيدا للاستغفار لأنه جمع معاني التوبة وجمع بين حسن الثناء على الله تعالى والاعتراف من العبد بالضعف والحاجة وهذا أعلى درجات الاستكانة لله تعالى وطلب ما بين يديه من الخير، أورد الإمام البخاري هذا الحديث في فضل الاستغفار.
وللاستغفار فضائل كثيرة منها:
محو الخطايا وزيادة الأرزاق {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا(10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } [نوح: 10- 12]
وفي ” سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ” قَالَ: النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «مَنْ أَكْثَرَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ».
وتذكر للميثاق الذي بين الرجل و أهله {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } [النساء: 20، 21]
الاستغفار كما قدمنا يكون بالقول والفعل، فمن أساء للخلق عليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها وأن يسترضي من أساء إليهم ويطلب من الله تعالى أن يطيب خواطرهم. نقل الإمام ابن الملقن عن أبي نعيم قوله: “الاستغفار يكفر الذنوب التي لا توجب على مرتكبها حكمًا في نفس ولا مال، وإن كان ذنبه من الكبائر، وأما من أوجب عليه في نفسه وماله حكمًا؛ لارتكابه ذلك الذنب، فالاستغفار لا يجزئه من دون إقامة ذلك الحكم والخروج منه” [التوضيح لشرح الجامع الصحيح]
ونبَّه الشيخُ شمس الدين الجَزَرِيّ على الفرق بين التوبة والاستغفار، بأنَّ التوبةَ لا تكون إلَّا لنفسه، بخلاف الاستغفار، فإنه يكونُ لنفسه ولغيره. وبأنَّ التوبةَ: هي الندمُ على ما فَرَطَ منه في الماضي، والعزمُ على الامتناع عنه في المستقبل. والاستغفارَ: طلبُ الغفران لِمَا صَدَرَ منه، ولا يَجِبُ فيه العزمُ في المستقبل.[فيض الباري على صحيح البخاري]
الاستغفار ليس عمل أصحاب الخطايا فحسب بل هو عمل الصالحين من عباد الله تعالى {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 17- 18].
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين