اقرأ أيضا:
وأما الشفتان اللتان يَستكمل وجه الإنسان بهما جماله وإحساسه وقدرته على النطق فهما مليئتان بالأوعية الدموية التي تتفرّع بكثافة عالية في الأغشية المخاطية المكوِّنة لهما، ولذلك تبدوان باللون الأحمر، وهناك حزمة متمركزة من العضلات اللافّة حول الشفتين لتمثّل واحدة من مجموع العضلات المعقّدة المعينة على النطق بالكلام، والمحدِّدة لتعبيرات الوجه، وتؤدي الشفتان في الإنسان دوراً مهماً في النطق، فعند الكلام تجمع الحبال الصوتية في مكان واحد، وتهتزّ جراء حركة تيار الهواء الخارج عند الزفير، كما يتحرك كل من اللسان والشفتين والأسنان فيتمكن الإنسان من النطق بالكلام.
وكذلك صمّمت القدرة الإلهية المبدعة كلاً من الأنف والفم في الإنسان على أن يعطيا جميع المواصفات الخاصة بإطلاق الصوت، وفي الوقت الذي تبدأ فيه الكلمات بالخروج من الفم بسلاسة فإن اللسان يأخذ وضعاً من الاقتراب والابتعاد من سقف الفم بمسافات محددة، وتتقلص الشفتان أو تتوسعان، ويتحرك في هذه العمليات العديد من العضلات بشكل سريع حتى يتحقق النطق عند الإنسان، ولولا هذا البناء المحكم بجهاز النطق ما استطاع الإنسان الكلام على الإطلاق، ومن هنا يمنُّ الله الخالق البارئ المصور على الإنسان بقوله: ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [سورة البلد: 8-10].
وهل يمكن لعاقل أن يتصور خلق أجهزة الكلام المعقّدة في الإنسان بغير تقدير الله؟
وهل يمكن أن يقدّر الله سبحانه للإنسان هذا كله ثم لا يعلّمه لغة يعرف بها أسماء الأشياء؟
ومن هنا يأتي هذا النص القرآني: “وعلّم آدم الأسماء كلها”.
معجزة علمية حقيقية، كما يأتي معجزة إنبائية غيبية، تشهد للقرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية، بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وحفظه بعهده الذي قطعه على ذاته العليّة في نفس لغة وحيه –اللغة العربية-وحفظه دون نقصٍ أو زيادةٍ واحدةٍ على مدى أربعة عشر قرناً أو يزيد، وتعهّد بهذا الحفظ تعهّداً مطلقاً إلى أن يشاء الله، حتى يبقى القرآن الكريم حجّة الله البالغة على الخلق أجمعين إلى يوم الدين.
المصادر والمراجع:
1. زغلول النجار، من آيات الإعجاز الإنبائي والتاريخي، 1/95.
2. علي الصلابي، قصة بدء الخلق وخلق آدم عليه السلام، ص 413-416.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين