الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل، القرشي العدوي، ولد بمكة في السنة الثالثة من بعثة النبي ﷺ (10 سنوات قبل الهجرة ) يكنى أبا عبد الرحمن أمه زينب بنت مظعون أسلم صغيرا، وهاجر إلى المدينة مع أبيه وهو ابن إحدى عشرة سنة.
اشتهر ابن عمر بحرصه على اتباع سنة رسول الله ﷺ والتأسي به. وكان يحضر مجالس رسول الله ﷺ، ويسأل من حضر إذا غاب عنها.
عرض على رسول الله يوم بدر ويوم أُحد فاستصغره، وأجازه يوم الخندق وهو يومئذٍ ابن خمس عشرة سَنَةٍ، فشهد الخندق وما بعده مع رسول الله ﷺ ، وشهد بعده اليرموك وفتح مصر وشمال أفريقيا.
روى عن رسول الله صلَى الله عليه وسلم، وروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي ذر ومعاذ وعائشة وغيرهم. وروى عنه خلق كثير، منهم جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأولاده سالم وعبد الله وحمزة وبلال، ومولاه نافع، وأسلَم مولى عمر، وابن أخيه حفص بن عامر.
وروى عنه من كبار التابعين سعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص، وأبو عبد الرحمن النهدي، ومسروق، وجبير بن نفير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وروى عنه ممن بعدهم عبد الله بن دينار، وزيد وخالد ابنا أسلم، وعروة بن الزبير، وبشر بن سعيد، وعطاء، ومجاهد، ومحمد بن سيرين، وغيرهم.
وتتضح خدمته في نقل الحديث النبوي، فقد رُوي عنه [2630] حدِيثا، أخرج له الشيخان البخاري ومسلم [280] حدِيثا، اتفقا على [168 حديثا منها، وانفرد البخاري بـ[81] حديثا، ومسلم بـ[31] حدِيثا، وأحاديثه في الكتب الستة، والمسانيد، وسائر السنن.
وعرف ابن عمر بالزهد والتقوى والعبادة، وشهد رسول الله ﷺ: “نعم الرجل عبد الله ” وفي رواية ” إن عبدالله رجل صالح “.
وكان كثير التواضع والتسامح والرحمة والكرم، يكثر التصدق بما يشتهيه من الطعام ويتقرب إلى الله بما يعجبه من ماله، أتته في ليلة عشرة آلاف درهم، ما بات حتى وزعها، وكان في مجلس فأتى ببضعة وعشرين ألفًا فما قام من مجلسه حتى فرَّقَها وزاد عليها، وقد ينفد ما معه فيستدين ليعطي ذوي الحاجات. وكان لا يأكل طعامًا إلا على خوانه يتيم، وما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو يزيد.
رشحه بعض الصحابة للخلافة بعد أبيه، فأبى عمر وجعلها شورى بين الستة، فوقف عبد الله بن عمر بعيدا عن جميع الفتن، وتفرغ للعلم والعبادة. لذلك كان من المكثرين من الرواية، وساعده على هذا تقدم إسلامه، وطول عمره، ومخالطته للرسول ﷺ، فقد كانت أخته حفصة زوجة النبي ﷺ فسهل عليه دخوله وخروجه على الرسول الكريم.
توفي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما بمكة بعد الحج سنة ثلاث وسبعين عن أربعة وثمانين عاما.