ربما يتساءل كثير من المسلمين عن حياة الرسول في رمضان، وكيف كان ﷺ يصوم في رمضان، وكيف كان يتسحر؟ وكيف كان يفطر؟ وكيف كان يقضي يومه فيه؟في هذه المادة سنعيش يوما مع حياة الرسول في رمضان لنكتشف ماكان يقوم به ﷺ في رمضان.
لقد كان النبي ﷺ ينوي الصيام كل يوم، وكان يتسحر مع إحدى زوجاته، يأكل قليلا من الطعام، ربما كان يتسحر على تمرات أو شيئا قليلا من الطعام، مع شرب الماء، وكان أحيانا يتسحر مع بعض الصحابة، ففي الصحيح أنه تسحر هو وزيد بن حارثة – رضي الله عنه- ثم بعدما ينتهي من السحور قام إلى صلاة الفجر، ولم يكن بين سحوره وصلاته إلا قدر ما يقرأ الإنسان خمسين آية من القرآن. ولعله تسحر النبي ﷺ ثم صلى سنة الصبح ركعتين خفيفتين، وينتظر في بيته، حتى يستأذنه بلال في إقامة الصلاة، ثم يخرج النبي ﷺ من حجرات نسائه، لأنها لصيقة بالمسجد، فيصلي بالناس صلاة الصبح.
حياة الرسول في رمضان .. حتى طلوع الشمس
في حياة الرسول في رمضان، كان يجلس ﷺ في المسجد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، فينتظر قرابة الثلث ساعة أو يزيد ثم يصلي ركعتين، وأخبر أن من فعل هذا كمن حج واعتمر وله الثواب كاملا.
وكان – ﷺ- في بيته مع زوجاته في خدمتهم، بل كان يلاطفهن ويداعبهن حتى في رمضان، بل إنه ربما كان يقبل زوجاته وهو صائم، وهذا شيء خاص برسول الله ﷺ..
في حياة الرسول في رمضان كان النبي قبل المغرب يقول أذكار المساء وبعض الأدعية، فإذا أذن للمغرب طلب من زوجاته أن يأتوا له بالفطور، فكان يفطر قبل أن يصلي المغرب، وكان يفطر على رطبات، فإن لم يجد فتمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: ” كان رسول الله – ﷺ – يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات فإن لم تكن حسا حسوات من ماء.

في حياة الرسول في رمضان، كان النبي ﷺ يصلي بعد إفطاره فريضة المغرب في المسجد، ثم يعود إلى بيته، فيصلي سنة المغرب البعدية، ويجلس مع زوجاته، حتى إذا أذن للعشاء يصلي السنة القبلية في بيته، ثم يخرج يؤم الناس في صلاة العشاء، وقد صلى التراويح بالصحابة في المسجد ثلاث مرات، ثم لم يخرج إليهم خشية أن تفرض عليهم، فكان يرجع إلى بيته، ويصلي من الليل ما شاء الله تعالى له، فكان يطيل الصلاة.
ما كان يزيد على 11 ركعة
وقد سئلت السيدة عائشة – رضي الله عنها – كيف كانت صلاة رسول الله – ﷺ – في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً..
ثم إذا انتهى من الصلاة نام ﷺ قبل أن يصلي الوتر، فتسأله عائشة – رضي الله عنه: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي. وذلك أن من السنة أن لا ينام الإنسان حتى يصلي الوتر قبل نومه، لكن هذه خصوصية للرسول عليه الصلاة والسلام.
وكان من عادته ﷺ أنه ربما جامع زوجته في ليل رمضان، ثم ينام ولا يستيقظ حتى يؤذن للفجر، فيقوم وهو جنب، فيغتسل ثم يذهب لصلاة الفجر.
وهو هنا ﷺ يعلم الأمة، أن الصيام إنما هو في نهار رمضان، وليس الليل وقت صيام، أو امتناع عن المباحات، إنما الامتناع يكون بالنهار دون الليل.
وكان ﷺ يشغل نفسه في رمضان بقراءة القرآن والصلاة والذكر والصدقة والصيام، ولا يأكل إلا قليلا، وربما كان يواصل الصيام يومين وثلاثة، ويقول:” إنما أبيت عند ربي يطعمني ويسقين”.
ومن بين الأمور التي تميز حياة الرسول في رمضان، أنه كان ﷺ يضرب المثل في الصبر على الجوع، ويعلم أمته أن رمضان ليس شهر أكل وشرب ولهو كما هو الحال في كثير من بيوت المسلمين، وإنما يعلمهم – ﷺ- أنه شهر عبادة وطاعة لله تعالى.

وكان النبي ﷺ يصلي قيام الليل في بيته بعد أن ترك صلاة القيام في المسجد خشية أن تفرض، ولما كان آخر أيام من رمضان، عاد فجمع بناته ونساءه والمؤمنين للصلاة مرة أخرى جماعة.
فكان يصلي من الليل، ثم يكون مع أهله، ثم يتسحر، ثم ينتظر صلاة الفجر، فيصلي سنة الصبح في البيت، ثم يخرج لصلاة الفريضة جماعة في المسجد.
كما كان ﷺ يكثر من الصدقة في رمضان على الفقراء والمساكين، ويزيد صدقاتهم في رمضان عن غيرها، حتى وصفه الصحابة رضوان الله عليهم في صدقته في رمضان، كأنه الريح المرسلة، من كثرة نفقته، ومسارعته بمواساة الفقراء والمساكين في هذا الشهر الفضيل.
الاعتكاف في العشر الأواخر
من بين الأمور التي تميز أيضا حياة الرسول في رمضان أن النبي ﷺ كان يعتكف في المسجد في العشر الأواخر في رمضان، ولما كان آخر عام في حياته – ﷺ- اعتكف عشرين يوما، وكان يجتهد في هذه العشر ابتغاء إصابة ليلة القدر، كما ورد عنه ﷺ قوله:” تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان“، وكان يقول لأصحابه: ” أرى رؤياكم قد تواطأت في العشر الأواخر، فمن كان متحريا، فليتحرها في العشر الأواخر.
ولعل أبرز ميزات حياة الرسول في رمضان، أنه كان يحب كثرة الدعاء فيها، كما في سنن الترمذي عن عائشة – رضي الله عنها -: قالت: «قلت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر، ما أدعو به؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني.
وكان يوقظ أهله في العشر الأواخر للاجتهاد في العبادة لا يتركهم ينامون، كما أخرج الترمذي بسنده عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: «أن النبي – ﷺ- كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان.
ومن ميزات حياة الرسول في رمضان أنه كان ﷺ يضرب القدوة للزوج أن يكون حريصا على طاعة أهله لله تعالى، لا أن يكون حريصا على طعامهم وشرابهم ومنامهم وجميع شؤون دنياهم، ثم يتركهم ودينهم، وقد قال ربنا سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]