اقرأ أيضا:
من الواضح الآن أن القرآن لا يتكلم عن صنف كامل يقابل الصنفين الآخرين، وإنما يتكلم عن نفر محدودين ومعيّنين من أولئك الذين علم الله تعالى أنهم لن يؤمنوا، وأنهم قد خُتم على قلوبهم وعلى سمعهم بسبب كبرهم وعنادهم وسوء خُلقهم؛ بمعنى أن فواتح البقرة تكلمت عن الذين بلغتهم الدعوة كاملة نقية وقامت عليهم الحجة، ثم اتخذوا موقفاً واضحاً وحاسماً منها. أما باقي شعوب الأرض من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، فقد جاء الحديث عنهم بعد هذا التصنيف مباشرة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)، وجاء مثله وشبهه في آيات كثيرة مثل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ)؛ (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ)؛ (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ).
إن القرآن يعلّمنا هنا أدب الحوار، وأدب الخطاب، هكذا قال نوح لابنه: (يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا)، وقال إبراهيم لأبيه: (يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ)، وقال كل نبي لقومه: (يَا قَوْمِ)، وها هو القرآن يخاطب الناس كل الناس: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ).
إنه خطاب الله إلى خلقه، وخطاب المؤمنين إلى هذا العالم؛ الخطاب بالمشتركات الإنسانية التي تنصب جسور التواصل والتعاون وتردم فجوات العنصرية والكراهية.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين