إضافة العيد للأضحى إضافة تشريفة وتعظيمة لشعيرة الأُضحية التي تعد أفضل الأعمال والقربات التي تقع في أيام عيد الأضحى وأجلها، وتذكيرا بما قام به خليل الرحمن إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام من التضحية في سبيل طاعة الله تعالى والتقرب إليه سبحانه وتعالى، حتى أبقى الله تعالى ذكرهما وجزاهما أجر المحسنين. ويتناول هذا المقال مجموعة من أحاديث الأضحية الصحيحة وشروط وأحكام الأضحية، وهي من السنن الثابتة التي يطمئن لها القلوب، وتغني عن الأخبار الواهية التي تنقل في الباب لبعدها عن الصحة والاعتبار، والالتزام بالهدي النبوي الصحيح في جميع الشؤون من شيم المفلحين لا سيما في الاعتقادات والعبادات مثل نسك الأضحية[1].
أحاديث الأضحية في السنة النبوية
أمر النبي بالأضحية
قد أمر النبي ﷺ بالأضحية كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد. فقال عليه الصلاة والسلام: “أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء بين عورها، والمريضة بين مرضها، والعرجاء بين ظلعها، والكسير التي لا تنقى”. وضحى عليه الصلاة والسلام بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده الشريف، وقال ﷺ مرشدا: “كلوا لحوم الأضاحي وأطعموا وادخروا”.
ثم إليك محصل مجموع الأحاديث الصحيحة الواردة في الأضحية وهو على ثلاثة أقسام:
أحاديث صحيحة في المضحي
1. حكم المضحي إذا أخذ من شعره: عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي ﷺ قال: “إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئا. الأقرب في حق المضحي إذا أهل عليه هلال ذي الحجة أنه يستحب له الإمساك عن أخذ من الشعر والظفر ولا يجب، لأن حكم الأضحية أصلا سنة مؤكدة للمقتدر، ولأن الحديث مختلف في رفعه ووقفه وإن كان الرفع أصح.
2. اشتراك السبعة في البدنة والبقرة: عن جابر بن عبد الله قال: “نحرنا مع رسول الله ﷺ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة”. دل الحديث على جواز الاشتراك في البدنة – وهي الناقَة – والبقرة عن سبعة مطلقا، سواء كلهم من أهل بيت واحد أم لا، أو بعضهم يريد اللحم وبعضهم مريد الأضحية على الصحيح.
3. جواز اشتراك العشرة في البدنة: وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فحضر الأضحى، فاشتركنا في الجزور، عن عشرة، والبقرة، عن سبعة”. وقد قال بجواز إجزاء البدنة عن العشرة جماعة من أهل العلم، كسعيد بن المسيب وإِسحاق بن راهويه وابن خزيمة والشوكاني لظاهر حديث الباب.
4. الاشتراك في ثواب الأضحية: عن جابر بن عبد الله، قال: شهدت مع رسول الله ﷺ الأضحى بالمصلى، فلما قضى خطبته نزل من منبره وأتي بكبش فذبحه رسول الله ﷺ بيده، وقال: “بسم الله، والله أكبر، هذا عني، وعمن لم يضح من أمتي”.
في هذا الحديث دليل على أن الشّاة الواحدة تجزئ عن المضحي وعن أهله وعن من شاء مهما كان عددهم، وقد بوب عليه أبو داود في باب:” الشاة يضحى بها عن جماعة” أي في الثواب.
أحاديث صحيحة في المضحى به
1. ما هي أفضل الأضاحي؟ حديث أنس: “أن النبي ﷺ كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين”. يستفاد من الحديث أن أفضل الأضحية من جنس الغنم الكبش فحل الضأن، لمواظبة النبي عليه الصلاة والسلام على التضحية به، بل ذهب المالكية وبعض أهل العلم إلى أن الكبش أفضل ما يضحى به مطلقا لهذا الحديث، خلافا للجمهور القائلين بأن البدنة أفضل الأضاحي.
2. صفات الأضاحي: عن عائشة رضي الله عنها: “أن رسول الله ﷺ أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد، فأتي به ليضحي به.
وعنه أيضا رضي الله عنهما “أن رسول الله ﷺ كان إذا ضحى، اشترى كبشين عظيمين سمينين أملحين أقرنين موجوءين”. وترشد هذه الأحاديث الصحيحة النبوية إلى بعض الصفات الحسنة في المضحى به، وهي:
- أن يكون بياض الأضحية أكثر من السواد.
- أن يكون له قرنين.
- أن تكون قوائمه سودا.
- أن يكون سواد في بطنه.
- أن يكون سواد في أطراف عينيه.
- أن تكون سمينة.
- أن يكون ثمينا، أي الغالى ثمنا.
- أن تكون مسنَّة – هي الثنية – فما فوقها، أو جذعة من الضأن – ما أتم ستة أشهر – فما فوقها.
3. العيوب المانعة من الإجزاء: عن علي رضي الله عنه قال: “أمرنا رسول الله ﷺ أن نستشرف العين والأذن”. وعن البراء بن عازب قال: سمعت رسول الله ﷺ – وأشار بأصابعه -، وأصابعي أقصر من أصابع رسول الله ﷺ، يشير بأصبعه يقول: “لا يجوز من الضحايا: العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي”.
أحاديث صحيحة في أحكام الذبح
1. مكان ذبح الأضحية:عن ابن عمر “أن النبي ﷺ كان ينحر، أو يذبح بالمصلى. ولذا كان ابن عمر يذبح أضحيته بالمصلى يوم النحر تأسيا بالهدي النبوي. وقال النووى: “محل التضحية موضع المضحي سواء كان بلده أو موضعه من السفر بخلاف الهدي فإنه يختص بالحرم”.
2. وجوب الإحسان في التذكية: عن شداد بن أوس، أن النبي ﷺ قال: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته. دل الحديث على وجوب الإحسان إلى الذبيحة، وفيه دلالة كذلك على كيفية ذبح الأضحية وهي: أن تكون الآلة الذابحة حادة واجتناب آلة غير قاطعة، ووجوب شحذها عند الذبح إراحة للذبيحة.
3. بداية وقت الذبح: عن البراء بن عازب قال: سمعت النبي ﷺ يخطب فقال: “إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل هذا فقد أصاب سنَّتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله، ليس من النسك في شيء”. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: “من ذبح قبل الصلاة، فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمَّ نُسكُه، وأصاب سنة المسلمين.
4. ذبح الأضاحي قبل الإمام: وعن جابر بن عبد الله قال: “صلى بنا النبي ﷺ يوم النحر بالمدينة فتقدم رجال فنحروا، وظنوا أن النبي ﷺ قد نحر، فأمر النبي ﷺ من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي ﷺ”.
5. المضحي يذبح بنفسه: قال جابر بن عبد الله: “أنه ﷺ أهدي مائة بدنة، فنحر منها بيده ثلاثا وستين”.
6. جواز التوكيل في ذبح الأضحية: عن علي بن أبى طالب قال: “أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها”.
7. عدم جواز إعطاء الجزار من اللحم عوضا عن الأجرة: عن علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال: “أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بدنه، … وأن لا أعطي الجزار منها”، قال: “نحن نعطيه من عندنا”.
8. مصرف الأضحية: عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “كلوا وأطعموا وادخروا. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: “كلوا وادخروا وتصدقوا”.
هذه هي الأحكام والأحاديث الصحيحة المتعلقة بشعيرة الأضحية، والتي ينبغي على المسلمين الالتزام بها لتحقيق القبول والتقرب إلى الله تعالى بهذه الشعيرة العظيمة.