اقرأ أيضا:
يقف المتتبع للنصوص الشرعية على الآتي:
- نصوص عامة تطمئن المسلم بأن الله هو الرازق، لا أحد غيره!
- نصوص تشترط –أو تفضّل- القدرة على النفقة للزواج والإنجاب!
نصوصٌ تبين أن رزق العيال على الله منها ما يأتي:
- “وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ”. فبما أن الفقر هو سيد الموقف فالله يرزقكم أنتم أولا لتطمئنوا ويرزق عيالكم من بعد.
- “وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم”. أما إذا لم يكن الفقر سيد الموقف، إنما قلق وتوجس من أعباء الولد لمّا يولد، بدءا بنفقات الحمل والولادة والعقيقة وما يتبع من نفقة المسكن ومعداته وكسوة وإطعام وتطبيب إلخ. القرآن يقول اطمئنوا سنرزقهم مثلما نرزقكم!
طبعا، هاتان الآيتان في الولد الموجود فعلا، فهو قتل وزهق للنفس، ولا تتحدث الآيتان عن مسمى “تنظيم النسل” أو عدم الإقبال أساسا على الزواج أو الإنجاب؛ إذ القتل يكون بعد حياة، يؤيده أثر سيدنا علي رضي الله عنه في أن الوأد يكون بعد التارات السبع..!
- تزوّجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة. فهل الكثرة متعلق بالقدرة المالية أم هو كثرة مطلقة، لا حضور للقدرة على النفقة هنا؟
- “وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ”.
- “وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”.
- “وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ”.
وملخص الدلالة المباشرة من هذه الآيات هو أن كل ما يحصل عليه الإنسان ويتمتع به في هذه الحياة فمن الله الرازق، لأنه المالك المعطي، ولا مدبر غيره. ولا ينكر مسلم هذه الحقيقة، لأن الرزاق من أسماء الله؛ لكن هل هذه الحقيقة تقرّ إقبالَ من لا يستطيع دفع المهر ولا القيام بواجب نفقة الأولاد على الزواج؟
نصوص تربط الزواج والإنجاب بالقدرة المالية منها:
- ” وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف”. فرزق العيال على رب الأسرة.
- “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّل اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ”. فهل تهمَل النفقة وهي سبب القوامة؟
- “وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ”. فمن لا يستطيع النفقة يستعفف حتى حال يَسار.
- “من استطاع منكم الباءة فليتزوّج..” حث على الزواج مع القدرة على النفقة، وإلا فالصوم.
- { ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا } أي أدنى ألا تكثر عائلتكم، فتفقروا. قاله زيد بن أسلم وسفيان بن عيينة وثعلب وابن الأنباري والشافعي.
- جاء في فتح الباري: “وقيل المراد بجهد البلاء قلة المال وكثرة العيال كذا جاء عن بن عمر والحق أن ذلك فرد من أفراد جهد البلاء”. وورد في شرح صحيح مسلم للنووي: ” وأما جهد البلاء فروي عن بن عمر أنه فسره بقلة المال وكثرة العيال”. وقال عَمْرَو بن الْعَاصِ في خُطْبَتِهِ: “يا مَعْشَرَ الناس إيَّاكُمْ وَخِلاَلاً أَرْبَعًا فَإِنَّهُنَّ يَدْعُونَ إلَى النَّصَبِ بَعْدَ الرَّاحَةِ وَإِلَى الضِّيقِ بَعْدَ السَّعَةِ وَإِلَى الْمَذَلَّةِ بَعْدَ الْعِزَّةِ إيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْعِيَالِ..”.
يجد المتتبع أنه يُغلّبُ بعض العلماء النصوص العامة المبنية أن الله هو الرزاق على الآيات التي تربط الزواج بالقدرة على النفقة. وكأن لسان حالهم هو: (تزوجوا مثنى وثلاث ورباع، وأنجبوا من الأولاد ما لا حصر لهم، سواء وضْعكم المادي يسمح أو لا؛ لأن الله هو الرازق، والنبي صلى الله عليه وسلم يباهي الأمم بأمته). بينما يغلّب علماء آخرون حالة الباءة وأهلية تحمّل أعباء الأسرة أجمل تحمّل قبل الإقدام على الزواج أو التعدّد أو الإكثار من الأولاد.
أخيرا، لعل كثرة العيال مع القدرة على تحمّل تبعات النفقة مَحْمودة اتفاقاً، فتراعى الجودة بجانب الكثرة؛ عملا بحديث: “فإني مكاثر بكم الأمم” وبآيات الرزق، لكن لا تأتي الكثرة على حساب الجودة “أمن قلة نحن يا رسول الله، قال لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل”. فقليل مؤثر وذو جودة خير من كثير غير مؤثر أو بلا جودة، ولا يخفى عليك وضع الأمة الإسلامية في إحصاءات العالم من حيث الأمن والتعليم والاقتصاد والإنتاج وغيرها.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين