التفاعل العاطفي ضد حملات الإساءة لنبينا محمد ﷺ دليل محبة له، ولتذكية هذه العاطفة وزيادة هذه المحبة واستثمار هذا التفاعل استثماراً طويل الأمد وكثير الأثر؛ علينا أن نعزز صلتنا بسيرة ذلك النبي الكريم ونفعل علاقتنا به، وذلك بتخصيص ولو ربع ساعة يومياً للقراءة في كتاب من كتب السيرة النبوية الموثوقة قراءة تفاعلية نستنبط منها الدروس والفوائد والعبر وننزلها في واقعنا.
ولنبشر حينئذ بالبركة في أوقاتنا وأرزاقنا وبيوتاتنا وعلاقاتنا وأعمالنا ومجتمعاتنا وأحوالنا كلها. كيف لا وسيرته العطرة تجسد الكمال الإنساني بكل ما تحمله كلمة “الكمال الإنساني” من دلالات، وتبرز الأسوة الحسنة في كل مجال (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
وإن مما يؤكد الحاجة لتفعيل الصلة بالسيرة العطرة ما قاله الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – في مقدمة كتابه فقه السيرة من “أن المسلمين الآن يعرفون عن السيرة قشوراً خفيفة، لا تحرك القلوب، ولا تستثير الهمم، وهم يعظمون النبي ﷺ وصحابته عن تقليد موروث ومعرفة قليلة، ويكتفون من هذا التعظيم بإجلال اللسان، أو بما قلت مؤنته من عمل. ومعرفة السيرة على هذا النحو التافه تساوي الجهل بها.
إنه من الظلم للحقيقة الكبيرة أن تتحول إلى أسطورة خارقة، ومن الظلم لفترة نابضة بالحياة والقوة أن تعرض في أكفان الموتى.
إن حياة محمد ﷺ ليست- بالنسبة للمسلم- مسلاة شخص فارغ، أو دراسة ناقد محايد، كلا كلا؛ إنها مصدر الأسوة الحسنة التي يقتفيها، ومنبع الشريعة العظيمة التي يدين بها، فأي حيف في عرض هذه السيرة، وأي خلط في سرد أحداثها إساءة بالغة إلى حقيقة الإيمان نفسه”.